تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

اختصاصي علم نفس الطفل والمراهق

يحكى الكثير راهنًا عن طبيب نفس الطفل والمراهق Pédopsychiatre، واختصاصي علم نفس المراهق والطفل Pédopsychologue. وعند مفترق كل مشكلة يواجهها الأهل مع أبنائهم الأطفال أو المراهقين تسدى إليهم نصيحة بضرورة استشارة اختصاصي نفسي لا سيما في علم نفس الطفل والمراهق، فهو القادر على فك الغاز الاضطرابات النفسية التي يواجهها الطفل أو المراهق، ومعالجتها.
فما هو الفارق بين طبيب نفس الطفل والمراهق Pédopsychiatre واختصاصي علم نفس الطفل والمراهق Pédopsychologue؟

طبيب نفس الطفل والمراهق هو طبيب نفسي، درس في البداية الطب العام ثم تخصص في الطب النفسي، ثم تابع اختصاصًا محددًا مرتبطًا بالمشكلات النفسية التي يواجهها الأطفال والمراهقون، وهو الوحيد المخوّل وصف دواء للطفل أو المراهق الذي يعاني اضطرابًا نفسيًا حادًا، قد يكون سببه اضطرابات فيزيولوجية. ويعمل طبيب نفس الطفل بالتعاون مع أساتذة المدرسة وممرضيها والمحلل النفسي فيها، وعمومًا مع التربويين.
أما اختصاصي علم نفس الطفل والمراهق فهو مجاز في علم النفس(السيكولوجيا)، اختصاصه علم نفس الطفل والمراهق. وهو ليس طبيبًا  وليس مخوّلاً وصف دواء. وظيفته القيام باختبارات نفسية للطفل من بينها اختبارات الحاصل الذكائي ودرس الشخصية، مما يسمح له بفهم الصعاب التي يواجهها الطفل، وبالتالي القيام بجلسات علاج تعتمد على التحليل النفسي، الأمر الذي يساهم في التخلّص من الصعاب التي يواجهها الطفل .

- أي من الاختصاصيين على الأهل استشارته عندما يلاحظون أن طفلهم يعاني مشكلة نفسية؟
عندما يواجه الطفل صعوبة نفسية تسبب له اضطرابًا، على الأهل استشارة طبيب الأطفال الذي يقوم بدوره بتقويم المشكلة وينصحهم بما إذا كان من الضروري استشارة طبيب نفس الطفل أو اختصاصي علم نفس طفل. فضلاً عن أنه إذا كان في المدرسة اختصاصي علم نفس طفل قد ينصحهما ما إذا كان من الضروري استشارة طبيب نفس الطفل، أم لا، فهذا يعود إلى نتائج التقويم النفسي الذي يجريه للطفل.

- متى يجب استشارة طبيب نفس الطفل والمراهق؟
يتدخل طبيب نفس الطفل والمراهق عند وجود مشكلات عدة وحادة عند الطفل: اضطرابات في  اللغة، نشاط مفرط، اضطرابات الوسواس القهري، مرض التوّحد... كما يمكنه معالجة اضطرابات محددّة تظهر في مرحلة المراهقة: أنوركسيا، بوليميا، انهيار عصبي حاد. ولكنه يمكنه أيضًا إرشاد الأهل وإعطاؤهم النصائح عن صعاب محدّدة يواجهها المراهق أو الطفل.

- ما هي إجراءات معاينة طبيب نفس الطفل والمراهق واختصاصي علم نفس الطفل والمراهق؟
في البداية يستمع الاختصاصي إلى مخاوف الأهل والأمور التي تقلقهم ويقوّم تطور الطفل النفسي، وكذلك الصعاب الطارئة التي يواجهها. ويخضع الطفل لاختبارات نفسية ليحدد المشكلات التي يعانيها، ولكن ليس بالضرورة أن تكشف هذه الاختبارات الأسباب. لذا من المهم أن يلتقي الاختصاصي الوالدين ويتحدّث إلى كل واحد منهما على حدة ليتكلما على طفلهما. وعند الحاجة قد يطلب الاختصاصي الالتقاء بباقي أفراد العائلة، ليحدد المشكلة ويبيّنها. كما يستعمل وسيطًا يكون رسومًا، وألعابًا، وموسيقى... مما يسمح بتأسيس تواصل وفي الوقت نفسه يسمح للطفل بالتعبير عن نفسه بطريقة غير مباشرة، وبمفرداته الخاصة ومخيلته.
وخلال مرحلة التقويم يقرر الاختصاصي العلاج المناسب. وفي بعض الحالات يستغرق العلاج بضع جلسات، يستحضر المشكلة ويحدد الأسباب مما يوضح الحالة ويزيل الآلام. وفي حالات أخرى يقترح الاختصاصي علاجًا نفسيًا طويل الأمد يمتد من أسابيع إلى أشهر عدة، تتخللها جلسات منفردة أو جماعية مع العائلة، وإذا كان الاختصاصي طبيب نفس الطفل والمراهق، يمكنه وصف دواء، ولكن العلاج بالأدوية يكون استثنائيًا بحسب الحالة وتطوّرها. كما يمكنه أن يصف جلسات علاج مع اختصاصيين آخرين، مثل اختصاصي تقويم النطق أو اختصاصي نفس حركي، بحسب الحالة. أما إذا كان الاختصاصي اختصاصي علم نفس الطفل والمراهق فإنه ينصح الأهل بطلب مساعدة طبيب نفس طفل إذا وجد أن حالة الطفل تستوجب علاجًا بالأدوية.

- ماذا يفعل الأهل إذا رفض الطفل زيارة اختصاصي نفسي؟
يمكن الطفل أن يرفض زيارة اختصاصي علم نفس طفل أو طبيب نفس طفل، ويمكنه أن ينكر وجود مشكلة لديه، ربما لأنه يخاف من نتائج العلاج أو لأنه يجد في الحالة التي هو فيها أمورًا حسنة يستفيد منها، كأن يحوز اهتمام أهله أو أنه يحصل على امتيازات أكثر من أخوته. لذا لا يجوز أبدًا إرغام الطفل أو المراهق على الخضوع للعلاج النفسي، بل الأفضل أن يعرف الأهل سبب رفضه، فبذلك تزال العقبات وتشجع الطفل على التكلم وهذا هو الأساس في العلاج. وفي بعض الأحيان يمكن الأهل أن يطلبوا استشارة نفسية لهم بحضور الطفل، فهذا الحل يسمح له بالتدخل حين يشاء ويدرك أثر اضطراباته السلوكية في العائلة.

- من الملاحظ ارتفاع نسبة الأهل الذي يرتادون عيادة طبيب نفس الأطفال لاستشارته. ما هي الأسباب؟
لأن الأهل صاروا أكثر وعيًا واطلاعًا، ومدركين للمشكلات التي يواجهها أبناؤهم سواء كانوا أطفالاً أو مراهقين، لذا فإن استشارة اختصاصي نفس أصبحت سهلة، و لا يتردد الأهل في طلبها عندما يلاحظون أن طفلهم يواجه صعوبة ما أو لمجرد طرح بعض الأسئلة التي يعجزون عن إيجاد أجوبة لها. لذا يلاحظ أن بعض الأهل يزورون العيادة النفسية مرة واحدة. فضلاً عن أن للمدرسة والطبيب دورًا في نصح الأهل باستشارة اختصاصي نفسي.

- ما هي أكثر المشكلات النفسية شيوعًا بين الأطفال والمراهقين؟
المشكلات التي تستوجب استشارة اختصاصي عديدة منها: اضطرابات في النوم والغذاء، صعاب مدرسية، مشكلات سلوكية، عدائية وتأخر في اللغة... ولكن يستشير الأهل الاختصاصي أيضًا عندما يلاحظون تغيرًا مفاجئًا في سلوك طفلهم، مثل حزن عميق لا سبب ظاهر له، أو تغير في محيط الطفل الاجتماعي.

- يحكى اليوم الكثير عن موضوع الاضطرابات النفسية عند أطفال هل هناك زيادة في نسبة الأطفال المصابين بالاضطرابات لنفسية؟
الاضطرابات النفسية هي نفسها ولكن الملاحظ أن عدد الأهل الذين يأتون إلى العيادة النفسية للاستشارة ازداد مرتين. وهناك سببان لهذه الزيادة، الأوّل أن الأهل أصبحوا مطّلعين على المعلومات حول المشكلات النفسية التي يواجهها الأطفال والمراهقون من خلال مطالعتهم المجلات المختصة ومشاهدتهم البرامج التلفزيونية التي تتناول مشكلات الطفل والمراهق النفسية مثل النشاط المفرط  والوسواس القهري والاضطرابات التي يسببها قلق الامتحانات المدرسية، وعلاقة الأهل بأبنائهم. أمّا السبب الثاني فهو أن الأهل المعاصرين أصبحوا أكثر وعيًا بأهمية استشارة الاختصاصي النفسي الذي بدأت الصورة النمطية عنه تزول، فليس كل من يزور الاختصاصي النفسي يعتبر مجنونًا أو لديه مشكلة عقلية.

- كيف يشرح الأهل خطوة الذهاب إلى طبيب نفسي أو اختصاصي علم نفس لطفلهم؟
قبل استشارة اختصاصي، من الضروري أن يشرح الأهل لطفلهم لمَ عليه زيارة اختصاصي نفسي. فمن الأفضل ألا يكوّن لديه شعور بأنه وحيد، وأن يقولوا له إنهم يكترثون لأمره كثيرًا وطلبوا مساعدة اختصاصي، كي يحلّوا مشكلة تواجه كل العائلة الذي هو فرد منها. كما عليهم أن يشرحوا له أن زيارة اختصاصي تسمح له بالبوح بأسراره لشخص حيادي لن يبوح بها لأحد، لأنه خاضع لشرف المهنة. فهذا الاختصاصي يمكنه مساعدة كل فرد في العائلة في فهم ما يحدث له والسيطرة على الصعاب والآلام التي يواجهها. وبعد أوّل زيارة للاختصاصي على أن الأهل أن يتأكدوا أن اللقاء الأوّل كان جيدًا وأن طفلهم يشعر بالثقة. وكذلك عليهم أن يؤكدوا لطفلهم أنه إذا لم يرتح إلى هذا الاختصاصي، فإنهم سيبحثون عن آخر يشعر معه بالراحة والطمأنينة. 

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078