لطفلك قدرة إبداعية لافتة... كيف تكتشفينها؟
غالباً ما يكون لدى الطفل قدرات إبداعية لافتة تزول مع الوقت عندما لا يعمل الأهل على تنميتها لتبرز وتتطور أكثر.
استناداً إلى نظرية الاختصاصي في علم النفس هاورد غاردنر، فإن لكل طفل 7 أنواع من الذكاء والقدرات، بمعدلات مختلفة، ومن المهم العمل على تنمية ما هو بمستوى أعلى منها لتتطور بشكل أفضل حتى لا تزول.
الاختصاصية في علم النفس في منظمة «حماية» شاريل غزال أكدت هنا أهمية ترك الحرية للطفل ليبدع وينمّي قدراته الفكرية، مشددةً على أهمية التوازن في حياته، وعلى تفاصيل كثيرة تُحدث فارقاً كبيراً.
- من هو الطفل الذي يتمتع بقدرة إبداعية؟
نؤكد أن طفلاً يتمتع بقدرة إبداعية عندما يلاحظ أنه يستخدم أغراضاً بغير هدفها الأساسي، ومغايرة للغايات التي صُنعت من أجلها. كما يلاحظ أنه يبتكر شيئاً جديداً من أغراض موجودة أصلاً أو ألعاب لديه.
- هل تلاحظ هذه القدرة الإبداعية في سنّ معينة؟
يمكن أن نلاحظ هذه القدرة الإبداعية والتميز لدى طفل ما إن يبدأ باللعب بمفرده وهو في سن 3 أو 4 سنوات. عندها يكون قد أصبح قادراً على تحريك الأغراض بيديه وعلى التحكم بهما جيداً.
يمكن أن يلاحظ الأهل عندها أو الاختصاصيون أنه يتمتع بنوع معين من الذكاء اللافت، وأنه قادر على الابتكار والإبداع.
- ما المقصود تحديداً بالقدرة الإبداعية؟
لا بد من التوضيح أولاً أنه وفق الاختصاصي في علم النفس هاورد غاردنر، ثمة 7 أنواع من الذكاء لدى كل شخص، وتتجلّى هذه الأنواع بمستويات مختلفة لديه.
لكن من خلال التجربة والمحيط الذي يعيش فيه الإنسان، قد تتطور إذا أُفسح لها المجال، أو على العكس يمكن أن تزول وتختفي ولن تنمو أبداً، خصوصاً إذا تم الحد من حريته ومن قدراته في محيطه. أما أنواع الذكاء السبعة فهي:
أولاً: الحساب Logical- Mathematical
ثانياً: الذكاء اللغوي والتعبير Linguistic
ثالثاً: الذكاء الجسدي Body-Kynesthetic
رابعاً: الذكاء النظري Visual-Spatial
خامساً: العلاقة مع الذات والتحليل intrapersonal
سادساً: العلاقة مع الآخر Interpersonal
سابعاً: الذكاء المرتبط بالموسيقى Musical-Rythmic
- ما الذي يحد من هذا الذكاء والقدرة الإبداعية عند الطفل؟
في الدرجة الأولى، وبعكس ما يتصور كثر، يعتبر وقت الفراغ مهماً بالنسبة الى الطفل. فعدم وجود أوقات فراغ في حياة الطفل، يحدّ من قدراته الإبداعية، ذلك أن هذه الأوقات تعطيه مجالاً ليملّ ويبتكر ويخترع أموراً جديدة، وهذا هو المطلوب.
أيضاً الأجهزة الالكترونية والتلفزيون تحدّ من قدراته الإبداعية إذ تجعل دماغه في حالة ركود فلا يعود يملك الوقت للاختراع.
- ثمة وجهتا نظر في هذا المجال، إذ يقول البعض إن الإكثار من النشاطات للطفل يساهم في تنمية ذكائه وزيادة قدراته الإبداعية، فيما يقول البعض الآخر إن الطفل يحتاج إلى الهدوء في حياته ليبتكر، ما الأصح؟
الصحيح هو أن التوازن في حياة الطفل مطلوب. لا بد من تحقيق التوازن بين الأنشطة، وعلى الأهل أن يحسنوا اختيار المجالات التي تسمح باكتشاف قدرات الطفل الفكرية. الأنشطة مطلوبة، لكن في الوقت نفسه يجب أن يُتاح للطفل المجال ليبتكر من خلال وقت الفراغ الذي يُترك له.
لكن هذا لا يعني أننا ننصح بترك الطفل جالساً معظم الوقت في المنزل، فهذا أيضاً يسيء إليه ويحدّ من قدراته، مما يؤكد أن التوازن مطلوب فعلاً. ويُنصح أيضاً بأن يترك المجال مفتوحاً للطفل لكي يلعب بمفرده، وقدرته هذه ليست إلا دليلَ ذكاءٍ لديه.
- إلى أي مدى يحد التلفزيون والأجهزة الالكترونية من ذكاء الطفل وقدراته الإبداعية؟
صحيح أن التلفزيون والأجهزة الالكترونية تحدّ من ذكاء الطفل ومن قدراته الفكرية، لكنْ ثمة أمور أخرى تلعب دوراً في ذلك أيضاً. بشكل عام، من المهم للأهل ألا يحدّوا من حريته، وأن يميلوا إلى الاعتدال في هذه الأجهزة الالكترونية المتاحة للطفل حتى لا تؤثر سلباً فيه.
- ما الخطوات التي قد تترك أثراً إيجابياً في قدراته الفكرية والإبداعية؟
ثمة نصائح يمكن أن تُعطى للأهل، وقد تبين أنها تساعد على زيادة القدرة الإبداعية عند الطفل:
• عندما يرسم الطفل، يُنصح بمناقشة الرسم معه وتصحيح الأمور الخاطئة ليتابع هو النشاط بمفرده بطريقة مختلفة بدلاً من الاكتفاء بتشجيعه.
• يجب عدم المقارنة بينه وبين غيره من الأطفال، وألا نركز على نقاط ضعفه، لأن هذا يحدّ من قدراته الإبداعية.
• يجب مناقشته في كل التفاصيل، لأن ذلك يساعده على التعبير، سواء في ما يفعله أو في ما يرسمه. فالأهم هو إظهار الاهتمام بما يرسمه مثلاً أكثر من الاهتمام بالنتيجة. فبهذه الطريقة يمكننا مساعدته على التعبير.
• يجب أن يلعب بمفرده. عندما يلعب الأهل مع الطفل، يجب أن يتركوه يضع القواعد بنفسه وعدم الحدّ من حريته.
• يجب عدم القيام بفروض الطفل العملية بدلاً منه.
• يجب الاهتمام بالطريقة بدلاً من التركيز على إنجازات يحققها الطفل.
ليس ضرورياً أن يلعب الطفل بالألعاب كما هي، وأن نُلزمه بذلك، بل يجب ترك الحرية له ليبتكر فيها كما يريد ويرغب. مثال على ذلك، قد نضع قلماً في متناول يديه ونفسح في المجال لمخيلته لكي يتصوّره بخلاف ما هو عليه ولاستعمالات أخرى، مما يترك أثراً إيجابياً في مخيلته ويطوّر قدراته الإبداعية.
حيلة جديدة للأهل: يمكن ابتكار زاوية خاصة للطفل في المنزل للاختراع والإبداع بلا حدود، فتوضع فيها الألعاب وتُترك له الحرية فيرسم ويلوّن كما يريد.
- إلى أي مدى يعكس الرسم معدل الذكاء لدى الطفل كما يقول الاختصاصيون؟
مما لا شك فيه أن للرسم دوراً مهماً في ذلك إذ يساعد الطفل على تفريغ ما لديه من مشاعر وقدرات ورغبات ومخاوف.
وقد تبين أن الرسم كما التلوين يرتبطان بالقدرة الإبداعية عند الطفل، إضافة إلى أمور أخرى قد لا يعيرها الأهل اهتماماً كفك الألعاب وتركيبها والأعمال اليدوية ووسائل عدة أخرى للتعبير عن قدراته.
- هل النتائج المدرسية ترتبط بقدرات الطفل الفكرية والإبداعية؟
النتائج المدرسية ليست أبداً معياراً. المدرسة لا تقيّم الطفل وقدراته، ولا تسمح باكتشاف أنواع الذكاء المختلفة لديه.
- هل للعامل الوراثي مكان في قدرة الطفل الإبداعية؟
يُرجّح أن يكون هناك جزء وراثي في القدرة الإبداعية للطفل، وجزء آخر يعتمد على الخبرة في الحياة والمحيط. فبقدر ما نعرّض الطفل للتجارب والأنشطة المتنوعة التي تنمّي القدرات التي يملكها، فإننا نزيدها بشكل واضح لتبرز أكثر فأكثر مع الوقت.
- هل يمكن أن يكون لدى الطفل قدرات إبداعية لا تظهر وتزول مع الوقت؟
قد يملك الطفل في كثير من الأحيان قدرة إبداعية نحدّها ولا نتيح له المجال لتنمو أكثر فتبقى في مكانها أو تزول. لذا، يجب ترك الحرية للطفل لينمّي قدراته، وأن نتجنب الحد منها حتى لا تزول.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024