تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

تجربة شخصية مع سرطان الثدي... السيدة ليلى عجم

خلف كل تجربة تعيشها مريضة سرطان الثدي حكاية. يختار البعض الاختباء والتستر عن الموضوع، فيما يفضل البعض التحلي بالشجاعة وإخبار قصة تتحوّل إلى رسالة تساعد كل من يقع في هذه التجربة وترشده ليتخطى هذه المرحلة الصعبة بضرر أقل. السيدة ليلى عجم عاشت تجربة المرض وتخطتها محافظةً على نشاط وحيوية لطالما تحلّت بهما. في هذه السطور، تروي قصتها مع المرض.

لم تفكر السيدة ليلى عجم في أنها قد تصاب بالمرض كونها من النساء اللواتي يمارسن الرياضة ويتبعن نظاماً غذائياً صحياً يستند إلى الأطعمة العضوية. كما أنه لا وجود لحالات سرطان ثدي في عائلتها، مما لا يجعلها عرضة للمرض. أيضاً، إن حياتها المفعمة بالنشاط وحيويتها الدائمة من الأمور التي كانت تبعد احتمال الإصابة بالمرض عنها. وتؤكد السيدة عجم أنها تحافظ على نفسها كثيراً وتحرص على إجراء الفحوص اللازمة لها بشكل روتيني «كنت أجري الصورة الشعاعية للثدي Mammography سنوياً وأجريتها  في شهر كانون الثاني/يناير 2006 كالعادة في كل سنة دون أن أشعر بشيء . كما أنه لا حالات سرطان ثدي في عائلتي حتى أفكر أن المرض قد يصيبني. كان بالي مطمئناً عندما كنت أجري الفحص، خصوصاً أني نشيطة جداً وأملك الكثير من الطاقة بما لا يسمح بالشك. حتى أن طبيبي كان قد أجرى لي الفحص في العيادة ولم يشعر بأي خلل.لكن عندما أجريت الصور  الإشعاعية للثدي، ظهر ورم في الثدي وقيل لي أنه يجب أن أجري صورة صوتية. عندها استغربت الأمر، لكني لم أعره أهمية واعتقدت أنه مجرد اهتمام زائد. بعدها طلب مني أخذ خزعة. لكن حتى عندها لم أرتعب لأن فكرة المرض لم تراودني أبداً». إلا أن نتيجة الخزعة بعد عشرة أيام جاءت مخالفة لتوقعات السيدة عجم، وجاء الخبر كالصاعقة عليها. فقد تبين أن ثمة ورماً سرطانياً في الثدي الأيمن وأن المرض في مرحلته الثالثة.
وتقول السيدة عجم عن وقع الخبر عليها» في الفترة الأولى كنت أشعر بأن هذا حلم وليس حقيقة. فكنت متوترة طوال النهار وأستيقظ  ليلاً مرتعبة من نومي ظناً انه كابوس يراودني. كنت أقول لنفسي طوال الوقت إن هذا لا يمكن أن يكون حقيقة نظراً الى نشاطي الدائم وحرصي على صحتي. لم أكن مقتنعة بالفكرة في البداية، لكن كان لا بد لي من تقبل هذه الحقيقة لاحقاً، علماً أن نوع الورم الذي كان لدي نادر يعيش في شرايين الثدي دون أن يكون ملموساً.
وأما مرحلة العلاج والمرض، فكانت صعبة في مراحل معينة، لكن توافر العلاجات التي تسمح بتخفيف حدة الأعراض الناتجة عن العلاج الكيميائي سمح بتسهيل الأمور على السيدة عجم التي لم تفكر يوماً في الموت طوال فترة العلاج التي خضعت فيها لثماني جلسات من العلاج الكيميائي و36 جلسة من العلاج بالأشعة. «لم أفكر يوماً في أني قد أموت بل اعتبرت نفسي رسالة للعالم ودخلت بيوت الناس لهذه الغاية ولأساعد كل امرأة تعيش تجربة مماثلة . ما ساعدني أكثر، أن الكل وقف بجانبي ودعمني وكنت أفرح أكثر بأشخاص لا أعرفهم يسألون عني لأنهم سمعوا عن مرضي. لم أخفِ شيئاً ولم اختبئ لأن المرض ليس أمراً نخجل منه. كما أن عائلتي وقفت بجانبي وكان أفراد عائلتي يعاملونني كما لو لم أكن مريضة فيحرصون على أن أعتمد على نفسي كالعادة كأن لا مشكلة لدي».
وخلال هذه المرحلة حرصت السيدة عجم أيضاً على جمال مظهرها وطلّتها، فوضعت الوشاح (الإيشارب) بستايل جذاب ومميز، حيث كانت تقصد مزين الشعر ليضعه لها بشكل مميز. ورغم تساقط حاجبيها أيضاً، حرصت على وضع الماكياج أيضاً بطريقة مميزة وناعمة، حتى يبدو وجهها مرتاحاً. وعن هذا الجانب تقول: «لم أشأ أن يشفق علي أحد لأني أعتبر أن شفقة الناس أصعب ما في المرض».
أما أولادها فوقفوا بجانبها ودعموها في كل الأوقات حتى لا تشعر بالضعف أمام المرض وقد يكون هذا سر حيويتها وقوتها في مواجهته.
أما الآن فلا تزال تتبع علاجاً لتجنب عودة المرض لفترة خمس سنوات بقيت منها سنة واحدة وتخضع لفحوص روتينية كل 4 أو 6 أشهر. وصارت حريصة أكثر على صحتها بعدما عاشت هذه التجربة.


التجربة في لحظات

- ما أصعب لحظات في مرحلة المرض؟
هي اللحظات التي أكون فيها بكامل نشاطي وحيويتي وأذهب لتلقي العلاج وأنا أعرف ما سيصيبني بعدها من أعراض وعذاب. وكنت أعيش هذه اللحظات الصعبة قبل كل جلسة وكأني ذاهبة الى المرض بنفسي.

- ماذا علّمتك تجربة المرض؟
علّمني المرض الإيمان بالله باستمرار. كما عرفت أن المرض رسالة من الله.

- من كان الأقرب إليك في هذه المرحلة؟
زوجي وأمي كانا الأقرب ودعماني كثيراً. فأمي كانت تشعر معي بكل ما أشعر. أما زوجي فكان يعيش لي طوال هذه الفترة ويخصص نفسه لي.

- نصيحة أساسية تسدينها إلى امرأة تعيش التجربة نفسها؟
أنصحها ألا تختبئ وألا تخجل من مرضها. ففي الدنيا أمراض كثيرة اكثر خطورة من سرطان الثدي، كمن يعانون مرض البخل أو مرض الحسد.

- ما أكثر ما كان يفرحك في مرحلة المرض؟
كنت أفرح بأشخاص لا أعرفهم يسألون عني ويطمئنون الى صحتي وأحوالي، خصوصاً في مواعيد جلسات العلاج.


وراء كل شعر مستعار قصة

بدأت قصة لورين عطوي مع مشروعها «One Wig Stand» بالصدفة بعد تجربة إحدى قريباتها مع سرطان الثدي. فالقصة بدأت بشعر مستعار لتتحول إلى مشروع وقصص لنساء عشن التجربة وأخبرن قصصهن مع المرض. فعندما أنهت قريبة لورين مرحلة العلاج، أرادت إعطاء الشعر المستعار الذي اعتمدته في مرحلة المرض لإحدى صديقاتها التي تعيش التجربة نفسها. فشعرت لورين بأن هذا ينشىء رابطاً بين مريضة وأخرى. هكذا كانت البداية لمشروع يخبر قصص مريضات عبر الشعر المستعار بطريقة جذابة ومحببة تخفف عنهن وقع المرض وآثاره النفسية عليهن سواء بالحديث عن المرض أو من خلال الجانب الطريف الذي قد يظهر في قصص معينة مع الشعر المستعار.
اعتمدت لورين هذا المشروع أيضاً لأنه يُرسي روابط حقيقية بين مختلف المريضات اللواتي يختبئن غالباً لإخفاء حقيقة المرض خوفاً من نظرة المجتمع إليه. فمن خلال مشروعها أيضاً تحاول نشر التوعية، لا في الجانب الطبي للمرض بل في جانبه النفسي لكي لا يبقى هذا المرض مصدر خجل ورعب تخجل به كل مريضة وتخشى الإفصاح عنه أمام الآخرين. ولنشر مشروعها أكثر، يشارك مشروع One Wig Stand في معارض وفي حفلات، يتم فيها التعريف عن هدف المشروع ويتم التقاط صور طريفة للحاضرين الراغبين واضعين الشعر المستعار لنشر البسمة على شفاه المريضات اللواتي هن بأمس الحاجة إليها.
وعن مشروعها تقول لورين: «أقابل سيدات يعشن تجربة المرض، لكن حتى الآن يفضلن عدم الإفصاح عن أسمائهن. القصد من المشروع نشر التوعية وتشجيع الكل على التحدث في الموضوع دون خجل. هي رسالة لأني أعرف أن كل سيدة ترتاح الى التحدث عن مرضها وترتاح الى مشاركة الآخرين بتفاصيل تجربتها، خصوصاً أني أعرض القصص على الموقع الإلكتروني على طريقتي بشكل طريف لإدخال الفرح إلى قلب كل مريضة وليتشارك كل من يعيش هذه التجربة من خلال هذه القصص. وخلال حفلات، نلتقط الصور للحاضرين بالشعر المستعار، هي صور طريفة. ونعرفهم عن مشروعنا لنشر الرسالة بين الناس. كل هذه الخطوات تساهم في إبعاد الحزن عن المريضة بشكل أو بآخر. فبهذه الطريقة تشعر كل مريضة بأن هناك من يدعمها ويقف بجانبها. نخبر القصص من خلال الشعر المستعار دون ذكر الاسماء. الشعر المستعار يخبر القصة كلّها».

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079