تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الفنان الكويتي داوود حسين: ابني الأكبر ابتعد عن الفن والأصغر لم يحسم قراره بعد

يعترف بأنه كان يشعر بالخوف الشديد من الإقدام على خطوة عمل فيلم سينمائي كويتي، لكنه أخذ هذه المبادرة مع فيلمه «سرب الحمام» لأسباب عدّة.
الفنان الكويتي داوود حسين يتحدث إلينا عن أعماله الفنية الجديدة، ورأيه في «الزعيم» عادل إمام، وأسباب ابتعاد ابنه حسين عن التمثيل، وعلاقته بالسوشال ميديا، وهواية رسم الكاريكاتير التي تحولت إلى تقليد المشاهير، والعلاقة التي تربطه بـ«التيشرت الأخضر».

        
- ما الذي حمّسك لتقديم الفيلم الكويتي «سرب الحمام»؟
عُرضت عليَّ مراراً المشاركة في عدد من الأفلام الكويتية في الفترة الأخيرة، لكنني كنت أرفض بشدة لخوفي من الإقدام على تلك الخطوة، فأنا أمثّل منذ عام 1977، وجمعت أرشيفاً فنياً كبيراً من الأعمال الدرامية والمسرحيات، ومن حقي أن أخاف من اتخاذ خطوة يمكن أن تؤثر سلباً في تاريخي الفني، لذا كنت متردداً كثيراً في تقديم فيلم سينمائي في الكويت، إلى أن جلست مع المخرج المميز رمضان خسروة، وعرض عليَّ قصة الفيلم، فشعرت أنها تلامس قلبي، لكنني ظللت متردداً بعض الشيء، ولم أحسم قراري إلا بعد أن شاهدت لهذا المخرج الرائع فيلمه «حبيب الأرض»، الذي أُنتج في عام 2015، وصرت أثق فيه بقوّة، وكنت على يقين بأنه سيقدمني بشكل مختلف يضيف إلى رصيدي الفني، وعملت معه كأنني أقف للمرة الأولى أمام كاميرات التصوير، فكان هو أستاذي في موقع التصوير، ورغم صغر سنّه، وجدته يملك رؤية إخراجية، وقادراً على تغيير جلد الفنان وتطويعه بما يتوافق مع الشخصية وأحداث العمل.

- ما الرسالة التي يقدّمها الفيلم للمشاهد؟
الفيلم مستوحى من أحداث واقعية شهدها الشعب الكويتي أثناء الغزو العراقي، وتدور أحداثه في إطار درامي اجتماعي، ونستعرض من خلاله عدداً من القيم الإنسانية والمفاهيم الوطنية، وأجسد فيه شخصية رجل يرأس مجموعة من الأفراد الذين قرروا الدفاع عن وطنهم بعد غزو جيش صدام حسين له، وهي شخصية بعيدة كل البعد من الشخصيات التي قدمتها طوال مشواري الفني، وسيشاهدني الجمهور بشكل مختلف تماماً، فللمرة الأولى أقدم عملاً فنياً يتضمن مشاهد «أكشن» وحمل السلاح.

- تنتقل من خلال العمل إلى منطقة أخرى بعيدة من الأدوار الكوميدية التي حققت من خلالها نجاحات كبيرة في مشوارك الفني، ما السر وراء هذا التحوّل؟
من حقي كفنان أن أقدم مختلف الألوان الفنية، وعدم التركيز على نوع واحد من الأدوار التمثيلية، حتى لو حققت من خلاله نجاحات ضخمة، فالتنوع والتغيير مطلوبان دائماً، وهذا ما ينتظره الجمهور من الفنان دائماً، وهذا أيضاً ما تعلّمته من خلال دراستي في المعهد العالي للفنون المسرحية، وأساتذتي الذين تتلمذت على أيديهم، أمثال سعد أردش وأحمد عبدالحليم والمنصف السويسي رحمهم الله، كما أن هذه التجربة لا تعتبر الأولى في مشواري الفني، والتي أنتقل فيها من الكوميديا إلى مناطق فنية أخرى، بل قدمت قبلها أعمالاً فنية مأخوذة من المأساة اليونانية، وأشعر بأن دخولي في تلك المنطقة الفنية قد صقل موهبتي، وأكسبني المزيد من الخبرات التمثيلية، ولا أنكر أن التراجيديا أسهل بكثير من الكوميديا، لكن التراجيديا في السينما أكثر صعوبة منها في الدراما، ففي السينما يمكن أن تجسد لقطة واحدة في اليوم، وتستكمل باقي المشاهد في يوم آخر، بينما في الدراما الأمر مختلف، لذا تكمن الصعوبة في الفيلم السينمائي في كيفية حفاظ الممثل على الروح واستحضار الإحساس للشخصية، والقدرة على التمثيل بكل جوارحك، لأنني دائماً أقول عبارة «شاشة السينما ضخمة وفاضحة».

- كيف كانت علاقتك بفريق عمل الفيلم؟
أكثر ما يميز هذا الفيلم هو روح المحبة والانسجام التي كانت تجمع بين كل فريق عمله، فكان جو التصوير مرحاً، فرغم أننا كنا نصوّر في جزيرة غير مأهولة بالسكان، ومن الصعب العيش فيها لفترات طويلة، بدونا جميعاً مستمتعين بذلك، الى درجة أنني بكيت عقب تصوير آخر مشهد في الفيلم، لأننا لن نجتمع بعدها مرة أخرى، كما كنتُ وجميع المشاركين في العمل، بداية من صديق العمر الفنان جمال الردهان؛ وصولاً إلى باقي الممثلين أمثال بشار الشطي وأحمد إيراج وعبدالناصر الزاير وفهد العبد المحسن وفاطمة الصفي وبدر الشعيبي، إخوة ويحاول كل منا أن يبعث الطاقة الإيجابية في كل من حوله، حتى ينعكس ذلك على الصورة والمشاهد.

- ماذا تمثّل لك مشاركة الفيلم في الدورة التاسعة والثلاثين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي؟
يعتبر عرض الفيلم للمرة الأولى في مسابقة «آفاق السينما العربية»، ضمن فعاليات هذه الدورة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، نقطة تحوّل في مسيرتي الفنية، ومجرد المشاركة في المسابقة الرسمية في مهرجان القاهرة يعتبر شرفاً وفخراً لأي فنان عربي، بل إن المشاركة وحدها تعتبر جائزة بالنسبة إليّ، فهذا المهرجان من أهم المهرجانات العربية، والتواجد في مصر التي أعشقها وأعتبرها بلدي الثاني، يُسعدني كثيراً، وأتمنى أن أكون قد قدمت فيلماً ذا قيمة فنية، ويحمل رسالة للجمهور، سواء المشاهد الكويتي أو العربي.

- هل ستدفعك تلك التجربة الى تقديم أعمال سينمائية كويتية جديدة؟
سعيد جداً بفيلم «سرب الحمام»، وهو خطوة مختلفة بالنسبة إليّ، وأعتقد أنها استطاعت تبديد الخوف الذي كان ينتابني من المشاركة في أفلام كويتية قبل ذلك، لكن لا بد من أن أجد السيناريو المميز الذي يحمّسني لخوض تجربة السينما مرة أخرى، وفي الوقت نفسه يجب أن يكون مختلفاً وبعيداً كل البعد من دوري في «سرب الحمام»، لأنني أرفض أن أكرر نفسي، وإن وجدت هذا السيناريو فسأوافق عليه بالتأكيد.

- ما سبب ابتعادك عن المشاركة في الأعمال الفنية المصرية لأكثر من عشرة أعوام متتالية؟
مصر هي هوليوود الشرق، ومشاركتي في أعمال فنية، سواء في السينما أو الدراما المصرية، أمر يسعدني وأتمناه دائماً، وأعتزّ كثيراً بمشاركاتي السابقة في السينما المصرية، من خلال فيلمي «عندليب الدقي» بطولة محمد هنيدي، و«على جنب يا أسطى» بطولة أشرف عبدالباقي.
وطوال فترة غيابي، عرض عليَّ عدد من السيناريوات الدرامية المصرية، لكنها جاءتني بالتزامن مع انشغالي بتصوير أعمال فنية أخرى، وأنا لا أحب المشاركة في عملين في الوقت نفسه حتى لا أتشتّت بينهما، بل أفضّل التركيز في عمل فني واحد فقط، وبعد الانتهاء منه أرتبط بآخر، ومعروض عليّ حالياً عدد من المشاريع الفنية المصرية، لكنني لا أستطيع التحدث عن تفاصيل أي منها إلا بعد حسم قراري واختيار الأفضل بينها، وإبرام العقود الخاصة بها.

- من هم الفنانون المصريون الذين تتمنى التعاون معهم؟
«الزعيم» عادل إمام من أهم النجوم المصريين الذين أتمنى العمل معهم، وأعتبر نفسي واحداً من جمهوره، وأعشقه على المستويين الشخصي والمهني، وأحرص على متابعة أعماله الفنية الجديدة كافة، فهو أستاذ كبير استطاع أن يؤسّس مدرسة فنية خاصة به، وتعب كثيراً حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم، لأنه بدأ مشواره من الصفر، وظل مؤمناً بموهبته حتى وصل إلى زعامة الفن العربي، وامتلك قاعدة جماهيرية ضخمة تعشق فنّه، وأشكره لأنه مستمر في إدخال البهجة الى قلوبنا بأعماله الفنية، وأتمنى له دوام الصحة والعافية ومزيداً من النجاحات الباهرة.

- هل من مشاريع فنية جديدة تحضّر لها حالياً؟
معروض عليَّ عدد من المشاريع الفنية، لكنني لم أحسم قراري بعد في شأن أي منها، وكل ما يشغلني حالياً هو فيلمي «سرب الحمام»، وأنتظر ردود الفعل حوله للتأكد من إعجاب الجمهور به.

- ما هي الشروط التي تضعها قبل مشاركتك في أي عمل فني؟
لا أفرض شروطاً أبداً، لكنْ هناك معايير أعتمدها في اختياراتي الفنية، فلا يمكن أن أوافق على المشاركة في عمل فني لا يلمس أحاسيسي ومشاعري، فعندما تكون صادقاً مع نفسك، بالتأكيد سيصل ذلك إلى كل من يشاهد العمل، بمعنى أن ما يخرج من القلب يصل إلى القلب مباشرةً، وهذه هي المعايير التي أسير عليها منذ بداياتي الفنية إلى اليوم، ولا يمكنني التخلّي عنها.

- هل هناك فنانون ندمت على العمل معهم؟
لم أندم على شيء في حياتي، وليس هناك فنانون أرفض العمل معهم، بل هناك فنانون أحب التعاون معهم دائماً، خصوصاً على خشبة المسرح أو في الدراما، لأنهم يساعدونني في تقديم العمل الفني بأفضل شكل ممكن، وأشعر بخوفهم عليَّ ودعمهم لي، وغالبية أعمالي المسرحية والدرامية كانت مع فنانين أحبّهم كثيراً، ولا أريد أن أذكر أسماء حتى لا أغفل أحداً.

- أيّ موقف تعرّضت له في حياتك، يضحكك كلما تذكرته؟
هناك مواقف عدة مررت بها في حياتي ولا يمكن أن أنساها أبداً، لكن أهمها، والذي كلما تذكرته أُصاب بهستيريا الضحك، موقف متعلق بأحد أصدقائي المقربين، والذي يشبهني كثيراً، وكان دائماً يلتقط الصور التذكارية مع المعجبات بصفته أنا، بل وكان في معظم الأوقات يتقمّص شخصيتي، وكنت دائماً أحذّره من مغبّة ذلك، لكن من دون جدوى، وفي أثناء الغزو العراقي للكويت، نُصبت الكمائن في غالبية الشوارع والميادين، وأثناء تنقّله بسيارته أوقفه المسؤول عن أحد الكمائن باعتباره أنا، ولكنه أنكر ذلك، فضربه الضابط، واحتُجز لفترة طويلة عاش خلالها أصعب اللحظات، ومن وقتها تعلّم ألا ينتحل شخصيتي مرة أخرى.

- ما هي هواياتك؟
أحب رسم الكاريكاتير، وهي الهواية التي أمارسها في أوقات فراغي، ونُشر لي في الفترة الماضية العديد من الرسوم الكاريكاتيرية في بعض الصحف الكويتية، لكنني توقّفت عن ذلك منذ فترة، واتجهت إلى الكاريكاتير التمثيلي، من خلال تقليدي الفنانين العرب بأسلوب كوميدي ساخر، وكل الفنانين الذين أقلّدهم أكنُّ لهم المحبة والاحترام والتقدير على المستويين الشخصي والمهني، وهم يعلمون جيداً أن تقليدي لهم لم يكن أبداً بغرض الإساءة إليهم أو التقليل من شأنهم، بل إنه ناتج من محبتي ومحبة الجمهور أيضاً لهم.

- ما هي رياضتك المفضلة؟
أعشق متابعة رياضة كرة القدم، لكن ليس ممارستها، وأشجع فريق العربي الكويتي، وأحرص على مشاهدة كل مبارياته، سواء الرسمية أو الودّية، بل إنني عندما أكون مسافراً خارج الكويت في أي دولة أوروبية، ويخوض فريق العربي مباراة في هذا التوقيت، أحرص طوال فترة المباراة على التواصل مع أهلي لمعرفة النتيجة لحظة بلحظة حتى تنتهي المباراة، فمع فريق العربي أشعر بالارتياح النفسي، ويستحيل ألاّ أشجّع «التيشرت الأخضر»، فأعضاء الفريق في قلبي.

- كيف هي علاقتك بمواقع التواصل الاجتماعي؟
أمتلك حساباً على «إنستغرام» و«سناب شات» فقط، ولا أستخدم «تويتر» أو «فايسبوك»، وأنشر صوري على «إنستغرام»، سواء كانت مع زملائي من الفنانين أو مع أولادي، وأتابع التعليقات عليها، السلبي منها أو الإيجابي، لكنني لا أحب أن يخطئ في حقي أحد، فإذا حصل ذلك، أحذفه فوراً من صفحتي، فعلى متابع صفحتي أن يحترم نفسه قبل أن يحترمني.

- هل يضايقك انتقادك عبر السوشال ميديا؟
لا يضايقني أبداً، لكن مشكلة مواقع التواصل الاجتماعي أنها أصبحت وسيلة يستخدمها الجميع، فهناك أطفال صغار يستخدمون السوشال ميديا، ويدخلون على الصفحات لوضع تعليقات غير لائقة، وأحياناً تكون هناك حسابات وهمية تتعمّد كتابة تعليقات مسيئة، لذلك أفضّل حذفها على الفور.

- هل تأخذ رأي ولديك حسين وعلي في أعمالك الفنية؟
هما يهتمان بمشاهدة أعمالي الفنية الجديدة، ويبديان رأيهما بكل صراحة ووضوح، بعيداً من المجاملة، وتهمني آراؤهما كحرصي على معرفة آراء جمهوري بكل عمل فني جديد أقدمه، وابناي يمثلان رأي شريحة مهمة من الجمهور، وهي فئة الشباب، والتي أحرص على الوصول إليها ومخاطبتها، ومناقشة قضاياها في المجتمع من خلال الفن. وبطبيعتي أهتم بمعرفة آراء كل القريبين مني، سواء أصدقائي أو أهلي وأقاربي، فكل هذه الآراء تضيف إليّ وتدفعني للسير في الطريق الصحيح.

- ما سبب ابتعاد ابنك حسين عن التمثيل؟
دخول حسين عالم التمثيل كان على سبيل التجربة، وقد شاركني من قبل في أحد مسلسلاتي بعد أن أعطيت دوراً لشقيقه الأصغر علي في أحد أعمالي المسرحية، وحقق ابني علي من خلال هذا الدور شهرة في الكويت، فغار منه حسين وطلب مني أن يخوض تجربة التمثيل هو الآخر، وهذا هو سبب دخوله التمثيل في فترة من الفترات، لكنه اليوم يسير في اتجاه معاكس للفن، أما علي فيدرس حالياً تصميم الغرافيك، وبعد أن يستكمل دراسته يقرر ما إذا كان سيعمل في الفن أو يتخصّص في مجال آخر مثل شقيقه الأكبر.        

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079