تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

دعوة من الطب والدين إلى عدم صيام مريض السكري

رغم النصائح الطبية والدينية التي تدعو إلى عدم صيام مريض السكري في شهر رمضان المبارك، تصل نسبة المرضى الصائمين إلى 50 في المئة في ما يتعلّق بمرضى السكري من النوع الأول، وإلى نسبة 80 في المئة بالنسبة إلى المرضى من النوع الثاني. ولأن صيام مريض السكري قد يشكل خطراً على حياته، لا بد من التوعية الصحية والتثقيف من خلال بعض التوصيات التي ترشد المريض الذي ينوي الصيام. مختبرات سانوفي- أفنتس نظمت في بيروت مؤتمراً صحافياً تحدث فيه الاختصاصيان في أمراض الغدد الصماء والسكري أكرم اشتي وابراهيم سلطي. إضافةً إلى الرأي الديني للشيخ وسيم مزوّق من دار الفتوي عن صيام مريض السكري.


د. أكرم اشتي:
انتشار مرض السكري في تزايد واسع ومستمر
تصل أعداد الإصابات بالسكري في العالم إلى 280 مليون مريض، فيما تعتبر النسبة مرتفعة جداً في لبنان، بحسب الاختصاصي اللبناني في أمراض الغدد الصماء والسكري أكرم اشتي الذي أشار إلى أن خطورة المرض في انتشاره السريع وتزايد المستمر، خصوصاً في الدول النامية. ومن المتوقع أن يصل عدد المرضى في العالم إلى 400 مليون، خلال العشرين سنة المقبلة.  ويقول اشتي: «يتشابه مرض السكري مع الكثير من الأمراض الوبائية، وتكمن الخطورة الحقيقية في المضاعفات التي قد تنتج عنه كإصابة شبكة العين والكلى ومشكلات القلب والشرايين وغيرها من الاشتباكات الوعائية. ولأن المضاعفات المرتبطة بمرض السكري تتأثر إلى حد بعيد بنسبة السيطرة على المرض، من المهم التصدي له من خلال الثقافة الصحية والوعي وباتخاذ بعض الإجراءات الأساسية وأهمها:

  • تغيير نمط الحياة واتباع نمط حياة صحي .
  • اتباع نمط غذائي صحي قليل الدهون.
  • ممارسة الرياضة بانتظام.
  • التواصل المستمر مع الطبيب للحفاظ على مستويات طبيعية لمعدل السكر في الدم تجنباً لمضاعفاته.

وتجدر الإشارة إلى أن قلة ممارسة الرياضة والإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالدهون من العوامل التي تساهم في انتشار المرض وارتفاع احتمال الإصابة به.


د. ابراهيم سلطي: نقص الأملاح والسوائل خطر على المريض
رغم التوصيات التي تدعو إلى عدم صيام مريض السكري في شهر رمضان المبارك، خصوصاً في حالات معينة، يصر بعض المرضى على الصيام. وبحسب الاختصاصي في أمراض الغدد الصماء والسكري في الجامعة الأميركية في بيروت ابراهيم سلطي، تصل نسبة مرضى السكري من النوع الأول الذين يصومون في شهر رمضان المبارك، إلى 50 في المئة، فيما تصل نسبة المرضى من النوع الثاني الذين يصومون إلى 80 في المئة، على الرغم من خطورة الصيام في حالتهم. وتعتبر هذه النسب مرتفعة جداً مما يدعو، بحسب د. سلطي إلى التشديد على بعض التوصيات الأساسية في هذه الحال تجنباً لمضاعفات المرض التي قد تنتج عن الصيام، خصوصاً أن نسبة مرضى السكري تزيد في الدول الإسلامية كون معظمها من الدول النامية حيث تزيد نسب الإصابة بالمرض. وفيما تصل نسبة الإصابة بالسكري في لبنان إلى 13 في المئة تصل النسبة في الإمارات إلى 25 في المئة. ويقول سلطي: " من المهم التركيز على بعض الإرشادات الخاصة بمريض السكري  نظراً لخطورة الصيام عليه. علماً أن الكل يؤكد أن لا حرج على المريض، لكن كثراً من المرضى يصرون على الصيام الذي يعتبر نوعاً من التحدي المهم بالنسبة إلى المريض. فإذا كان المريض يعتمد على الأنسولين في علاجه، يعتبر عرضة للهبوط الحاد في معدل السكر في حال الصيام بين 12 و ساعة 14. أما إذا كان لا يعتمد على الأنسولين فالخطر في الارتفاع الكبير في معدل السكر في حال عدم تناول دواء السكر بانتظام. والخطر الكبير في الصيام على مريض السكري في نقص السوائل في الجسم والأملاح، خصوصاً أن الشهر المبارك يحل في هذا العام في فصل الحر، ويشكل النقص في الأملاح والسوائل في الجسم خطراً أكبر على مريض السكري. إضافةً إلى الخطر الناجم عن الإفراط بتناول الأطعمة المضرة في شهر رمضان".

دراسة EPIDIAR وتوصيات واضحة
أجرت اللجنة الاستشارية لرمضان والسكري، بالتعاون مع مختبرات سانوفي-أفنتس، دراسة EPIDIAR التي نشرت عام 2005 وأظهرت أن نسبة 54 في المئة من مرضى السكري من النوع الأول يصومون في شهر رمضان المبارك، فيما تصوم نسبة 86 في المئة من المرضى من النوع الثاني. ومن التوصيات الصادرة في هذا الإطار:

 

أولاً: مرضى السكري من النوع الأول الذين يستحسن ألا يصوموا

  • المريض الذي يتناول 3 أو 4 جرعات من العلاج، خصوصاً إذا كان يعاني السكري غير المستقر أو المتقلب.
  • المريض الذي يستعمل مضخة الأنسولين.
  • المريض الذي يتناول أكثر من 3 أو 4 جرعات من الأنسولين في اليوم ويعاني حالة الإغماء والسبات بسبب ارتفاع السكري أو انخفاضه.
  • المرضى الذين يعانون هبوط مستوى السكر في الدم.
  • المرضى الذين يعيشون بمفردهم والذين لا يجدون من يساعدهم في حال تعرّضهم لجلطة أو لأي مشكلات في الكلى أو في القلب.
  • المرضى الذين يعانون مشكلات متقدمة في القلب والدماغ.
  • النساء الحوامل والمرضعات حتى في حال عدم الإصابة بالسكري.

وتعتبر الخطورة أقل للأشخاص الذين يتناولون الأنسولين أو العلاج بانتظام ولم يتعرضوا لهبوط في مستوى السكر ولا يتناولون أكثر من جرعتين في اليوم. لكن في كل الحالات، من الأفضل ألا يصوموا.


ثانياً: مرضى السكري من النوع الثاني

من الأفضل ألا يصوم مرضى السكري من النوع الثاني في الحالات الآتية:

  • إذا كانوا يعانون قصوراً كلوياً ومشكلات في الشبكية وفي الجهاز العصبي.
  • يعانون حالة الهبوط المفاجئ في معدل السكر في الدم دون أن يشعروا بذلك أي حالة Hypoglycemia Unawareness.
  • من أصيب بجلطة في القلب أو في الدماغ.
  • من عانى من فترة قريبة ارتفاعاً في معدل السكر في الدم أو من كان معدل السكر لديه في بداية الشهر أكثر من 300 أو من يحصل على جرعات عدة من الحقن.


من جهة أخرى، أعطيت التوصيات التي تنصح بعدم صيام بعض الأشخاص حتى إذا كانوا لا يعانون مرض السكري، أو إذا كانوا مرضى السكري يعانون هذه الحالات بشكل أخص:

  • القرحة المعوية خصوصاً إذا كانت حيوية.
  • مشكلات في الكلى.
  • مرضى السرطان.
  • المصابون بأمراض القلب أو من تعرّض لجلطة من فترة قريبة.
  • حالات الاضطرابات العقلية والأمراض النفسية.
  • مشكلات في وظيفة الكبد.

نصيحة أساسية
وفي بعض الحالات، إذا أصر المريض على الصيام، يجب أن يلتزم إرشادات الطبيب، على أن يصوم لأقل فترة ممكنة. هذا مع أهمية توزيع الوجبات بشكل صحي وتخفيف الحركة خلال النهار وممارسة الرياضة ليلاً. كما أنه يجب الامتناع عن تناول الاطعمة التي يحظر تناولها أصلاً خارج الصيام.


توصيات في الأدوية والعلاجات

  • إذا كان العلاج عبارة عن حبة واحدة يجب تناولها في موعد الإفطار.
  • إذا كان العلاج عبارة عن اكثر من حبة في اليوم فيجب تناول الجرعة الكبرى عند الإفطار والأخف عند السحور.
  • يجب أن يستعمل مريض السكري من النوع الثاني الأنسولين المتوسط والطويل المفعول. كما يمكن أن تعطى الجرعة عند الإفطار.


توصيات في أسلوب الحياة

تجنباً لهبوط مستوى السكر في الدم:

  • يجب تناول السحور في وقت قريب من الإمساك.
  • يجب تعديل جدول الأكل بما يتناسب مع الأدوية التي يتناولها المريض.
  • يجب خفض النشاط البدني خلال النهار. لكن من الضروري ممارسة الرياضة الخفيفة بعد ساعة من الإفطار.
  • يجب الاستمرار في النظام الغذائي نفسه كما قبل شهر رمضان المبارك.

 

الرأي الديني في صيام مريض السكري
الشيخ وسيم مزوّق من دار الفتوى: الأنسولين لا يؤدي إلى الإفطار لدى تناوله في الصيام
أشار الشيخ وسيم مزوّق من دار الفتوي الإسلامية في بيروت إلى أن الطبيب الذي يشخّص حالة المريض هو الذي يعطيه النصيحة بالصيام أو بعدمه، بحسب حالته. إذ يجب أن يستشير المريض أهل الاختصاص بهذا الشأن لأنهم مخوّلون إسداء النصائح في هذه الأمور. واستشهد بالآية القرآنية «فاسألوا أهل الذكر إن كنت لا تعلمون». وعلى هذا الأساس يقول الشيخ مزوّق إذا نصح الطبيب مريضه بعدم الصيام، فيجب أن يلتزم بنصيحته لأنه إذا صام وأدى إلى زيادة مرضه، يعتبر هذا إثماً لأنه لم يحفظ نفسه بحسب ما أوصي به. فكل ما يؤدي إلى ضرر بالنفس، يجب تجنبه، وتقول الآية القرآنية «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها». كما أشار الشيخ مزوّق إلى أن الأنسولين لا تؤدي على الإفطار في حال تناولها في فترة الصيام لأنها دواء وليست طعاماً، خصوصاً أن الجسم يفرز هذه المادة. كذلك بالنسبة للمريض الذي لا يستطيع الصيام في رمضان أو في أي فترة أخرى، تقول الآية القرآنية «على اللذين يتيقونه فدية طعام مسكين».
كما تحدّث عن الحامل والمرضعة مشيراً إلى أنهما معفيتان من الصيام إذا كان الصيام يؤذي جنينها أو رضيعها. وفي هذه الحالة يمكن أن تؤدي صيامها في فترة لاحقة.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079