كل السبل للسيطرة على جوعك
لن تجدي كل الحميات الغذائية نفعاً طالما أنك لم تتعلّمي كيفية السيطرة على شبعك. هل تريدين التخلّص من الكيلوغرامات الفائضة؟ أعيدي النظر إذاً في عاداتك.
ماذا نأكل؟
إنه سؤال أساسي لأنه بعد مضغ الأطعمة وابتلاعها، تملأ الأطعمة المعدة نوعاً ما وتنشط أول إحساس بالشبع. ثم تبدأ رحلة في الجهاز الهضمي المليء بالمستقبلات التي تشغل هرمونات شبع مختلفة.
- التركيز على البروتينات التي تأتي في المرتبة الأولى، قبل السكريات والدهون، لناحية قدرتها على توليد الإحساس بالشبع. بالفعل، تبقى البروتينات في المعدة لوقت طويل، مما يبطل تأثير الغريلين، الهرمون الذي يتم إفرازه حين تكون المعدة فارغة، وهو يحفز الجوع. عند وصول البروتينات إلى المعي الصغير، تحفز إفراز هرمون آخر، هو CCK، يأمر بالتوقف عن تناول الأكل. ونتيجة عملية الهضم، تتحول البروتينات إلى أحماض أمينية يحدد تركيزها في الدم إحساس الشبع على المدى الطويل. إلا أن البروتينات كلها لا تتساوى في هذا المجال. فبروتينات السمك تولد إحساساً بالشبع أكثر من بروتينات اللحم والبروتينات النباتية. أما الحليب، الغني بنوعين من البروتينات، فيكشف عن ميزة مضاعفة: بروتينات المصل اللبني تنتقل بسرعة إلى الدم وتولد إحساساً بالشبع قصير الأمد. أما الكاسينات فتولد إحساساً بالشبع طويل الأمد.
تجدر الإشارة إلى أن البروتينات متوافرة بكثرة في اللحم، والسمك، والبيض، والحليب، والصويا، والحمص، وأنواع عدة من البقول. - التخفيف من الدهون خصوصاً وأنها المواد المغذية الأغنى بالوحدات الحرارية والأقل فائدة لناحية الإبقاء على إحساس الشبع بين الوجبة والأخرى. تبدأ الدهون بالعمل فور احتكاكها بالفم، لكنها تملأ المعدة بطريقة سيئة وتعبرها بسرعة. في الأمعاء، يكون إفراز هرمون CCK أقل فاعلية مما هو مع البروتينات. باختصار، تولد الدهون إحساساً بالشبع قصير الأمد.
تجدر الإشارة إلى أن الدهون موجودة في الزيوت، والزبدة، واللحوم الدهنية، والجبنة، والكريما الطازجة، والحلويات والسكاكر، والصلصات الجاهزة، والمايونيز... يستحسن عموماً عدم الإكثار من استهلاك الدهون لأنها لا تولد إحساساً بالشبع لمدى طويل وتمنح الجسم في المقابل كمية كبيرة من الوحدات الحرارية. - التركيز على الألياف علماً أن الألياف تتألف من السيلولوز الذي لا تعرف المعدة كيف تهضمه. يتيح ذلك إذاً حصول امتلاء ميكانيكي طويل الأمد في المعدة، وتحفيز عمل سلسلة الشبع الهرمونية. تجدر الإشارة إلى أن الألياف موجودة في كل أنواع الخضار والفاكهة، وينصح باستهلاكها في كل وجبة طعام لأنها تملأ المعدة.
- توخي الحذر من الأطعمة الغنية بالطاقة. ملعقة واحدة من كريما الشوكولا للشعور بالشبع؟ ليس هذا صحيحاً البتة لأن الأطعمة ذات كثافة الطاقة الكبيرة، أي الغنية جداً بالوحدات الحرارية، لا تولد الإحساس بالشبع بل على العكس تدفعنا إلى استهلاك المزيد! وهذه الأطعمة ذات كثافة الطاقة الكبيرة تتمثل على شكل بسكويت، وشوكولا، وبيتزا، وهمبرغر، ومربيات، وكريما شوكولا.... باختصار كل الأطعمة التي تحتوي على أكثر من 200 وحدة حرارية في كل 100 غ. لذا، يستحسن التخفيف قدر الإمكان من هذه الأطعمة والاستعاضة عنها بخضار وفاكهة.
- اختيار الأطعمة ذات مؤشر السكر المنخفض. حين يرتفع مستوى السكر في الدم، ينشط عمل البنكرياس ويفرز الأنسولين المسؤول عن إعادة مستوى السكر إلى معدله الطبيعي. كما يؤدي الأنسولين دوراً في آلية الشبع. إلا أن الجسم لا يحب التعرض لتقلبات الأنسولين، وهذا ما يحصل بعد تدفق مفاجئ للسكر، مما يولد إحساساً بالجوع والتعب. من الأفضل إذاً أن يتم إفراز الأنسولين ببطء وبشكل منتظم، عبر استهلاك أطعمة ذات مؤشر سكر منخفض أو متوسط.
تجدر الإشارة إلى أن الأطعمة ذات مؤشر السكر المنخفض هي في الواقع فاكهة وأطعمة نيئة، وخبز كامل، وفاصوليا، وعدس، ومعكرونة وأرز وخضار مطهوة جزئياً. وينصح باستهلاك حصة واحدة من هذه الأطعمة في كل وجبة طعام. - تجربة المكملات الغذائية. إنها طريقة جيدة لتعلّم السيطرة على الشبع. وباتت تتوافر أنواع وماركات عدة في الصيدليات ترتكز مبدئياً على الألياف غير القابلة للذوبان التي تملأ المعدة بصورة ميكانيكية وتحسن عمل الأمعاء. أما الألياف القابلة للذوبان فتتحول إلى هلام في المعدة يزيد من سماكة الطعام داخلها. هناك أيضاً أنواع من المكملات الغذائية تؤثر في هرمونيّ الأمعاء، أي PYY وCCK، وأخرى تؤثر في مراكز السيطرة على الشبع...
كيف نأكل ؟
إذا كانت الإغراءات كبيرة على مائدة الطعام، هناك العديد من السبل للإحساس بالشبع من دون تناول الكثير من الطعام.
- تناول الطعام حين نشعر بالجوع ووضع الطبق جانباً حين نشعر بالشبع. قد يبدو ذلك بسيطاً. وطبيعياً. إلا أن الخلط بين أحاسيس الجوع والشبع (أو «عدم الجوع») يبدأ معنا منذ الطفولة حين تجبرنا أمنا على «تناول الطبق بكامله». لاحقاً، يتعزز هذا الخلط بفعل العروض الغذائية المتنوعة والأطعمة الشهية واللذيذة. وإذا كانت النساء يعجزن
- تخفيف حجم الحصص. كلما كان العرض مغرياً أكثر، استهلكنا المزيد من الطعام. ثمة نصيحة للحد من كميات الطعام المستهلكة: اختيار الأطباق الصغيرة الحجم. واعلمي أن حصص الطعام الصغيرة مفيدة جداً لحجم المعدة الذي لا يتعدى حجم قبضة اليد! لذا، تذكري أن كمية الطعام الكافية لملء معدتك هي تلك الموجودة في طبق صغير بحجم معدتك.
- عدم مضاعفة النكهات. كلما كان عدد الأطعمة المقترحة كبيراً، تناولنا المزيد من الأطعمة وتأخر إحساسنا بالشبع. هذا هو مبدأ "الشبع المحدد": فإذا استهلكنا بانتظام الطعام نفسه أو الطبق نفسه، نتوقف عن تناول الطعام بسرعة أكبر. لكن الإحساس بالشبع لا يمنعنا من الاستسلام لأطعمة جديدة (نوع آخر من الخبز أو الجبنة أو الخضار....). وتبرر هذه الآلية تصرفاتنا أمام مائدة طعام غنية ومتنوعة، بحيث تفتح شهيتنا أمام أنواع الطعام المتعددة، ونأكل بالتالي كميات كبيرة من الطعام، لا بل مبالغ فيها أحياناً. فالشهية تتحفز بمزيج النكهات، لكن اللافت أن إحساس الجوع يعاودنا بعد مرور أقل من ساعة!
- ومهمّ الانتباه إلى التحفيز الحسي عند اختيار الطبق وتحضيره. فبدءاً من تلك اللحظة، يبدأ عمل الهرمونات. الخبز المقرمش، لون الطماطم، رائحة الدجاج... كل شيء يدخل في الحسبان. استناداً إلى مبدأ التحفيز الحسي الذي يغذي، تم أخيراً إطلاق Whiff الذي يتيح استنشاق بودرة الشوكولا عبر الفم بحيث تملأ بودرة الشوكولا الفم وتولد الإحساس بالشبع.
- مضغ الطعام مرتين وليس مرة واحدة. أظهرت دراسة حديثة أن 40 مضغة للطعام تولد إحساساً بالشبع يدوم لوقت أطول من 10 مضغات أو 25 مضغة. فبهذه الطريقة، تحفز الأطعمة مجموع حليمات الذوق، وعند مضغ الطعام لوقت أطول، يصغي الجسم إلى إشارات الشبع التي تبدأ بالظهور بعد 15 إلى 20 دقيقة من بداية الوجبة.
- تجنب الراديو والتلفزيون والمجلات. فعدم التركيز جيداً على الطبق والانتباه إلى أمور أخرى، مثل الراديو أو التلفزيون أو المجلة، يجعلنا نخطئ في تقدير إحساسنا بالشبع. وأظهرت إحدى الدراسات أن مدة الوجبة تزداد بنسبة 38 في المئة حين نستمع إلى الموسيقى عند تناول الطعام، ما يدفعنا بالتالي إلى ابتلاع كمية أكبر من الطعام. ينصح أيضاً بتفادي المناقشات أو اجتماعات العمل أثناء تناول الطعام.
أسلوب العيش
- عدم الوقوع في الهوس. إحذري الهوس من عدم استهلاك أي شيء، لأنه مضرّ بالصحة، والخوف من استهلاك أطعمة جديدة. فهذا يزيد من صعوبة تعرفنا إلى أحاسيس الجوع وعدم الجوع.
- تحفيز النوم. إن الحرمان من النوم قد يدفع الجسم إلى استهلاك المزيد من الطعام. وأظهرت الدراسات أن النوم لأقل من ثماني ساعات ليلاً يحدث اضطراباً في هرمونات الشهية عبر خفض معدل اللبتين (هرمون مخفض للشهية) وزيادة معدل الغريلين (المحفز للشهية). وتبين أن الأشخاص الذين لا ينامون جيداً خلال الليل يستهلكون 550 وحدة حرارية إضافية في اليوم التالي.
- ممارسة نشاط جسدي. فالنشاط الجسدي يزيد على المدى القصير من معدل هرمون CCK القاطع للشهية. ويمكن لساعة السباحة أو الرياضة البدنية أن تؤخر الإحساس بالجوع، وهذا خيار جيد إذا بدأت معدتك تشعر بالجوع قبل ساعات من موعد وجبة الطعام. واللافت أنه بعد مرور خمسة أيام فقط على ممارسة نشاط جسدي منتظم، يتحسن الإحساس بالشبع بفعل إفراز أفضل للهرمونات في نهاية الوجبات.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024