استعيدي رشاقتك بعد الولادة
لا شك في أن إنجاب الأطفال هو أعظم أمر يمكن أن تفعله المرأة، لكنه في الوقت نفسه تجربة قوية لجسدها ومعنوياتها. فالكيلوغرامات الإضافية التي يتم اكتسابها أثناء الحمل تتحول إلى عبء كبير يصعب التخلص منه بعد الولادة. وحتى لو قررتِ، مثل أي أم في الدنيا، تكريس كل وقتك وحياتك لطفلك، سوف تشعرين حتماً في قرارة نفسك برغبة في استعادة جاذبيتك ورشاقتك وسحرك....
يعتبر الحمل والولادة من التجارب الجسدية المهمة في حياة المرأة التي تحوّل جسمها بطريقة حتمية. لكن قبل التفكير في خسارة الكيلوغرامات الفائضة التي تم اكتسابها أثناء الحمل، عليك التركيز أولاً على استعادة الطاقة والحيوية!
عقد الصلح مع جسمك
خصصي لنفسك لحظات استرخاء بين مواعيد الرضاعة، ودربي نفسك مجدداً على تناول الطعام الصحي فقط وفي أوقات منتظمة. أوقفي الوجبات الخفيفة واللقمشات (التي كانت أمراً طبيعياً خلال فترة الحمل)، واحرصي على تنحيف جسمك بطريقة تدريجية، أي بمعدل كيلوغرامين تقريباً في الشهر الواحد. تناولي ثلاث وجبات طعام رئيسية في ساعات منتظمة، واشربي الكثير من الماء. فالخسارة الكبيرة للوزن الزائد يمكن أن تكون مضرّة بصحتك بقدر ما هي مضرّة لطفلك إذا كنت ترضعينه من ثدييك. بالفعل، تعتبر احتياطات الدهن ضرورية لجسمك لتوفير غذاء متوازن لطفلك، من دون تعب كبير.
إذا كنت ترضعين طفلك من ثدييك، تكون احتياجاتك إلى الطعام مماثلة تقريباً لاحتياجاتك في أواخر مراحل الحمل. احرصي على تناول كميات كافية من الأحماض الدهنية غير المشبعة الضرورية للنمو العصبي للطفل، فضلاً عن 1 إلى 1.2 غ من الكلسيوم كل يوم. وبعد التوقف عن الإرضاع، سوف تلاحظين أن كيلوغرامات عدة اختفت من وزنك بطريقة طبيعية. فالإرضاع يحفز "على المدى البعيد" ذوبان الدهون التي تكدست خلال الحمل. وفي كل الأحوال، سواء قررت إرضاع طفلك أم لا، لا تجعلي السقف عالياً. فإذا فقدت الكثير من الكيلوغرامات بسرعة كبيرة، ثمة احتمال كبير جداً أن تستعيدي كل تلك الكيلوغرامات بسرعة. كما أن الحمية الغذائية غير المتوازنة تنهك الجسم وتجعله خائر القوى فيما أنتِ بأمس الحاجة إلى الطاقة والقوة. فأنت تدركين تماماً أن الاهتمام اليومي بالطفل يستلزم الكثير من الطاقة، لكن هذا لا يعني السماح ببقاء الكيلوغرامات الزائدة!
حمية غذائية وتمارين رياضية
إذا أردت التخلص بصورة مستديمة من الكيلوغرامات الفائضة التي اكتسبتها أثناء الحمل، عليك اعتماد الحمية الغذائية المتوازنة بالترافق مع التمارين الرياضية. فالحمية الغذائية لوحدها غير المترافقة مع التمارين الرياضية تزيل فقط الماء والعضل. أما الدهون فيتم حرقها عند زيادة إيقاع خفقان القلب، أي عند ممارسة التمارين القلبية الوعائية مثل المشي، والركض، والتنس، والسباحة، أو باستعمال الآلات الرياضية الموجودة في الأندية المتخصصة.
يجدر بالأم أيضاً التركيز على تشغيل العضلات خصوصاً بعد ضعف العضلات وذوبانها خلال فترة الحمل. وهنا تبرز أهمية التمارين الرياضية الأرضية واستعمال الآلات المتخصصة الموجودة في الأندية الرياضية والهادفة إلى إعادة شدّ عضلات البطن وتشغيلها.
بعد الولادة، تحتاج الأربطة في الجسم إلى خمسة أو ستة أشهر حتى تستعيد قوتها وقدراتها. لذا، لا يوصي الأطباء بالشروع سريعاً في برنامج رياضي والانتظار لبعض الوقت، علماً أن جسم المرأة لا يتخلص فعلياًَ من الوزن الزائد إلا بعد ستة أو سبعة أشهر من الولادة.
تمارين تقوية الصدر
تعتبر مساحة الصدر حساسة جداً للتقلبات الهرمونية، ولذلك تشهد الكثير من التغيرات خلال أشهر الحمل التسعة أثناء استعدادها لدور أساسي ومهم، ألا وهو الإرضاع.
لا يحتوي الثديان على عضلات، ولذلك يعتبران حساسين جداً لتأثير الجاذبية. وسواء أرضعت الأم أم لا، يفقد الثديان تماسكهما بعد الولادة ولا يستعيدان شكلهما الجميل إلا عند عودة الدورة الهرمونية إلى طبيعتها. وعلى عكس بعض الاعتقادات الشائعة، لا يؤدي الإرضاع إلى "تشويه" شكل الثديين وإنما هي عملية الأمومة كلها التي تحول جسم المرأة إلى جسم آخر. بالفعل، تتمدد البشرة، وتظهر الأثلام في الجلد في بعض الحالات. ويمكن أن يستمر اللون الداكن جداً للحلمة بعد الولادة والإرضاع. لكن حتى لو خسرت المرأة شيئاً حين تصبح أماً، فإنها تربح بلا شك الكثير من السعادة التي لا يمكن وصفها.
تخفيف العواقب
- ارتدي حمالة الثديين ليلاً نهاراً بعد الولادة، سواء كنت ترضعين طفلك أم لا. واستمري في استعمال حمالة الثديين الخاصة بالرضاعة طالما أنت مستمرة في إرضاع طفلك.
- تجنبي التقلبات المفاجئة والسريعة في حجم الثديين نتيجة زيادة الوزن السريعة جداً، أو الحمية الغذائية القاسية، أو احتقان الحليب، أو بعض العلاجات الهرمونية. كما أن الفطام المفاجئ في عزّ مرحلة إفراز الحليب (أي في الأسبوع الأول الذي يلي الولادة) هو من الأمور التي تؤثر سلباً في شكل الثديين وحجمهما.
- حاولي إرضاع طفلك 5 إلى 6 أشهر، ثم باشري في فطامه تدريجياً لأن هذه أفضل طريقة لاستعادة الشكل الجميل في الثديين (عام واحد تقريباً بعد الولادة). تجدر الإشارة إلى أنه في الأسابيع أو الأشهر التي تلي وقف الإرضاع، قد تشعر بعض النساء بوجود أكياس في الثديين. إنها أكياس مدرّة للحليب ظهرت في القنوات المدرّة للحليب ولم يتم إفراغ الحليب منها كما يجب. يستحسن عدم الضغط على هذه الأكياس أو حتى لمسها، لأنها ستختفي تلقائياً خلال بضعة أشهر.
- مارسي التمارين الرياضية لتقوية عضلات الصدر.
- رطبي بشرة الصدر والثديين، مع الانتباه إلى عدم الاقتراب من الحلمتين في حال الإرضاع.
تمارين رياضية منتظمة
- باشري في ممارسة التمارين الأرضية التي لا تضغط كثيراً على مساحة الشرج. وفي حال تمت الولادة بعملية قيصرية، لا تمارسي التمارين الأرضية إلا بعد مرور ثمانية أشهر.
- ركزي خصوصاً على عضلات "الحزام" في المرحلة الأولى، ومن ثم على العضلات الداخلية للفخذين من خلال وضع كرة تنس، مثلاً، بين الركبتين. عليك من ثم تقوية عضلات البطن العميقة.
- تجنبي تشغيل العضلات العمودية الموجودة على جانبيّ البطن والتي تبتعد مسافة إصبع أو إصبعين خلال الحمل، قبل أن تعود إلى وضعية "الالتحام". امتنعي إذاً عن ممارسة كل التمارين الرياضية التي تستلزم رفع الساقين في الوقت نفسه انطلاقاً من وضعية التمدد على الأرض.
التخلص من السيلوليت
من الضروري التخلص من الكتل الدهنية المتراكمة وإفراغ الجسم أيضاً من السموم المكدسة فيه. واعلمي أن إنجاز أمر دون الآخر لن يفضي إلى أية نتيجة. لقد أثبتت العديد من التقنيات فاعليتها في التخلص من السيلوليت، وفي ما يأتي أبرزها:
- التدليك اليدوي: تتم ممارسة طريقة "الدعك والعجن" في المراكز الصحية والتجميلية من قبل اختصاصيين محترفين. يعمل هذا التدليك على إفراغ الكتل الدهنية، يليه تدليك دائري لإخراج سموم الدهن من الجسم. وتبرز الحاجة عادة إلى 10 جلسات من هذا التدليك.
- التدليك الآلي ( Endermologie، CelluM6) يعمل وفق المبدأ نفسه وإنما لا يكون فعالاً إلا إذا تبعه تدليك يدوي دائري لإخراج السموم والأوساخ من الجسم.
- التحفيز الكهربائي (électro-lipolyse) يستخدم الكهرباء لتحفيز الألياف العضلية أو تحويل طبقات الدهون إلى مادة سائلة. يجري بعدها التخلص من الأوساخ عبر البول بعد سلسلة من التمارين القلبية-الوعائية التي تتم ممارستها مباشرة بعد جلسة التحفيز الكهربائي. إنها طريقة فعالة، وإنما يجب تكرارها كل سنة.
- الميزوتيرابي (mésotherapie)، والتي تتم ممارستها فقط من قبل الأطباء، تقوم على حقن مزيج من الأنزيمات المذوبة للدهون والمحاربة لاحتباس الماء مباشرة تحت الجلد باستعمال إبر صغيرة جداً. لكن تبرز الحاجة إلى 10 جلسات على الأقل للحصول على نتيجة جيدة.
- { شفط الدهون. إنه جراحة تجميلية تقوم على شفط الدهون بواسطة إبر رفيعة يدخلها الطبيب تحت البشرة. ويبدو أن اللايزر يعد بنتائج مماثلة في القريب العاجل. واللافت أن شفط الدهون قادر على إزالة السيلوليت بشكل نهائي، لكن السيلوليت سيعاود الظهور مجدداً في حال استمرار التقلبات الهرمونية والدموية.
- أسلوب العيش: ينصح باعتماد أسلوب عيش صحي وسليم وتناول الغذاء الغني بالماء والقليل الأملاح. لا بد أيضاً من تنظيم مستويات الهرمونات وممارسة الرياضة بانتظام.
استفيدي سيدتي من مرحلة الأمومة الرائعة، ودللي طفلك الصغير قدر المستطاع، ولكن لا تنسي أيضاً التفكير في نفسك. فإذا بقيت لديك بعض الكيلوغرامات الزائدة الواجب التخلص منها بعد احتفال طفلك بعامه الأول، لا تترددي في استشارة الطبيب أو اختصاصي التغذية ليصف لك حمية غذائية مناسبة لك.
تمارين تقوية المساحة الشرجية
من الضروري تقوية المساحة الشرجية قبل الشروع في أية تمارين رياضية للبطن، وإلا يحتمل أن تضغط عضلات البطن على الأحشاء وتدفعها إلى الأسفل ما يولد في النهاية مشكلة الهبوط (أي هبوط الرحم والمثانة وأسفل الأمعاء نحو المهبل).
لاستعادة البطن المسطح، يجب:
- عدم اكتساب الكثير من الكيلوغرامات خلال فترة الحمل (يجمع الأطباء على وزن 12 كيلوغراماً عموماً، لكن هذا الوزن يختلف بين امرأة وأخرى حسب طولها وبنيتها ووزنها الأصلي).
- استعادة الوزن الطبيعي بعد الولادة.
- الحفاظ على وضعية جيدة.
- ممارسة تمارين تقوية عضلات البطن بشكل يومي، والتركيز خصوصاً على العضلات الأفقية.
اتبعي هذا الدليل للتمارين الرياضية
- فور توقف النزف، باشري في المشي والسباحة.
- بعد ستة أسابيع، باشري في تمارين الشرج (بعد زيارة الطبيب النسائي)
- بعد استعادة عضلات الشرج قوتها مجدداً، باشري في تمارين تقوية عضلات البطن
- بعد أربعة أشهر، باشري في التمارين القلبية-الوعائية في النادي الرياضي أو في الهواء الطلق (مثل السباحة الرياضية والتنس والركوب على الدراجة الهوائية)، وإنما امتنعي عن الركض (عليك الانتظار مدة عام كامل على الأقل)
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024