حافظي دوماً على شباب القلب
أنت تعرفين حتماً أن ملايين الأشخاص حول العالم مصابون بنوع من مرض القلب والشرايين. والمؤسف أنك هذا المرض هو السبب الرئيسي للوفيات منذ بداية القرن العشرين. لكن هل يعني ذلك أن ستصبحين حتماً ضحية له في أحد الأيام؟ الجواب هو لا لأنه يمكنك اتخاذ الخطوات المناسبة للحؤول دون هذا المرض.
إن الحفاظ على صحة جهاز القلب والشرايين، الذي يزود الدم والأوكسيجين إلى كل ناحية من نواحي الجسم، هو أمر أساسي لعيش حياة طويلة ومفعمة بالحيوية. والسرّ الكامن وراء هذه الصحة هو التمارين. فاعتماد أسلوب العيش الكثير الجلوس هو أحد أبرز عوامل الخطر المسببة لمرض القلب، تماماً مثل التدخين ومستويات الكولسترول المرتفعة في الدم. لكن التمارين النشطة تستطيع تخفيض خطر موتك نتيجة ذبحة قلبية.
وليس هذا كل شيء. بالإضافة إلى الحؤول دون نوبات القلب والسكتات الدماغية، تستطيع التمارين الحؤول أيضاً دون العديد من الأمراض الأخرى، بما في ذلك السكري وبعض السرطانات وربما حتى الأمراض العقلية. وعند ممارسة التمارين بقوة، كل يوم تقريباً، يمكنك التغلب على أسباب الشيخوخة والإبحار عكس التيار. باشري حتى اليوم حتى تصبحي أكثر شباباً في السنة المقبلة.
تلف أو تجدد
نشأ الجسم البشري والأجهزة المعقدة التي تنظمه على مرّ ملايين السنين حين كانت المجاعة شائعة والقوة ضرورية للعيش. لم تكن قواعد الطبيعة معدّة للأطعمة الجاهزة المتوافرة اليوم، وأسلوب العيش الكثير الجلوس، والسهر لساعات طويلة أمام شاشات التلفزيون. فالكيميائية التي ساعدتنا على الصمود في العصور الغابرة لها تأثير مختلف في عالمنا المعاصر. إنها تبرمجك للشيخوخة البطيئة والمطردة. لكن جسمك يملك قدرة مذهلة على تجديد نفسه إذا عرفت كيفية تشغيل "مفتاح النمو" فيه.
بهذه الطريقة تستطيع التمارين أيضاً خفض خطر تعرضك لنوبة قلبية. فعضلة قلبك تخفق 4 مليارات مرة تقريباً خلال حياتك من دون أي توقف وتبقى عادة بحالة جيدة. ولا علاقة أبداً للنوبات القلبية بقلبك، بل هي مرتبطة عن كثب بدورتك الدموية.
تبدأ النوبة القلبية في مورد الدم الواصل إلى عضلة قلبك، وليس في أنهر الدم التي يضخها القلب في جسمك. قلبك بحجم معمصك وهو يحصل على مورده الدموي عبر شرايين تاجية صغيرة ورفيعة. ما إن يتعطل أحد هذه الشرايين، يموت جزء من عضلة قلبك.
إذا كنت تعيشين حياة كثيرة الجلوس وتتناولين غذاء غنياً بالدهون المشبعة والأطعمة المعالجة، سوف تتراكم ترسبات الدهون والكولسترول في شكل صفيحة داخل جدران شرايينك. يزداد تراكم هذه الصفيحة مع مرور السنوات، وفي أحد الأيام، ومن دون سابق إنذار، تنقطع وتمنع الدم من التدفق إلى جزء من عضلة قلبك. هكذا، تحدث النوبة القلبية بلمح البصر نتيجة أسلوب العيش المعاصر.
حاربي صفيحة الدهون!
لكن لا يفترض أن يحدث ذلك. صحيح أننا ندرك جميعاً دور الغذاء في الحؤول دون النوبات القلبية، لكن عدداً قليلاً منا يفهم أهمية التمارين. ولاستيعاب هذه الأهمية، عليك فهم كيميائية الالتهاب والنمو لأن القوة الكامنة وراء تراكم الصفحية هي كيميائية التهاب العيش المعاصر.
كلما مارست التمارين وأفرزت العرق، تفرضين الضغط على عضلاتك وتدفعينها إلى استخدام احتياطات الطاقة. والواقع أنك تلحقين بها بعض الأذى، لكن هذا الأذى غير كافٍ لإلحاق ضرر طويل الأمد وإنما كافٍ لتحفيز النمو والترميم وجعل العضلات أقوى قليلاً. تدخل الأنزيمات والبروتينات من هذه العضلات إلى الدورة الدموية حيث تبدأ سلسلة من التفاعلات تتمثل في الالتهاب، أو التلف، ومن ثم الإصلاح وأخيراً النمو. والغريب في هذه العملية هو أن البروتينات التي تتحكم في الالتهاب والنمو اسمها السيتوكين وهي تنظم المسارات الأيضية الأساسية في كل نسيج وخلية في جسمك.
تستطيع كل أشكال التمارين الهوائية إطلاق هذه البروتينات بمعدل متناسب مع مدة التمارين وكثافتها. وحتى لو كنت تعتمدين أسلوب العيش الكثير الجلوس، تستمر بروتينات الالتهاب والتلف في الدوران في جسمك ليلاً نهاراً، وإن لم يكن ذلك بقوة كبيرة.
وبما أن الشرايين تنقل الدم، فإنها تعتبر الجزء الأكثر تعرضاً للمواد الكيميائية المسببة للالتهاب والتلف. فهي مغمورة بهذه الكيميائية بشكل دائم ومستمر ما يجعلها تلتهب استجابة لذلك. هكذا، تجتاح خلايا الدم البيضاء جدران أوعيتك الدموية وتمتص الدهن والكولسترول من دورتك الدموية وتحولهما إلى صفيحة. يمكن أن يفضي ذلك إلى نوبة قلبية في شرايين قلبك. وفي شرايين دماغك، تحدث السكتة أو يحدث العته. وفي شرايين كليتيك، يحدث فرط ضغط الدم. وتستمر اللائحة إلى ما لا نهاية.
كما تستطيع التمارين شفاء الأوعية الدموية المصابة. بالفعل، يبدو أنها تبدل العملية من الالتهاب إلى الترميم. فكلما مارست التمارين، يتدفق الدم عبر عضلاتك وينقل بروتينات السيتوكين إلى كل أنحاء جسمك. هكذا، يحظى كل مفصل وعظم وعضو على جرعة من الكيميائية الشافية كلما أفرزت العرق.
الثمن الكبير
أظهرت الأبحاث أن الأشخاص المتمتعين بلياقة جسدية يكشفون عن ثلث معدلات الوفيات الموجودة عند الأشخاص الأقل لياقة. واللافت أن تحسين اللياقة البدنية أكثر فأكثر يخفض معدلات الوفيات أكثر فأكثر.
لذا، مارسي التمارين كل يوم، لمدة كافية تتيح لك إفراز العرق، وسوف تصبحين حتماً أفضل صحة. هكذا، سيبقى بإمكانك التباهي بالماس وأنت في السبعين، والركض مع أولادك وأنت في الخمسين، والسباحة وأنت في الثمانين. سوف تشعرين أنك أكثر شباباً وأكثر حيوية من أي وقت مضى. قد يكون ذلك التغيير الأكثر أهمية الممكن إنجازه في حياتك.
قوة النساء
غالباً ما ينفر الناس من النساء اللواتي يبرعن في المهن الرجولية تقليدياً إذ يتم الاعتبار بأنهن يخرقن المعايير التقليدية للأنوثة. لكن ثمة طريقة ربما لتخطي هذا التحيز والحكم الخاطئ. ففي دراسة أميركية حديثة، تم تعريف المشاركين في الدراسة على مديرين ماليين، رجل وامرأة، يملكان الكفاءات نفسها. وحين قيل للمشاركين إن المرأة رحيمة وتسعى بكدّ لتحفيز حس الانتماء عند الموظفين، أحبها 72 في المئة من المشاركين (مقابل 28 في المئة)، واعتبرها 84 في المئة بمثابة مديرة ممتازة (مقابل 16 في المئة). لكي تكون النساء محبوبات في مهن الرجال، عليهنّ الإثبات أنهنّ كفوءات واجتماعيات في الوقت نفسه.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024