تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الرياضة..جزء أساسي من إيقاع حياة الطفل

يحار الكثير من الأهل في نوع النشاط الرياضي المناسب لأبنائهم، فمروحة النشاطات الرياضية واسعة جدًا تضم كرة القدم وكرة السلة والسباحة... وفي المقابل لا يكترث بعض الأهل بـأهمية النشاط الرياضي لأنهم يعتبرونه ترفًا. فيما يؤكد اختصاصيو طب الأطفال أهمية الرياضة في نمو الطفل الجسدي والذهني. فما أهمية الرياضة للطفل وأي نوع رياضي يلائمه؟  عن الرياضة يسأل الأهل ويجيب الاختصاصيون.


- هل ممارسة الرياضة ضرورة بالنسبة إلى الطفل؟

نعم. ينصح بأن يمارس الطفل الرياضة، لأن النشاط الجسدي هو جزء من إيقاع حياته، وأهميتها توازي أهمية الغذاء والنوم والراحة والنشاطات المدرسية. فالطفل الذي لا يتحرّك يصبح خمولاً، وعضلات جسمه تصبح ضعيفة إذا لم تعمل، ومن دون نشاط رياضي يتعب القلب بسرعة. وكذلك مفاصل جسمه في حاجة إلى الحركة في شكل كبير وإلا يصاب الطفل بالألم بمجرد قيامه بحركة صغيرة. فضلاً عن أن الرياضة تقوي العظام وتجنب الأمراض في المستقبل مثل ترقق العظام والسمنة المفرطة وارتفاع الضغط وانسداد الشرايين... وغيرها من الأمراض التي تسببها قلّة الحركة.

- ما هي المعايير التي على الأهل الأخذ بها في اختيار الرياضة المناسبة لطفلهم؟
الحافز لممارسة  الرياضة يجب أن يوحي إلى الأهل بالنشاط الرياضي المناسب لطفلهم الذي بدوره عليه أن يبدي استعدادًا لممارسة نشاط رياضي بعينه. فبمقدور الأهل أن يحضّوا طفلهم ويشجعوه، ولكن في الوقت نفسه لا يجوز لهم أن يجبروه على ممارسة الرياضة. وهناك معيار آخر لاختيار نوع الرياضة وهو درجة ملاءمتها لبنية الطفل الجسدية. فالطفل غالبًا ما يختار الرياضة تبعًا لما يختاره أصدقاؤه، فهو سيجرّب أنواعًا عدة ويتردد كثيرًا قبل أن يجد الرياضة الجيدة بالنسبة إليه. لذا على الأهل ألا يقلقوا، فتردده في اختيار النوع الرياضي ليس مؤشرًا لعدم عدم استقرار نفسي. وينصح الاختصاصيون الأهل بأن يقترحوا رياضة تلائم مزاج طفلهم. فالطفل الخجول يجب أن يوجّه إلى الرياضة التي تُمارَس ضمن فريق مثل كرة السلة، لأنه لن يكون وحده على الملعب في مواجهة جمهور المشجعين، وينصح بالجودو للطفل العدائي لأن الرياضة القتالية تساعده في تقنين طاقته وعدوانيته.

- في أي سن يمكن تحديد الرياضة المناسبة للطفل؟
بدءًا من السنة السابعة، أي حين يكتمل نمو الجسد، ويصبح الطفل قادرًا على إدراك صورة جسده وبالتالي على التحكّم في حركته، فيعرف التوازن والسيطرة على جانب من جسمه، والتناسق في حركته والتمركز والتوقع والتحرّك. فمثلاً  أن يصبح الطفل قادرًا على إمساك مضرب الكرة والوقوف في مكان محدد والتقاط الكرة ثم ردّها بسرعة. أما في ما يخص إيقاع الحركة فيجب أن يعمل تبعًا لقدراته. وليس هناك قاعدة محددة، فالأساس هو احترام توازن جسم الطفل العام.

- هل هناك رياضة محددة تناسب كل مرحلة من عمر الطفل؟
لا. كل الرياضات جيدة بغض النظر عن سن الطفل، ومنذ اللحظة التي يبدأ فيها الطفل بالحركة، ما عدا رياضة حمل الأوزان،  فهي نشاط خطر على الطفل لأنها تتلف غضروف النمو الموجود في أعلى العضلات. وعمومًا الرياضة الفردية كالتزحلق على المزلاجات والرقص والسباحة والجمباز أسهل على الطفل ما بين الست والثماني سنوات. في ما عد ذلك فكل الرياضات مسموح بها ومفيدة للطفل. مثلاً تعتبر كرة القدم من الرياضات الاجتماعية لأنها تعلّم الطفل احترام الآخر ومشاركته الآخرين في بذل  الجهد، بغض النظر عن موقعه في الفريق، وتعلمه التعاون والتوقّع وسرعة البداهة. فهي رياضة جيدة من كل النواحي.

 

رغم أن الرياضة لا سن محددة لها فإن لكل طباع طفل رياضة مناسبة:

الطفل المشاغب
ينصح الاختصاصيون الأهل الذين لديهم طفل مشاغب بأن يقترحوا عليه ممارسة رياضة الفريق ككرة القدم أو الراغبي اللتين تسمحان له ببذل مجهود وتعلّمانه احترام زملائه في الفريق واحترام أفراد الفريق المنافس.

الطفل المستقل
يُفضّل الطفل ذو الطباع المستقلة بذل مجهود في رياضة الفردية. وتعتبر السباحة أو ركوب الخيل أو الجمباز اختيارًا موفقًا، لأن هذا النوع من الرياضات  يعلّم الطفل الدقة في تحريك عضلاته في الوقت والمكان الصحيحين. وفي المقابل فإن الرياضة الفردية  لا تعني الميل إلى الوحدة بل تجعل الطفل منفتحًا على زملائه الذين يمارسون الرياضة نفسها.

الطفل الخجول
إذا كان الطفل خجولاً سوف يفرج عن كبته في رياضة تتطلب اللعب ضمن فريق. وهناك رياضات أخرى يمكنه ممارستها مثل الرياضات القتالية التي تعزز لديه الثقة بنفسه، كالجودو والأيكيدو والتايكواندو والكاراتيه وغيرها من الفنون القتالية.

هل تعلمون؟
يبدأ الأطفال عمومًا الفنون القتالية في سن صغيرة جدًا فبعض النوادي تقترح دروس هذه الفنون بدءًا من سن الرابعة. واللافت أن الفنون القتالية يتركها المراهقون، فقد لوحظ أن 20 في المئة من الأطفال يتوقفون عن ممارستها بين سن الثانية عشرة والرابعة عشرة.

الطفل الصاخب
يرغب الطفل الصاخب في الرياضة التي تساعده في إخراج طاقته مثل الملاكمة الفرنسية أو الجودو أو التايكواندو. كما يحب الرياضة التي تتطلب بذل مجهود جسدي كبير واللعب ضمن فريق في الوقت نفسه مثل كرة القدم الأميركية والراغبي. أما أولئك الذين يحبون المجازفة فتناسبهم رياضة الكاياك والهوكي.

الطفل الخوّاف والمتردد
يرغب الطفل ذو الطباع القلقة والخوّاف في مزاولة رياضة فردية مثل السباحة أو كرة المضرب أو ألعاب القوى أو الجمباز. فهذه الرياضات تسمح له بخوض المنافسات. وعلى الأهل ألا يترددوا في تشجيع طفلهم على ممارستها. ويمكن الطفل ممارسة الجمباز بدءًا من السادسة.
وأخيرًا، يشدد الاختصاصيون على أن الرياضة المثلى للطفل هي التي يرغب فيها، لذا فإن حماسته هي المعيار الأهم لممارسته نشاطًا رياضيًا. وعلى الأهل بالتالي أن يسمحوا لطفلهم بتجربة أنواع عدة من الرياضات حتى تتكوّن لديه تجربة واضحة مما يتيح له اختيارًا صائبًا بعدما عرف تمامًا ماذا يريد وسبب اختياره رياضة دون غيرها. ويعتبر الصيف فترة مثالية تسمح له بتجربة أنواع عدة من الرياضة.

 

سؤال وجواب

ابني يغير نشاطاته الرياضية باستمرار
- يمارس ابني رياضة الكارايته منذ شهرين، والآن لم يعد يريد ممارسة هذه الرياضة. هل علي إجباره على الاستمرار؟  إلهام - الرياض
لقد اختار ابنك هذه الرياضة وعليه أن يستمر فيها حتى نهاية العام. ولكن ربما ظنّ أنه سيصبح بطلاً بعد ثلاثة شهور فأصيب بالخيبة لأن ذلك لم يحدث. لذا عليك القول له إن البطولة في الرياضة تتطلب جهداً كبيراً، كما يمكنك التحدث إليه عن قيمة المبلغ الذي دفعته ليشارك في هذا النشاط والتخلي عنه في منتصف الطريق هو تبذير للمال. ومن جهة أخرى عليك معرفة أسباب عزوفه عن ممارسة هذه الرياضة، فربما كان المدرّب قاسياً جداً معه أو أنه يتعرّض للسخرية من زملائه، عندها من الأفضل مساعدته على تخطي هذه الصعوبة، وأكدي له أن الهدف الأساسي هو تطوير قدراته. ولكن لا تجبري ابنك على الاستمرار في ممارسة هذه الرياضة إذا شعرت بأنه قلق أو مكتئب بسببها.

 

سؤال وجواب

ابني والرياضة
- يتمرن ابني (14 سنة) على السباحة ثلاث مرات في الأسبوع، ويشارك في البطولات التي تجري في العطلة  الأسبوعية. أليس في الأمر مبالغة؟
تعتبر الرياضة إحدى الوسائل التربوية الجيدة. ويبدو أن ابنك يجد سعادته في  السباحة. لكن من الضروري أن يكون هناك توازن بين شغفه بالرياضة  وحياته الاجتماعية والأكاديمية، فإذا كانت الرياضة تأخذ معظم وقته وتجعله يهمل دروسه ذكّريه أنه ليس كل من يمارس الرياضة يصبح بطلاً، وأنه إذا أراد في المستقبل أن يعمل في المجال الرياضي عليه الحصول على دبلوم. و لا تحاولي حرمانه من السباحة بل يمكنكما الاتفاق على أنه مثلاً في إمكانه المشاركة في البطولة شرط أن ينهى واجباته المدرسية أولاً. وأخيراً لا تقلقي فمن الجيد أن يرد في سيرته الذاتية حين يتقدم إلى وظيفة في المستقبل أنه شخص رياضي.

 

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079