الثائر أندريا بوتشيلي في «الموسيقى الصامتة»
إلى عالمه يصطحبك لو لم تكن من متتبعي الغناء الأوبرالي. يأسرك Andrea Bocelli بقصّة حياته، بالخطوات التي اتخذها، بالتحديات التي واجهها، بالأسى والألم والدموع والفرح، بقصّة حبه التي جمعته بإيلينا زوجته التي أسرها ما إن سمعته يعزف الموسيقى على البيانو ويغنّي الأوبرا في ليلة ميلادها.
في فيلم The Music of Silence، اختار بوتشيلي اسماً آخر فكان آموس باردي، وهو الذي لو خُيّر بانتقاء اسم له كان سيختار آموس. وُلد آموس في عائلة إيطالية ومن طبقة متوسطة، اكتشف والداه مشكلةً في نظره وهو في أشهره الأولى، عاش طفولته متنقلاً بين مستشفى وآخر، وبين جراحة وأخرى ليفقد بصره بعد أن تعرّض لإصابة خلال ممارسته رياضة كرة القدم، في المدرسة الخاصة بالمكفوفين حيث تركته فيها عائلته.
بعد الإصابة، انتقل إلى منزله للعيش وسط عائلته ولم يكن قد فقد بصره بعد، وخرج لركوب الخيل برفقة شقيقه ووالديه، لكنه ما إن نظر الى الشمس ليبحث عن نورها حتى فاجأته بغيابها عن عينيه. في تلك اللحظة، يغيب عنك أنك تشاهد فيلماً، بل تستعر فيك مشاعر الضعف، في مشهد أبدعت فيه الممثلة الإيطالية Luisa Ranieri والدة آموس، فكانت تلك الأم الحقيقية الضعيفة المتألمة التي فقدت نور حياتها بفقدان ولدها نور عينيه.
في البداية، رفض باردي أن يتعلم العزف عازياً السبب إلى أن كل ضرير يذهب مباشرةً إلى العزف وإلى مهن معروفة سلفاً، هو الحالم منذ صغره بأن يغنّي الأوبرا وقبل أن يدرك أنه يمتلك صوتاً عذباً يأسر كل من يسمعه. وبالفعل شارك في عدد من المسابقات الغنائية بدعم من عمه «جيوفاني» ليتفوق على كل منافسيه.
روح التحدي والتمرد على واقعه جعلته فارساً، وهي الروح التنافسية التي زرعها فيه والده عندما قال له بأنه يجب أن يتفوق على كل من حوله وأن يكون استثنائياً.
في إحدى الليالي التي كان يعزف فيها في الحانة ويغنّي من دون أن يسمع صوته لأنه لم يكن راضياً عن غنائه حينذاك، انزعج أحد زبائن الحانة وهاجمه طالباً منه أن يغنّي أعمالاً تجعل الساهرين يتفاعلون معه. فانتفض الثائر وراح يعزف الموسيقى ويؤدي الغناء الأوبرالي. تفاعل الجمهور معه جعل الجميع يرتاد الحانة في كل ليلة ليستمع إلى آموس، وفي تلك الليلة تعرّف إلى زوجته إيلينا، الفتاة الجذابة التي أحبّته بعد أن أسرها بصوته الأوبرالي ومظهره الجذّاب.
نقطة التحوّل في مسيرته كانت عندما طلب العم «جيوفاني» من أحد النقاد أن يستمع إلى صوت آموس، فكان جواب الناقد بأنه لا يملك صوتاً جميلاً، حتى أن عزفه غير موفّق. الصدمة اغتالت حلم باردي، إلا أن أحداً كان قد استمع إلى صوته وعرّفه إلى مايسترو وثق بإمكاناته وصقل قدراته الصوتية... ذلك المايسترو يلعب دوره النجم العالمي أنطونيو بانديراس.
تحديات وصعوبات كثيرة واجهت باردي حتى بعد زواجه، لكن الحلم أصبح حقيقة عندما استُعين به ليغنّي الأوبرا بدلاً من بافاروتي، وعندها استقلّ القطار السريع إلى الأوبرا المرافق للشهرة متجاوزاً كل الصعاب.
يعتبر فيلم The Music of Silence واحداً من أروع الأفلام التي تفيض بالمشاعر فتتألم وتبكي مع حزنه وتفرح مع فرحه إذ يسافر بك إلى عمق الأحلام وروح الموسيقى والغناء ويبثّ فيك روح التمرد على الواقع من أجل تحقيق الأحلام ولو كانت مستحيلة.
الفيلم من إخراج Micheal Radford وهو ساهم أيضاً في كتابة السيناريو بالتعاون مع Anna Pavignano، ومن بطولة أنطونيو بانديراس، Toby Sebastian الذي أدّى دور آموس و Luisa Ranieri، ومن إنتاج Picomedia، وقد تم توزيعه في لبنان والشرق الأوسط من خلال شركة Falcon Films.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024