بشرة تشبه 'قشرة البرتقالة'
تعاني نسبة كبيرة من النساء مشكلة البدانة التي تظهر أعراضها بصورة خاصة في التراكمات المعروفة ب «السيلوليت»، في المناطق السفلية من الجسم، وبخاصة في البطن والأرداف، التي تُعدّ من أكثر أجزاء جسم المرأة قابليةً لتخزين الشحوم.
من الملاحظ أنّ هذه المعضلة تطال نحو 85 في المئة من النساء، من كلّ الأعراق، ولا تفرّق بين النحيفات أو البدينات. وبما أنّ المراة هي عنصر ناشط في الإقتصاد، وفي الوقت عينه، تهتمّ بشكلها إلى أقصى الحدود، بدأت المنتجات التي تعد بالتخلّص من السيلوليت تغزو الأسواق وتشجّع على إستخدامها. فقد إنتشرت العديد من الوسائل التي «تضمن» النتائج المذهلة. فمن الليفة إلى إسفنجة ألياف الصبّار، إلى المراهم والغسول والكريمات وأصناف من الجل لإذابة الشحوم الزائدة، إلى الملحقات المكوّنة من الأملاح المعدنيّة والفيتامينات والأعشاب، ومختلف وسائل الإستحمام، إلى المناشف الضاغطة والفرشاة العجيبة...
تمتدّ القائمة الطويلة من السُبل المحتملة. فالكلّ يريد إكتشاف طريقة للقضاء على السيلوليت فيلجأ إلى تجربة مختلف هذه التقنيات! بيد أنّ كلّ هذه «العلاجات» موقتة وقد لا تعطي سوى بصيص أمل ما يلبث أن يضمحلّ، كما أنها متعبة، طويلة الأمد ومكلفة. لذلك، لا بدّ من اللجوء إلى الحلول الجذرية والمضمونة، من حيث الحميات الغذائية المدروسة والتقنيات الطبيّة-التجميلية المتطوّرة والمختصة.
يسعى الجميع للتخلّص من مشكلة تراكمات الشحوم الزائدة. لكن الطريقة الفضلى هي الإستعانة بالإختصاصيين المخوّلين تذويب هذه الدهون بشكل مضمون، فعّال وآمن. تشرح خبيرة التجميل أنجيل هيكل، إنطلاقاً من سنوات في التمرّس في التجميل والتعامل مع السيدات في منتجعها الصحي-التجميليّ، أسباب ظهور السيلوليت والمشاكل الناجمة عنه، بالإضافة إلى أهمّ الحلول الحديثة المتوافرة للقضاء على هذه المعضلة. كما تتطرّق إختصاصيّة التغذية، مايا أبو جودة، الحائزة ماجستير في علم الغذاء، إلى أهمّ الحميات الغذائية التي تكفل عدم تجمّع هذه التراكمات، وتنصح بالإبتعاد عن مأكولات معيّنة من شأنها أن تساهم في تفاقم المشكلة.
تتصدّر صناعة التخلّص من السيلوليت، قائمة الصناعات الأغلى في العالم، حيث تقدّر بنحو مليار دولار. ولكن العديد من الوسائل التي تزعم التخلّص من مشكلة السيلوليت قد أثبتت فشلها، إذ وجد العلماء أنّ السيلوليت لا ينتج عن تراكم النفايات السامة في الجسم أو الإلتهابات، كما كان يدّعي بعض مصنّعي أدوية القضاء على السيلوليت. بل هو ببساطة نتيجة طبيعية للجسم، وراثية، سببها الأبرز هو الهرمونات.
ما هو السيلوليت؟
السيلوليت هو كناية عن تراكم الدهون قي أنحاء مختلفة من الجسم، يبرز عادة كتموّجات على مستوى الجلد تشبه قشرة البرتقال. يتكوّن السيلوليت من تراكمات دهنية معقّدة تتألّف من شحم وماء وسموم تتكدّس داخل النسيج الضام في بعض مناطق جسم المراة، خاصة في البطن والحوض والفخذين. وبالإضافة إلى دورها في «تشويه» شكل القوام، فإنها تضغط على الأوعية الدمويّة، ما يؤدّي إلى نقص في تغذية الأنسجة وتراكم السموم والفضلات. كما تضغط على الألياف العصبيّة، فتسبّب تهيّجاً وألماً، وكذلك على الخلايا الشحمية، فتؤدّي الى إضطراب في عملية صرف الدهون وتبادلها، ما يضاعف المشكلة.
تقول الخبيرة هيكل «السيلوليت هو تعديل في بعض أنسجة الجلد، حيث تصبح رخوة وذات مظهر متغضن. ويعود سبب النساج، أي السيلوليت، إلى إنتفاخ الخلايا الدهنية أو الشحميّة يترافق مع ظهور الهرمونات المعروفة بالأستروجين. فثمّة شحوم تبقى عنيدة رغم الحميات الغذائية وحتى الرياضة البدنية. وتشكّل هذه الشحوم ما يُعرف بالنساج أي السيلوليت».
تضيف: «هناك عوامل عدّة تؤثر في الشخص الذي يملك قابلية تراكم الدهون، مثل الجينات الوراثية، الجنس، كمّيّة الدهون في الجسم، وسماكة الجلد التي تلعب دوراً في كمية السيلوليت المتراكم، الظاهر للعيان».
عوامل تزيد السيلوليت
تصيب هذه المشكلة 8 نساء من أصل 10! لكن بعض العوامل الخارجية تؤثر أيضاً في «زيادة الطين بلّة» وفي تفاقم مشكلة السيلوليت. تشرح هيكل «من أبرز المسبّبات الخارجية المساعٍدة لظهور بشرة مثل قشرة البرتقال التغذية السيئة أو النظام الغذائيّ الرديء و الإكثار من شرب القهوة، والتدخين الذي يضفي غلافاً أو بطانة على الجلد، النقص في ترطيب البشرة، قلّة شرب الماء، الثياب الضيّقة، حبوب منع الحمل، بالإضافة إلى الشمس وحمّامات الشمس التي تزيد البشرة إحمراراً فتفقد ليونتها».
أطعمة تزيد السيلوليت
ينصح خبراء التغذية بالتخفيف من بعض أصناف المأكولات التي تزيد تراكم السيلوليت أي الدهن الضحل في الجسم، خاصة للنساء اللواتي يعانين قابلية للزيادة في الوزن. وترى أبو جودة أنه من الأفضّل «التخفيف قدر المستطاع من مشروبات الكافيين وأبرزها القهوة والشاي والمشروبات الغازية، بالإضافة إلى التقليل من الملح (وحتى التخلّي عن المملحة على الطاولة تفادياً لرشّ الملح) والأطعمة المملّحة مثل اللحوم المعلّبة والخضار المعلّبة والزيتون والكبيس والأجبان المنقوعة بالماء المالح، منعاً لإحتفاظ الجسم بالسوائل وتكوّن السيلوليت. كما لا يجوز الإكثار من الدهون المشبّعة الحيوانية التي توسّع حجم الخلايا مما يؤدّي إلى إعاقة الدورة الدموية واللمفاوية في الجسم. والمعجّنات النشوية الغنية بالسكّر مثل الخبز الأبيض والفطائر والبسكويت تعوق عملية طرد الفضلات من الجسم لأنها صعبة الهضم وخالية من الألياف، فتساهم إلى حدّ ما في تكوّن هذه الشحوم أيضاً. كما يجب التقليل من الحليب ومشتقاته المشبّعة بالدهون».
حميات غذائية
هل تريدين أن تزيدي نسبة السيلوليت وحدّتها؟ ما عليك سوى أن تتبعي حمية قاسية! فليس أسوأ من الحميات المنحّفة. فالمرأة اليوم تأكل أقلّ ممّا كانت تأكله قبل أربعين عاماً بمعدّل 200 سعرة حرارية في اليوم، وفي الوقت نفسه يزيد وزنها بحوالي ثلاثة كيلوغرامات عن وزن المرأة في الستينات... يعود السبب ببساطة إلى عدد الحميات المنحّفة التي تتبعها مراراً وتكراراً. ففي كلّ مرّة نمنع جسمنا من إستهلاك السعرات الحرارية، تكون ردّة فعله تخزين الدهون وتقليص العضلات. ومن الثابت علمياً أنه كلّما خسر الإنسان وزناً بشكل سريع وكبير، قلّت نسبة العضلات، وحافظ الجسم على الشحوم والدهون، التي تعرقل حركة الدورتين الدموية واللمفاوية. وعندما يعاود الإنسان إكتساب الوزن، تعود الدهون وتزداد نسبة السيلوليت.
فما إن نعود إلى الحمية الغذائية العادية والمألوفة، حتى يعود السيلوليت ليظهر على بشرتنا بسبب إستعادة الجسم للوزن الذي خسره لكن على شكل دهون غير ناشطة، أي لا تحرق السعرات الحرارية.
ترى الإختصاصية أبو جودة أنه «بغية إتباع حمية غذائية لمحاربة السيلوليت، يجب تناول ستّ وجبات صغرة في اليوم، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة ثلاث مرّات أسبوعياً بمعدّل 45 دقيقة. كما أنّ هذا البرنامج الغذائيّ يشترط تناول أصغر وجبة في المساء حين يكون جهاز عمليات الأيض الخاص بحرق السعرات الحرارية في أكثر مستوياته إنخفاضاً. كما من البديهيّ شرب كمية وافرة من الماء، إذ أظهرت الدراسات العلمية أنّ شرب الماء وممارسة التمارين الرياضية وإتباع حمية غذائية سليمة ومتوازنة، تدعم الجسم وتزوّده الطاقة والنشاط وتساعده في التخلّص من الوزن الفائض».
من جهة أخرى، تنصح بإستبدال بعض المأكولات الضارة بأخرى تقاوم السيلوليت وأبرزها «الخضار والفاكهة الغنية بمضادات الأكسدة A و E و C التي تساعد في طرد السموم من الخلايا، بالإضافة إلى الحبوب المحتفظة بقشورها مثل الخبز الأسمر والرز الأسمر لأحتوائها على الألياف التي تدعم الهضم وتساعد في خروج الفضلات من الجسم. كما أنّ الأسماك الدهنية مثل السلمون والتونة والسردين تحتوي على الأحماض الدهنية التي تحافظ على صحّة الشرايين ونشاط الدورة الدموية وسرعة طرد الفضلات. وهي من أغنى أنواع الأسماك بالكالسيوم الذي ثبت أنه قد يساعد الجسم في إحراق الشحوم. أيضاً السبانخ والبروكولي أي القرنبيط الأخضر والفراولة والعنب والشمام (البطيخ الأصفر) والخيار والبصل والكرفس والبطيخ الأحمر والأناناس والبابايا كلّها أطعمة قد تساعد في محاربة تكوّن السيلوليت».
تتعدّد الوسائل ويبقى الهدف واحداً: التخلّص من مشكلة السيلوليت. فمهما كان السبب وطريقة العلاج، يظلّ الأهمّ هو النتيجة المضمونة والسليمة والآمنة.
كلّ التقنيات الحديثة موجودة في كل المراكز التجميلية والمنتجعات الصحية، وهي تساعد السيدة في الإحتفاظ بقوامها الممشوق وطلّتها البهية. لكن الأهمّ هو اللجوء إلى الإختصاصيين المخوّلين مساعدة السيدات للحصول على الشكل المطلوب.
علاجات وحلول
يبذل الخبراء جهوداً لتقديم الحلّ الأفضل والعلاج الأمثل. وقد تنوّعت العلاجات وإختلفت، إذ يعتقد بعض الإختصاصيين أنّ السيلوليت أكثر من مجرّد دهون متراكمة، بل هي أيضاً مزيج من السموم والسوائل اللمفاوية والفضلات الحمضية،فينصحون بالتوجه إلى جلسات التدليك والتصريف اللمفاوي وسواها. فيما يؤكّد إختصاصيون آخرون أنّ النساج هو تراكم شحوم مؤكدين أن أي تدليك أو كريم لن يفيد، لذلك لا بدّ من إتباع حمية غذائية قليلة الدهون وممارسة التمارين الرياضية المنشّطة للعضلات والدورة الدموية.
الرياضة
تدعم ممارسة الرياضة الدورة في الجسم وتنشّطها، مما يؤدّي إلى حرق الدهون وتقوية الأنسجة الضامة التي تشكّل هيكليّة داعمة للدهون، فتنهار الخلايا الدهنية وتتفكّك، مما يحسّن مظهر البشرة الشبيهة بقشرة البرتقال.
الإندرمولوجي
تشرح هيكل التقنيات المتوافرة في المراكز التجميلية والتي من شأنها أن تعمل على القضاء على مشكلة تراكم السيلوليت. بقولها «يمكن الخضوع لجلسات الإندرمولوجي Endermology التي هي كناية عن تمرير آلة تدليك خاصة تشفط وتفرك المنطقة المصابة بالسيلوليت. لا يتّسم هذا النوع من التدليك بالإسترخاء بل هو منشّط للدورة اللمفاوية ما يساعد في إزالة السموم المتراكمة في الجسم، كما أنه يدعم الدورة الدموية ومطاطية البشرة. ويستغرق العلاج نحو عشر جلسات بالإضافة إلى جلسات الصيامة اللاحقة». من جهة أخرى تشير إلى «وجود علاج البيوديرمولوجي Bio-Dermology الحديث الذي يقوم على تقنية عالية مستوحاة من الأندرمولوجي. وأهمية هذا العلاج أنّ حركة تدليكه الميكانيكيّ تفكّك الخلايا الدهنية القاسية وتحوّلها إلى سائل يسهل التخلّص منه عن طريق التغوّط أو حرق السعرات أي عملية الأيض Metabolism. ويعتبر هذا العلاج اكثر إزعاجاً من السابق بسبب إستعمال جهاز الشفط».
الميزوتيرابي
كما تلفت هيكل الى توافّر «علاج صوتيّ وعلاج بالليزر، يمزج ما بين التيارات الكهربائية والموجات الصوتية وأشعّة الليزر التي تساعد في إزالة السموم وإخراجها من الجسم، وفي الوقت نفسه تعمل على تقوية العضلات وتنشيطها». وتندرج في هذه الفئة علاجات وأسماء عديدة. وأخيراً تختم أنّه «بالإمكان إستعمال تقنية الميزوتيرابي Mesotherapy التي تقوم على إستهداف الطبقات الوسطى في البشرة من خلال حقنها بمزيج من المواد الخاصة بالمعالجة المثالية، ومن السوائل المفعمة بالفيتامينات والمصمّمة خصيصاً لتفتيت الدهون وتنشيط الدورة الدموية والدورة اللمفاوية الكفيلة بالتخلّص من السموم. وقد يشتمل مثل هذا العلاج على 300 حقنة بواسطة إبرة رفيعة».
علاجات تغليف الجسم
وبالإمكان الخضوع لعلاجات تغليف الجسم بشدة مستخدمين مواد مختلفة مثل أوراق المطاط البلاستيك والألومنيوم، بهدف تنشيط الدورتين الدموية واللمفاوية وإزالة الماء بحيث تبدو البشرة أنعم.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024