باسكال مشعلاني عن الحب والزواج والأمومة
اسمها كفيل بأن يعرّف عنها. السنوات العشرون التي أمضتها باسكال مشعلاني في الفن لم تؤثر في شخصيتها، فأبقت على تواضعها وطيبتها وعفويتها وذوقها الرفيع في الفن. تؤكد أنها سعيدة بمحبة الجيل الجديد لأغنياتها القديمة، وتعترف بأنها كانت ستندم لو لم تخصّص جزءاً من وقتها لحياتها الخاصة، فكان الزواج ثم الإنجاب، الذي حقق لباسكال حلم الأمومة، فكرّست حياتها للاهتمام بطفلها، مما اضطرها للابتعاد عن الساحة الفنية لأكثر من سنتين، لتستأنف لاحقاً نشاطها بـ«راجعة» وتكرّم كلاً من سميرة توفيق والراحل وديع الصافي وتصدر ألبومها «حبي مش حكي». في هذا الحوار، تتحدث النجمة اللبنانية باسكال مشعلاني عن الماضي والحاضر والفن والموسيقى وأعمالها وعائلتها...
- لماذا كل هذا الغياب؟
لست غائبة فنياً بل إعلامياً، ذلك أنني أحرص على انتقاء إطلالاتي الإعلامية. ففي العام 2015 صوّرت كليب «يا مدقدق»، وشاركت في عدد من البرامج كـ «ديو المشاهير» وأحييتُ حفلين في المغرب ومصر، ثم صوّرت «راجعة» وأصدرت أخيراً الألبوم، ومن المرجّح أن أشارك كضيفة في عدد من البرامج في المرحلة المقبلة. البرامج التي لا تشبهني لا أشارك فيها، فلن أحلّ ضيفةً على أحدها لأتحدث عن غيري. كما أنني نشيطة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنشر كل أعمالي وأخباري عليها. وكان مقرراً أن يصدر الألبوم في آذار/مارس الماضي، لكن صدوره تأجّل إلى آخر أيار/مايو، وهذا التأجيل حال دون ظهوري في عدد من البرامج، فلا جديد لديّ لأتحدث عنه. ورغم أنني أطللتُ في عدد من البرامج على القنوات المصرية، لكن جمهوري يطلب مني أن أُكثّف ظهوري الإعلامي.
- لماذا لم تشاركي في مهرجانات الصيف في لبنان؟
ثمة أسماء كثيرة لم تشارك. شاركت منذ سنتين في مهرجان قرطاج، كما أرغب في أن يشتاق الجمهور إليّ.
- كيف وجدت أصداء الألبوم؟
أشادت الصحافة المحلية والعربية بالألبوم، حتى أنني تابعت تعليقات الجمهور عليه. الجميع أبدى إعجابه بالألبوم، فلكل أغنية نكهتها التي تميّزها عن الأخرى. تفانيت في العمل عليه، فتميز بالنضج الفني من ناحية الصوت والألحان. مثلاً: «حبي مش حكي» لا تشبه «كل ما إنت مش معي»، «صعبة عليّ» لا تشبه «عم موت لشوفك»، وتجديدي لأغنية «على الله تعود» للعملاق وديع الصافي نقلة نوعية في مسيرتي الفنية، لا سيما أن التجديد كان بصوت امرأة.
- «يا مدقدق» كانت تكريماً لسميرة توفيق، واليوم «على الله تعود» لوديع الصافي، لمن ستجدّدين في المرحلة المقبلة؟
أحب نجاح سلام كثيراً، والشحرورة صباح، ومع حلول فصل الربيع سأسجّل سهرة طربية مباشرةً في استوديو زوجي الملحن ملحم أبو شديد، وأصدرها كألبوم، ذلك أننا حين نغني في الحفلات للسيدة أم كلثوم، شادية أو صباح، تظهر إمكانيات صوتنا بوضوح، ونحن تربّينا على هذه الأغنيات، والجيل الجديد يحب الاستماع إليها أيضاً. مثلاً «يا مدقدق» حصدت نجاحاً كبيراً، وطُلب مني مراراً أن أغنيها في الأفراح التي أحييتها في الأردن ودبي. ومع ذلك، يجب أن ننتبه الى أن التجديد سيف ذو حدّين، فثمة من ينجح في تجديد الأغنيات، وقد يفشل آخرون في ذلك. لذا، على الفنان أن يختار الأغنية التي تليق به، فيعطيها حقها ويقدّم أفضل أداء.
- تنشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتستمعين الى اقتراحات الجمهور حول تصوير أغنياتك على طريقة الفيديو كليب، هل تأخذين آراءهم في الاعتبار؟
متابعيّ كثر ومن مختلف الدول العربية، وأحرص على الاستماع إلى اقتراحاتهم وأخذ آرائهم في الاعتبار، فثمة من يقترح عليّ أن أصور «رح موت لشوفك»، والبعض يفضّل «صعبة عليّ»، ويختار آخرون «ما كنا ارتحنا» باللهجة المصرية. لقد تأنيّت في العمل على الألبوم وسجّلته في تركيا، ولذلك سأعطيه حقه وأصور أكثر من كليب. لكنني أفكر بتصوير الأغنية المصرية، فللجمهور المصري حق عليّ، ومنذ فترة طويلة لم أصور أي أغنية باللهجة المصرية، وهم يحبون أغنياتي.
- نجحت في مختلف الألوان الغنائية، وقدمت اللون الجزائري «نبغيك» باحترافية، هل تفكرين في تقديم «ديو» مع سعد لمجرد مثلاً؟
كنت من أوائل الفنانات اللواتي غنّين باللهجتين المغربية والجزائرية، «دنديني» و«الفرقة صعيبة». عندما أتيت إلى لبنان وسمعهما الجمهور، استغرب الأمر إذ لم يكن معتاداً على سماع هذا اللون من الأغنيات، بخلاف اليوم حيث نجد أغنيات المغرب العربي تحقق انتشاراً واسعاً، وأنا أعشق هذه الألحان، وأحب الأغاني التي تدمج في كلماتها ما بين الفرنسية والعربية. عُرض عليّ الكثير من هذه الأغنيات، ورغم الفارق الزمني بين «الفرقة صعيبة» و»نبغيك»، أفضّل أن تكون خطواتي مدروسة. اللبنانيون المقيمون في أوروبا والذين يتحدثون بالفرنسية، دائماً يطلبون مني أن أؤدي هذا اللون. وبالنسبة إلى سعد لمجرد، فأنا أحبّه كثيراً لأنه فنان شامل.
- شاركت كضيفة في برنامج «هاني هز الجبل» مع الممثل المصري هاني رمزي، ما رأيك ببرامج المقالب؟ وهل تفتعلين المقالب؟
أحب المقالب وأفتعلها، كما أنني أقلّد أصوات الشخصيات الكرتونية. منذ سنتين نجوت من مقلبين، لكن لم يخطر في بالي أن يكون المقلب هذه المرة في منطقة جزين في لبنان وفي حفل أغنّي فيه للأطفال. فما إن انتهينا من التصوير حتى طلبوا مني الانتقال بإحدى سياراتهم وتسليمهم هاتفي الخليوي، لكن ما إن شغّل السائق محرّك السيارة حتى انطلقت بنا بسرعة جنونية لتتوقف فجأة عند حافة جبل، ورغم الذعر الذي أصابني لم تحضر سيارة إسعاف ولا حتى زوجي.
- هل شعرت بالخوف؟
في البداية ارتعبتُ كثيراً، لكن بمجرد أن رأيت الرافعة، أدركت فوراً أنه مقلب، خصوصاً أنهم أقفلوا أبواب السيارة ولم أستطع فتحها. ورغم اكتشافي المقلب، أُصبتُ بالهلع عندما رفعوا السيارة، لكنني حاولت التظاهر بعدم الخوف في هذا الموقف الصعب. هاني إنسان طيب جداً ولا يُجرّح أحداً بكلامه، ولكن هذه المقالب التي تؤذي المشاعر لم تعد مقبولة.
- نراك امرأة قوية، من أين استمددت هذه القوة؟
من الإيمان، فأنا متصالحة مع نفسي، وأعمل في هذا المجال منذ 22 عاماً، عشت نجاحات كثيرة وأحييت العديد من الحفلات والأفراح. لكن بعدما رزقتُ بطفلي «إيلي»، صرت أكثر نضجاً، وأعيش في سباق مع الزمن. لذا، علينا أن نستمتع بكل لحظة في حياتنا وألاّ نتأثر بآراء الآخرين فينا. في الماضي كانت تضايقني أمور بسيطة، أما اليوم فلم تعد تشغلني أبداً، فالحياة باتت وتيرتها أسرع، ونعيش ضائقة اقتصادية، في زمن انتشرت فيه الأمراض وكثُر الموت. أنا إنسانة مؤمنة، وراضية بنصيبي في الحياة، وهذا يتعلق حتى بالملحنين والمخرجين، فليس شرطاً أن أنجح مع فنان سبق لغيري أن نجح معه.
- ذهبت إلى تركيا، وصورت تحت إدارة مخرج تركي، لماذا؟
في بداياتي، تعاونتُ مع نادين لبكي. وفي «نور الشمس» تعاونت مع المخرج دوري عون وكانت تجربته الأولى. أيضاً عملت مع ليال راجحة وباسم مغنية وحسن غدار... وكنت السبّاقة في التعامل مع كل هذه الأسماء، فأنا أحب التغيير.
- ألم تخفك المخاطرة؟
عندما تتعرف إلى مخرج وتتضح لك أفكاره وأعماله فلن تقلق. لقد أصبحت خبيرة في التقنيات والإضاءة، وأحاول أن أكون السبّاقة في التعاون مع المخرجين والملحنين الجدد، حتى أنهم يصفونني بفأل الخير عليهم، وهذا يشعرني بالسعادة. اخترت تركيا لأنني أتابع المسلسلات التركية، فأعجبتني الإضاءة والتصوير وفن الإخراج، وأحببت أن أقدم شيئاً جديداً مع مخرج جديد. كنت أرافق ملحم في تركيا أثناء تسجيله بعض الأغنيات، فلفتني عدد من الكليبات وكانت تحت إدارة المخرج نفسه، فقلت لملحم إنني أرغب في التعاون معه، وبالفعل بحثنا عنه وتواصلنا. فضّل أن تكون إطلالتي بسيطة وغير متكلفة، كما استمع إلى «حبي مش حكي» وفهم معنى كل كلمة قبل البدء بتصوير الكليب. وفي العمل لم أكن محور القصة من البداية إلى النهاية، ولم أرتدِ سوى فستان واحد، حتى أنني طلبت منه أن يكثّف ظهوري في الكليب، فكان ردّه: «فلندع المشاهد يشتاق الى رؤيتك». لقد قدمني بطريقة جديدة، تعتمد على ماكياج خفيف وشعر بسيط... حتى أن صور الغلاف كانت من إبداعه. وكلّما اكتشفتُ فناناً جديداً يتميز سواء باللحن أو الإخراج أو الكتابة سأتعاون معه.
- هل تندمين على الفترة التي تركت فيها الفن؟
أبداً، لأنني عندما عدت إلى الفن، أحييت حفلات في تونس والمغرب ولبنان، والجمهور كان يردد أغنياتي وكأنني لم أغب عنه يوماً. أعتقد أن من الجميل أن يشتاق إلينا الجمهور، فنجمات هوليوود يغبن عن الساحة لفترات طويلة والجميع يحترم غيابهن. ابتعدت لفترة ولكنني عدت بألبوم، وأعتقد أن النجمة التي تغنّي منذ عشرين سنة، لا يُفترض بها أن تكثّف ظهورها على شاشات التلفزة. وصلنا إلى مرحلة لم نعد نجد فيها نجماً أوّل على الساحة الفنية، وباتت لكل مرحلة أسماء معينة، فإذا غنّى الفنان على المسرح أغنية ولم تعجب الجمهور، فالأخير سيعبّر عن رأيه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي إذا لم تكتب الصحافة. أنا متصالحة مع نفسي وأثق بصوتي وحضوري، وسيأتي يوم نغادر فيه جميعاً الساحة الفنية، ولكن الأهم هو أن نترك بصمة جميلة تميّزنا.
- كيف هي علاقتك مع المطبخ؟
علاقتي مع الطبخ جيدة، ولا سيما بعدما تعلمت كيفية تحضير الأطباق التي يحبّها ابني. والدتي تعدّ الأطباق الصحية والتي من أهم مكوناتها الثوم والبصل وزيت الزيتون. أصنع الكاتو الذي يحبّه ابني، وأطهو الرز مع الدجاج، وبعض الأطباق الخفيفة. حتى أنني نشرت فيديو على «إنستغرام»، بينما أقطف الزيتون وأخلّله. أحب الحياة الطبيعية كثيراً.
- ما زلت تشبهين نفسك!
بالفعل، لدرجة أنني أتضايق إذا قصصت شعري أو غيّرت رسمة حاجبيّ. أعتقد أن هذا ما يحبّه الناس فيّ، ولكن إذا احتجت يوماً إلى «بوتوكس» فيمكن أن ألجأ إليه. الخالق خصّني بهذا الشكل فلماذا أشوّهه؟! ولكن حين أشعر أنني كبرت في السنّ، وبحاجة الى القليل من التجميل فسأفعل، لأن اسمه «تجميل» وليس تغييراً في الشكل والملامح.
- هل تحبّين الأكل؟
أحب تناول الشوكولاته والفواكه والمكسّرات والأطعمة المشوية، ولكن إذا زاد وزني كيلوغرامين أو ثلاثة، أعود إلى ممارسة الرياضة لأخسرها. إذ ليس مطلوباً من الفنانة أن تكون عارضة أزياء، فمن الضروري أن يكون قوامنا رشيقاً الى جانب أصواتنا العذبة.
- دخلتِ مجال الفن منذ أكثر من 22 سنة، كيف تقارنين مستوى الفن بين الأمس واليوم؟
لكل زمن حسناته وسيئاته، لقد تعبنا كثيراً في بداية مشوارنا الفني، فلم يكن هناك فضائيات، وكان الجمهور العربي يتعرف إلى الفنان من خلال إحياء الحفلات فقط، مثلاً: في تونس لم يتعرّفوا إلينا إلا من خلال الحفلات التي أحييناها هناك. ورغم الصعوبات التي واجهناها، لا يزال كل ما بنيناه محافظاً على بقائه. ورغم التسهيلات المتاحة في هذا الزمن، فمن السهل أن ينطفئ النجم إذا لم يواكب التطورات الحاصلة، وركّز على الشكل أكثر من اهتمامه بصقل موهبته في الغناء..
- هل يزعجك حصد الشهرة بسهولة اليوم بعد أن عانيتم كثيراً لإيصال أصواتكم؟
أبداً، لأنني أشعر بالسعادة عندما أحيي حفلات في الجامعات وأجد الجيل الجديد يردّد أغنياتي. حين نعتاد على الماركات العالمية في ملابسنا ومجوهراتنا فلا نعود نتخلّى عنها حتى وإن أحببنا أعمال المصمّمين الجدد. لكن إذا غيّرت تلك الماركات في نوعية عملها فعندها سنضطر للجوء الى غيرها، والأمر نفسه بالنسبة الى الفنان.
- بمَ تشعرين عندما تلمسين محبة جيل الشباب لأعمالك القديمة والجديدة؟
تغمرني السعادة، حتى أنني أستغرب أحياناً سؤالهم لي عما إذا كنت أنزعح من محبتهم لأغنياتي القديمة أمثال «يا طير الغرام» و«نور الشمس» و«خيّالة»... هذا اسمي وأرشيفي الفني.
- هناك فنانون قدّموا أعمالاً ناجحة لكن نجدهم اليوم يكرّرون أنفسهم أو يتراجعون، لماذا برأيك؟
إذا أُصيب الفنان بالغرور، فهو حتماً يشارف على نهايته. إذا أحبّك الجمهور فسيحرص على الاستماع الى أغانيك، لكن إذا أخطأتِ وكررتِ الخطأ فلن يكمل معك. لا بد للفنان من أن يكون متواضعاً ويتقبّل النقد ليطوّر أداءه ويستكمل مسيرة النجاح.
- هل يخيفك التقدّم في السن؟
لا، لأنني أستمتع بكل مراحل عمري، وأتمنى دوام الصحة فأمارس الرياضة بانتظام وأتناول الطعام الصحي من دون أن أحرم نفسي من شيء. وفي حال احتجت إلى صقل ملامح وجهي، قد أخضع لـLifting بسيط، ولمَ لا! فأنا أحرص على عدم تشويه قسمات وجهي، وأرغب في رؤية علامات التقدم في السنّ على ملامحي، فلكل مرحلة من عمر الإنسان جمالها.
- غنّيت «أحلام البنات»، ما هي أحلام البنات التي لا تزال تراود باسكال؟
«أحلام البنات» لون لم يسبق لي أن غنّيته، وتعاونت في هذه الأغنية مع مروان خوري. أشعر أن أحلام البنات الوردية لا تزال تراودني. أحب الحياة وأحافظ على عفويتي وأحنّ الى الأفلام العربية القديمة، فالحلم رفيقي الدائم.
- فقدتِ والدك وأنتِ في عامك الأول، كيف استطاعت والدتك القيام بدور الأم والأب على حد سواء؟
أعتقد أن اليتيم هو من يفقد والدته لا والده. أمي أقوى مني بكثير، ودائماً أطلب منها أن تعلّمني القوة. رغم أنني أبدو قوية على المسرح، لكنني أشعر أحياناً بالخجل. والدتي ربّت ثلاثة أولاد بمفردها، ما لا أستطيع القيام به اليوم، إذ أحتاجها دائماً إلى جانبي، وكذلك زوجي. علماً أنها كانت حنوناً وقاسية في الوقت نفسه، وعلينا الانصياع لأوامرها، وما زلت أحترمها، وأحرص على تربية ابني على المبادئ التي ربّتنا عليها... فهي كانت لنا الأم والأب.
- ما هي الصفات التي ورثتها من والدتك؟
ورثت عنها قلقي الدائم على ابني، علماً أن قلقها كان يزعجني. وبعد إنجاب طفلي، أخذت من أمي صفة التسامح، فلم أكن متسامحة من قبل رغم محاولاتي الكثيرة في ذلك.
- وأي الأمور لا تسامحين فيها؟
عائلتي، إهانة بلدي، والتعرض لطفلي وكرامتي.
- متى تصبحين امرأة قاسية؟
عندما يجرح كرامتي أحد الأشخاص، أصبح امرأة قاسية القلب، وربما أتفوّه بألفاظ جارحة قد تصدم الآخرين. مثلاً، جُرحت من صديقة ولم أصدّق ما قيل عنها، لكن بعد أن سمعت بأذني، تعلمت ألا أنتظر أن يعاملني الآخرون بالمثل، وصرت أتبع مقولة: «افعل الخير وارمه في البحر».
- هل لك صداقات من الوسط الفني؟
ألتقي الفنانين في المناسبات العامة، لكن لا علاقات اجتماعية بيننا، فكلٌ منا منشغل بارتباطاته الفنية أو حياته الخاصة. علاقتي جيدة مع جميع الفنانين، وقد ألتقي بنجوى كرم ونتفق على تحديد موعد للقاء ونتواصل عبر الهاتف، وكذلك بوائل كفوري... ولكن لا أدري لماذا لا يتم اللقاء! أيضاً أحب ملحم زين فهو من أوائل الفنانين الذين هنّأوني بأعمالي الجديدة.
- هل يتدخل زوجك في خياراتك الفنية؟
أشعر بالسعادة عندما ينجح مع غيري، وهو كذلك. مثلاً، اختار لي ملحم «نبغيك» و«أحلام البنات»، والبعض يعتقد أنني لا أغنّي إلا من ألحانه، والدليل على صحة كلامي أن الألبوم الخليجي والأغنيات التي ذكرتها آنفاً ليست من ألحانه... لكن ثمة ألحان تشبهني مثل «رح موت لشوفك» و «حبي مش حكي»... ملحم خطير في فنه إلا أنه لا يتدخل بأعمالي. كما نتعارك كثيراً في الاستوديو ويستفزني لأسجّل أكثر من مرة وأقدّم أفضل ما لدي.
- هل تتدخلين بأعماله؟
لا، ولكنه يطلب مني أحياناً أن أُبدي رأيي في أعمال يحضّرها، وقد يفاجئني بعمل أنجزه.
- هل حدث أن انتقدتِ عملاً له وأخذ برأيك؟
بالفعل، كنت أستمع مرّةً إلى لحن يحضّره لأحد الفنانين وأعجبني، لكنني أشرت إلى بعض الملاحظات، وبالفعل أخذها في الاعتبار. وقد أتضايق حين يوجّه لي بعض الملاحظات، لكن في قرارة نفسي أعرف أنه محق فأستجيب لنصائحه.
- ذكرت التصالح مع النفس أكثر من مرة، ما الذي تقصدينه بذلك؟
أعيش عمري وفق ما تقتضيه كل مرحلة من مراحله، فلا أكون في سن الستين وأعيش حياة ابنة الثلاثين. من الضروري تقبّل العمر والشكل والصوت وفكرة أن هناك جيلاً جديداً، والتصالح مع النفس حتى وإن كانت هناك عيوب ظاهرة في الشكل، والتحلّي بالثقة.
عن الحب والزواج والأمومة
- متى تعرفت إلى زوجك؟
تعرفت إليه منذ حوالى 17 سنة. عملنا معاً، فتولّى توزيع أعمالي وترأّس فرقتي لما يقارب العشر سنوات، وكنت أستشريه في اختيار أغنياتي، فتوطّدت علاقة الصداقة التي جمعتنا، وتحولت إلى حب سرعان ما تكلل بالزواج وتكوين عائلة.
- هل كان سهلاً عليك أن يصبح ملحم الصديق حبيباً؟
الصديق هو من يعرف كل تفاصيل شخصيتك وأسلوب تفكيرك وطريقة عملك. وإذا تحولت علاقة الصداقة إلى حب واستمرت بنجاح فهي بالتأكيد ستكون مميزة، وفي حال فشلت العلاقة فستخسرين هذا الصديق. مع مرور الزمن وتكوين عائلة وإنجاب الأطفال، يكبر الحب وينضج، خصوصاً إذا بقي صديقك هو حبيبك.
- بعد علاقة العمل والصداقة التي دامت عشر سنوات، ما الصفة التي وجدتها في ملحم وتميّزه عن الآخرين؟
الصدق، فهو صادق في مواقفه، رجل بكل معنى الكلمة، كريم وذو أخلاق حميدة. ملحم يحبّني لشخصي، وحبّه منزّه عن المصالح، كما أنه أبٌ حنون.
- ماذا غيّر الزواج والأمومة في شخصيتك؟
بتّ أكثر نضجاً. في السابق، كنت أتأثر بأمور تافهة، واليوم لم أعد أتوقف عندها. كنت اتكالية، وصرت حالياً أتحمل مسؤولية ابني، فأدرّسه، وأسهر طويلاً إلى جانبه وأستيقظ باكراً معه.
- ما الذي منحك إياه إيلي؟
حقق لي حلم الأمومة، وهو أجمل شعور في الكون. لو لم أصبح أماً لندمت كثيراً، فمن أجل ابني ابتعدت عن الفن لأكثر من سنتين.
- ما هي الحكمة التي تعلّمتها من والدتك وتطبقينها مع ابنك؟
«ما تدلعي كتير، ما تغنجي كتير، بل افرضي وهرتك واحترامك عليه».. فهي محقّة في ذلك، لكنني أتصرف بعكسها، فإذا أحببتُ شخصاً، أعبّر له عن محبتي.
- يشبهك إيلي كثيراً، فهل تتشابهان في المضمون؟
هو يشبهني كثيراً في الشكل والمضمون. ورث عن والده الفن ويستمع إلى «شوبان» و«بيتهوفن» وهو في سن الرابعة، وإذا سمع أغنية للسيدة فيروز أو وائل كفوري يخبرني بهوية الفنان! بدأنا معه بدروس العزف على البيانو، أشجعه على الفن، ولكن الدراسة بالنسبة إليّ هي الأهم في هذه المرحلة. يشبهني بجنونه وحنانه وطيبة قلبه، وأتمنى أن يحافظ على هذه الصفات عندما يكبر إذ سيكون متصالحاً مع نفسه، كما أنه يتمتع بشخصية والده.
- كيف أصبح الحب بعد الزواج؟
أصبح تضحية، فأنا مستعدة للتخلّي عن النوم لأكثر من ليلة من أجل ابني، ومسؤوليات الزواج تجعل الزوجين أكثر تعاوناً ونضجاً.
دوري الإجتماعي
- هل تؤمنين بدور الفنان الاجتماعي؟
بالتأكيد، وكل ما يُطلب مني في الشأن الاجتماعي أقوم به ولو بعيداً من الإعلام. غنّيت للجيش أكثر من مرة، و«أم الشهيد» يطلبون مني دائماً أن أغنيها وأفكر في أن أصورها على طريقة الفيديو كليب، إذ إنها ترتبط بالأم وبأم الشهيد خصوصاً. وحتى الحفلات الخيرية أحييها بعيداً من الإعلام، فالفنان في النهاية إنسان، وصورته الحقيقية تظهر بين الأطفال ومن خلال الأعمال الخيرية التي يشارك فيها.
- ما القضية الإنسانية التي تؤثر فيك أكثر من غيرها؟
المسنّون. يزعجني أن أرى مسنّاً ربّى عائلة وتُرك لمصيره في دار العجزة. يؤسفني أن أجد رجلاً تزوج وأدخل والديه الى دار المسنّين لأن زوجته تتضايق منهما! المسنّون هم بركة، وعلينا أن نخدمهم ونزورهم في الأعياد ونستمع إلى أخبارهم.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024