تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

حياة الطفل تستحق التغلّب على السرطان

أي مكروه يصيب الطفل، مهما كان بسيطاً، يعرّض الأهل للكثير من التوتر والقلق. فماذا إذا كان مرض الطفل خطيراً كأن يكون مصاباً بالسرطان مع ما يرافقه من عذاب سواء للأهل أو للطفل؟ مرحلة المرض صعبة تمر بها العائلة ككل ولا بد من التحلّي بالشجاعة لتخطّيها بنجاح. لكن هذا لا يمكن أن يحصل دون التعاون بين العائلة والجسم الطبي والاختصاصيين والمريض نفسه. تخطي الطفل تجربة المرض ومواصلة حياته بشكل طبيعي يتطلبان دعم أهله حتى ينسى هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها موقتاً. تلك هي الطريقة الأكثر فاعلية حتى يخسر السرطان في حربه مع الطفل. الطبيب اللبناني بيتر نون تحدث عن السرطان الذي يصيب الطفل وما يميّزه عن السرطان الذي يصيب الأكبر سناً.

- بم يختلف سرطان الأطفال عن السرطان الذي يصيب الكبار؟
يتجاوب سرطان الأطفال مع العلاج بشكل أفضل مقارنةً بسرطان الكبار. كما أن أنواع السرطان التي تصيب الأطفال تختلف عن تلك التي تصيب البالغين كما تختلف بطرق معالجتها وبنسبة الشفاء منها.

- ألا يعتبر العلاج قاسياً بالنسبة إلى الطفل؟
يوضع برنامج العلاج وتحدد جرعاته بما يتناسب مع وزن الطفل.

- هل يظهر سرطان الأطفال في سن معينة؟
قد يظهر سرطان الأطفال في أي سن قبل ١٥ سنة.

- ما الأعراض التي يسببها سرطان الأطفال؟
تختلف الأعراض المرافقة للسرطان بحسب نوع السرطان والموضع الذي يصيبه. وتماماً كما في حالة سرطان الكبار يسبب سرطان الأطفال:

  • ارتفاعاً في الحرارة لفترة طويلة دون سبب ظاهر
  • غثياناً وانتفاخاً
  • ورماً غير طبيعي في البطن
  • شحوباً وخمولاً مع فقدان سريع في الوزن
  • ألم رأس لفترات طويلة دون سبب ظاهر مع تقيؤ
  • نزفاً أو كدمات دون سبب ظاهر
  • تغييراً مفاجئاً في السلوك أو في توازن الحركة
  • انتفاخاً في العنق والرأس
  • ابيضاضاً في العين
  • ظهور بقع في الجسم
  • انتفاخاً في الغدد.

- كيف يتم تحديد المرحلة التي وصل إليها المرض؟
يتم تحديد مرحلة المرض بحسب موقعه وحجمه ودرجة انتشاره في الغدد اللمفاوية أو في مواضع أخرى في الجسم.

- ما الذي يمكن أن يؤدي إلى إصابة طفل بالسرطان؟
لا تزال أسباب إصابة الأطفال بالسرطان غير واضحة ولا توجد توصيات للوقاية منها. لكن ثمة عوامل خطورة قد تلعب دوراً في ذلك كالإشعاعات وبعض المواد الكيمياوية. إضافةً إلى دور العوامل الوراثية ووجود حالات سرطان في العائلة.

- هل يمكن أن يتابع الطفل الذي يعاني السرطان دراسته؟
 يختلف الأمر بحسب حالة الطفل والعلاج الذي يلقاه. فهذا ما يحدد ما إذا قادراً على الذهاب إلى المدرسة أم لا. لكن في كل الحالات توجد جمعيات تساعد الطفل المصاب بالسرطان على مواصلة دراسته في فترة مرضه سواء في المنزل أو حتى في المستشفى.

- ما أكثر أنواع سرطانات الأطفال شيوعاً؟
يعتبر سرطان الدم(لوكيميا) سرطان الأطفال الأكثر شيوعاً وقد يصيب الطفل في أي سن وتشكل نسبة الإصابة به حوالي ثلث حالات السرطان عند الأطفال. ومن أنواع السرطان الشائعة لدى الأطفال أيضاً السرطان اللمفاوي وسرطان الجهاز العصبي وسرطان الدماغ.

- ما المدة التي يتطلبها العلاج؟
يتطلب العلاج ستة أشهر إلى ثلاث سنوات.

- ما احتمال الشفاء من المرض؟
تصل نسبة الشفاء في سرطان الأطفال إلى ٧٥ في المئة. ويعتبر الشفاء تاماً عندما يتعدى فترة خمس سنوات.

- ما النصائح التي يمكن أن تعطى للأهل؟
من المهم أن يكون الأهل أقوياء في مواجهة المرض وتقديم كل الدعم اللازم للطفل ليواصل الطريق ويصل إلى الشفاء التام.

حالة من الواقع

الطفلة ريم (ثلاث سنوات وثمانية أشهر) مصابة بسرطان في الدم من سن السنتين وتكافح المرض بشجاعة نادرة. عن ذلك يتحدث والدها محمد عيد رمضان قائلاً "عندما كانت ريم في سن السنتين ارتفعت حرارتها بشكل غير طبيعي فأخذناها إلى أطباء عدة وأجريت فحوص تبيّن على أثرها أنها مصابة بسرطان الدم. كانت الصدمة قاسية علي وعلى والدتها وعلى العائلة ككل خصوصاً أنها طفلتنا الأولى.
الكل وقف بجانبنا في هذه المحنة القاسية وعملنا جاهدين على توفير جو عائلي حميم لها. تولاّها الدكتور بيتر نون.
منذ أن أصبحت مريضة علّقت على باب المنزل ورقة كتبت عليها اعتذاراً عن استقبال الزائرين لتجنيبها الأمراض بسبب ضعف مناعتها. وأردت أن أحضّرها نفسياً لفكرة تساقط شعرها الذي كان رائعاً وطويلاً فحلقت شعري وشعرها في الوقت نفسه حتى لا تشعر بأنها مختلفة، ثم أخبرتها بأن شعرها سيتساقط بسبب العلاج لكنه سيعود وينمو. تتقبّل ريم العلاج بشكل جيد وتخضع لجلسة في الأسبوع، لكن من الطبيعي أن الأمر يزعجها. أنا أحرص على جعل اليوم الذي تلقى فيه العلاج مميزاً فآخذها في نزهة إلى مكان معين وأحضر لها مفاجأة. ريم تعرف أنها مصابة بالسرطان وتعرف كل الحقائق المتعلّقة فيه كون والديها أخبراها بكل شيء.
هي تعرف أنها تعاني مشكلة تعالج منها وستشفى بعد فترة.
ويتابع محمد رمضان قائلاً"ما يزعجني أن ريم صارت أكبر من سنها بسبب مرضها وآمل أن تعود كأي طفلة في سنّها بعد انتهاء هذه المحنة، فهي لم تعد طفلة الآن. هي ذكية جداً، تقلّدنا وتتصرّف مثلنا. والسبب في ذلك أننا عزلناها عن باقي الأطفال في الفترة الأولى حتى لا تتعرّض للأمراض.
واضطررنا لإبقائها في المنزل بدلاً من الذهاب إلى المدرسة خوفاً عليها من أي عدوى. لكننا نحرص على تأمين التعليم لها في المنزل كما لو كانت في المدرسة حتى لا ينقصها شيء. ومن الآن نجعلها تعتاد على فكرة الذهاب إلى المدرسة بعد انتهاء العلاج. علماً أن علاجها ينتهي خلال سنة، كما يؤكد الأطباء. ونحن متفائلون جداً في هذا الموضوع ونتصوّر كيف سيكون مستقبلها ونخطط لحياتها. حالياً أحاول أن أجعلها تلتقي أطفالاً من سنّها وصرنا نستقبل الزائرين في منزلنا بشكل طبيعي."

 

السرطان وآلامه

عندما يعرف الأهل بإصابة طفلهم بالسرطان، ينتابهم القلق من أن يعاني آلاماً بسبب مرضه ويحارون كيف يخففون من ألمه وعذابه بأي طريقة ممكنة. في الواقع ليس المرض وحده مسبب الألم، بل إن العلاج والأعراض الناتجة عنه تلعب دوراً أساسياً في ذلك. ينتج الألم في حال الإصابة بالسرطان عن عوامل ثلاثة هي:

  • الألم الناتج عن المرض نفسه: وبشعر به الطفل عادةً قبل التشخيص ويكون السبب في ذهابه إلى الطبيب. وسبب هذا الألم يعود إلى ضغط الخلايا السرطانية في موضع في الجسم ويزول بعد استئصالها بالعلاج.
  • الألم الناتج عن الإجراءات المرافقة للعلاج: تجرى للطفل حقن عدة للتأكد من فاعلية العلاج.
  • الألم الناتج عن العلاج: إذ أن حقن الدواء والحقن بالعضل يسببان الألم. كما أن الآثار الجانبية الناتجة عن العلاج قد تكون أسوأ من المرض نفسه. حتى أن بعض أدوية السرطان قد تؤذي الأعصاب مما يسبب آلاماً قوية. كما أن بعض الأدوية قد تسبب إمساكاً وآلاماً في البطن، فيما تسبب أخرى تقرحات مؤلمة في الفم. لكن حالياً أصبحت السيطرة على آلام العلاج ممكنة.

لا بد من الإشارة إلى أن مسؤولية مساعدة الطفل على تحمّل ألمه تقع على عاتق الأهل والجسم الطبي والمحيطين به بشكل عام. هذا إلى جانب تعليم الطفل طرق السيطرة على ألمه، خصوصاُ أن عوامل عدة تساهم في تفاقمه كالقلق والاكتئاب والخوف وعدم القدرة على السيطرة على الألم والتعب ووجود الطفل في بيئة غير ملائمة.


صحيح أنه توجد وسائل طبية تساعد الطفل على تحمّل الألم لكن بعض الوسائل الطبيعية تسمح بالتخفيف من حدة هذه اللحظات الصعبة على الطفل وأهمها:
الهز:
عن طريق التربيت بلطف أو بوسائل أخرى قد يخفف الألم.
التدليك:
يمكن للتدليك الرقيق أو التربيت أن يهدئ الطفل إلى حد كبير، خصوصاً إذا كان أحد الوالدين يقوم بذلك. علماً أنه من الأفضل اعتماد طرق التدليك التي يجدها طفلك فاعلة أكثر. كما أن احتضان الطفل يحسّن شعوره أيضاً.
السخونة والبرودة
: يمكن للسخونة والبرودة أن تخففا الألم لكن يجب الانتباه إلى عدم حرق جلد الطفل. فتنبيه الجلد بتعر يضه للبرودة لفترة قصيرة قد يخفف الألم الناتج عن الحقنة. لكن يجب عدم اللجوء إلى البرودة والسخونة بعد العلاج الكيميائي لأنهما يؤثران على عملية امتصاص الدواء.
ومن المشكلات التي يمكن مواجهتها في فترة معالجة الطفل عملية إعطائه الدواء، خصوصاً إذا كان دون سن الخمس سنوات. من المهم تعليمه طرق تناول الحبوب وابتلاعها قبل حاجته إليها. إليك بعض الإجراءات التي تسهل عملية ابتلاع الدواء على طفلك:

  • تصرّفي بهدوء وواقعية
  • كوني صادقة معه في ما يتعلّق بمذاق الدواء وما إذا كان كريهاً. ولا تنسي أن تخبريه عندما تمزجين الدواء بالطعام أو الشراب.
  • أظهري له كيف يبتلع الدواء بهدوء وبسرعة. ضعي حبة في مؤخر اللسان ثم اشربي الماء أمامه وأرجعي رأسك إلى الخلف وابتلعيها.
  • يمكن تعليم الطفل كيفية ابتلاع حبة الدواء بخطوات بسيطة حرصاً على نجاح كل خطوة. يمكن البدء بواسطة قطعة صغيرة من زينة الكيك ثم الانتقال إلى قطعة أكبر حتى الوصول إلى حجم حبة الدواء التي على الطفل ابتلاعها.
  • تجنبي كل ما يمكن أن يلهي طفلك في اللحظات التي يتناول فيها الدواء.
  • اجعلي من فترة تناول الدواء لحظات ممتعة من خلال تحويلها إلى لعبة بتحديد الوقت وقدّمي مكافأة لطفلك في المقابل.
  • إذا تقيأ طفلك تصرّفي بهدوء وكأنه أمر عادي ثم عاودي التجربة بعد عشر دقائق أو ربع ساعة.
  • امدحيه بكثرة عندما يتناول الدواء.
  • قد يكون من الأسهل له تقسيم الحبة إلى عدة أقسام. اسألي الطبيب عن إمكانية ذلك.
  • حضّري له مفاجأة تفرحه بعد تناول الدواء مباشرةً. قدّمي له مثلاً ملصقاً لطيفاً أو العبي معه بدميته المفضلة.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079