تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

الفيتامينات شتاءً

خلال فصل الشتاء، نميل كثيراً إلى ابتلاع الفيتامينات لمحاربة التعب ومواجهة الزكام، من دون أن نعرف تماماً ما إذا كانت هذه الفيتامينات مفيدة لنا فعلاً. طرحنا هذا السؤال إضافة إلى أسئلة أخرى على عدد من الأطباء واختصاصيي التغذية وعدنا إليك بهذه الأجوبة...

- هل يجب تناول علاج من الفيتامينات في بداية فصل الشتاء؟
هذا غير ضروري لأن احتياجات الجسم إلى الفيتامينات خلال فصل الشتاء لا تكون أعلى مما هي عليه في بقية السنة. بالفعل، يرتبط مستوى الفيتامينات في الجسم بالغذاء المتنوع الذي يتم الحصول عليه، علماً أن فصل الشتاء لا يفترض أن يحمل معه أي تبديل جذري في نوع الغذاء. ولعل الفيتامين D هو الاستثناء الوحيد على ذلك لأن البشرة تنتج الفيتامين D عند تعرضها لأشعة الشمس. إلا أن الاحتياطات المتراكمة خلال الصيف تكون كافية عموماً لتغطية احتياجات الشتاء، باستثناء الأشخاص الذين لا يتعرضون أصلاً لكميات كافية من أشعة الشمس، مثل الأطفال الرّضّع والمتقدمين في العمر والأشخاص الذين تجبرهم حالتهم الصحية على البقاء داخل المنازل صيفاً شتاء. وبالنسبة إلى فاعلية الفيتامين C في محاربة الزكام أو التعب، فلم تثبت علمياً بعد.

- هل نعاني من نقص في الفيتامينات؟
لا، لأن مختلف الدراسات التي أجريت على عدد من الشعوب في السنوات الأخيرة أثبتت عدم وجود نقص أساسي في الفيتامينات عند معظم الأشخاص. يوجد فقط نقص بسيط، ولاسيما في الفيتامين D، والفتيامين C، وكذلك B1 وB6. واللافت أنه لا يتم كشف النقص في هذه الفيتامينات إلا عند إجراء تحليل للدم، إذ لا يسبب هذا النقص مبدئياً أية مشاكل صحية. هكذا، فإن المستوى الضئيل للفيتامين C في الدم لا يتجلى على شكل داء الحَفَر (scorbut)، المرض الناجم عن نقص أساسي في هذا الفيتامين. لكن في المقابل، يوصي الأطباء واختصاصيو التغذية بضرورة تناول ٥ حصص من الفاكهة والخضار كل يوم لأنها مصدر أساسي للفيتامين C وكفيلة بتغطية احتياجات الجسم اليومية.

- هل توجد أعراض دالّة على النقص في الفيتامينات؟
لا، فالأعراض لا تظهر إلا في حال حصول نقص كبير في الفيتامينات، أي حين يصبح الجسم معتلاً كثيراً. ويمكن أن يحصل هذا النقص الكبير في الفيتامينات عند اعتماد حمية غذائية صارمة جداً لفترة طويلة من الزمن، أو عند الأشخاص المعرضين أساساً بنسبة أكبر للأمراض مثل الكبار في السن، أو أيضاً في بعض الأمراض الخطيرة (مثل السرطان) التي تتطلب رعاية طبية دقيقة مع جرعات مناسبة من الفيتامينات.

- هل من الضروري معرفة مستوى الفيتامينات في الدم لإعادة موازنة الغذاء؟
طبعاً لا. فمستوى الفيتامينات في الدم لا يعكس أحياناً ما تم تناوله في الأيام السابقة لتحليل الدم ولا حال احتياطات الفيتامينات في الجسم. فإذا أردت معرفة وضع احتياطات حمض الفوليك أو الفيتامين B9، مثلاً، في دمك، يجب قياس الكمية في الكريات الحمراء في الدم، وهذا أمر معقد وصعب أحياناً. لذا، باستثناء الحالات الطبية الصعبة، يستحسن اعتماد الغذاء المنوع والمتوازن بشكل يومي لأن هذا أكثر فاعلية وأوفر على المدى الطويل!

- من هم الأشخاص الأكثر عرضة لنقص الفيتامينات؟
يرتبط كل شيء بأسلوب العيش. هكذا، فإن الاستهلاك الكبير للشاي أو القهوة يخفض امتصاص الفيتامينات A وB9 وB12. كما أن بعض المضادات الحيوية يمكن أن تعرقل امتصاص الفيتامينات B3 وB6 وB9 وB12، فيما تعرقل ملينات الأمعاء امتصاص الفيتامينات D وE وB12. لكن الخطر الأساسي يكمن عموماً في نقص الفيتامين D عند الأطفال الصغار والمراهقين والمتقدمين في العمر (خصوصاً وأن دراسة حديثة أظهرت أن نقص الفيتامين D يزيد من خطر التقهقر الإدراكي)، وحمض الفوليك عند النساء اللواتي هنّ في سن الإنجاب. وفي هذه الحالات، تبرز الحاجة إلى إشراف طبي وتوصيات خاصة لناحية جرعات الفيتامينات الواجب تناولها. فالمرأة التي تنوي الحمل، مثلاً، يمكنها تناول الفيتامين B9 والفيتامين D، بعد استشارة الطبيب طبعاً. فالفيتامين B9 يؤدي دوراً أساسياً في نمو الجهاز العصبي عند الجنين، فيما يؤدي الفيتامين D دوراً أساسياً في تكوّن الهيكل العظمي خلال الفصل الثالث من الحمل. من الضروري إذاً تناول الفيتامين D إذا كانت الولادة مرتقبة في نهاية فصل الشتاء أو إذا كانت الأم لا تتعرض أبداً للشمس. من جهة أخرى، تعتبر مكملات الفيتامين D ضرورية للأطفال الرضع، خصوصاً في حالة الرضاعة الطبيعية، إضافة إلى الفيتامين K، غير المتوافر بكميات كافية في حليب الأم. وعند المراهقين والكبار في السن، تصبح الاحتياجات أكثر أهمية ويتم وصف المكملات حسب حالة كل فرد.

- هل هناك أي خطر نتيجة تناول الكثير من الفيتامينات؟
يجب التمييز بين مأخوذ الفيتامينات من الغذاء وبين المأخوذ من مكملات الفيتامينات. فالمأخوذ الغذائي لا يكشف عن أي جانب سلبي، فيما تكشف مكملات الفيتامينات أحياناً عن مخاطر. لكن إذا كان العلاج بالفيتامينات غير ضروري للجسم، فإنه لن يكون مضراً. إلا أن تناول الفيتامينات على المدى الطويل يمكن أن يزيد من خطر التعرض للسرطان عند الأشخاص المعرضين أساساً لخطر هذا المرض. هذه هي مثلاً حال البيتا كاروتين (البروفيتامين A) عند المدخنين أو الفيتامين E عند الأشخاص المعرضين لخطر سرطان البروستات. وفي الإجمال، أظهرت دراسات أميركية ارتفاع عدد الوفيات قليلاً عند مستهلكي مكملات الفيتامينات.

- بعد علاج الفيتامينات، هل يواجه الجسم صعوبة في امتصاص الفيتامينات من الأطعمة؟
عند التوقف عن تناول المكملات، يستمر الجسم في امتصاص الفيتامينات التي يحصل عليها. لكن أثناء تناول علاج المكملات، تتراكم الجرعات في الدم مما قد يكشف عن آثار سلبية في المدى الطويل. هكذا، فإن تناول الفيتامينات المضادة للتأكسد (البروفيتامين A وC وE) بجرعات كبيرة ولفترة طويلة يمكن أن يجعل هذه الفيتامينات نفسها مؤكسدة، أي أنها تعطي عكس النتيجة المرجوة، وهنا يبرز خطر التعرض للسرطان. وفي الإجمال، يجب التذكر أنه لا حاجة أبداً لتناول الفيتامينات من دون وجود داعٍ طبي لذلك أو من دون استشارة الطبيب أولاً.

- هل صحيح أن الأطعمة المعززة بالفيتامينات أكثر أهمية من الفيتامينات نفسها؟
إذا أمكن القول إن الأطعمة المعززة بالفيتامين D  تسهم في تحسين مستوى الفيتامين عند الأشخاص، فإنها لا تعتبر كافية عند الذين يكشفون عن احتياجات أكبر لهذا الفيتامين (مثل الأطفال الرضع والكبار في السن....) الذين يحتاجون دوماً إلى الأدوية لسدّ النقص الموجود لديهم. وبالنسبة إلى الأطعمة الأخرى المعززة بالفيتامينات، ولاسيما الفيتامينات C وB، يمكن القول إن المسألة تسويقية وتجارية بامتياز لأن الجرعات المسموح بها تبقى محدودة جداً، ولا يوجد بالتالي أي خطر مع هذه المنتجات.

- أين يمكن العثور على كل الفيتامينات الضرورية؟
في الغذاء، باستثناء الفيتامين D الذي يتم إنتاجه أساساً في الطبقات العميقة للبشرة المعرضة لأشعة الشمس. ما من فيتامين موجود حصرياً في طعام واحد، ولذلك تبرز الحاجة إلى تناول مجموعة منوعة من الأطعمة لتفادي النقص في الفيتامينات. لا بد إذاً من تناول المواد الدهنية للحصول على الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهن، مثل الفيتامينات A أو الرتينول، والفيتامينات D وE وK. وكل الأطعمة الباقية للحصول على الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء، مثل الفيتامينات B1، وB2، وB3 أو PP، وB5، وB6، وB8، وB9 أو حمض الفوليك، وB12 وC.

الأدوية المزورة تهدد الحياة
تعتبر معرفة نوعية الأدوية التي يتم تناولها بالأهمية نفسها التي تعطى للكشف المبكر عن الأمراض المختلفة بحسب نائب رئيس الاتحاد الدولي لنقابات الصيادلة الفرنكوفونيين ونقيب صيادلة لبنان سابقاً زياد نصور «يمكن بهذه الطريقة أن ننقذ حياتنا لأن استعمال الأدوية الخاضعة للاختبار والمنقولة والمخزنة بالشكل المناسب يعتبر عنصراً أساسياً في علاج المريض الفاعل». وأضاف أن الحرص على أن تكون الأدوية المرخص لها معروفة يعود إلى أن السماح بدخول المنتجات المزورة أو تلك التي تكون دون المعايير المطلوبة يعني السماح باستهلاك منتجات مجهولة النوعية وأدوية يمكن أن تؤدي إلى الوفاة. لذلك ينصح نصور بالتحقق من علبة الدواء والحرص على أن يكون المنتج مختوماً بعلامة محددة تعرّف بإحدى الشركات لاستيراد الدواء. كما تمنى على المريض طرح الأسئلة المتعلّقة بنوعية الدواء الذي يتناوله لأن التيقظ والحذر مطلوبان لتجنب الخطر الناتج عن استهلاك أدوية مزوّرة أو مشكوك بنوعيتها.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078