مستشارة Project Runway المصممة السعودية ريم فيصل تحاكي الإبداع بلمسات عملية وروح عفوية
«تفته»، «تول» أو حتى «ساتان»... أقمشة حِيكت ونُفّذت بإتقان وإبداع لتكون قصّة إيحاء وفخامة، تنفث تعويذتها السحرية البرّاقة في وجه كل من ترتدي تلك القطع لتجعلها أميرة، في مزيج مُطعّم بـ«الدانتيل» وقطع «السواروفسكي»، فتضيف الرقي والأناقة الى كل تفصيل في فساتينها. اسم تصدّر الأسماء في عالم الأزياء الراقية في المملكة، وخبرة تقارب العشر سنوات في السوق المحلية والعالمية. إدارية من الطراز الأول، ليس لأنها المديرة التنفيذية أو رئيسة قسم التصميم في مركز «حواء» في جدّة، بل لكونها المرأة العفوية والداعمة لمواهب الشباب... هكذا حازت المصمّمة ريم فيصل لقب المستشارة في برنامج تصميم الأزياء الأشهر في الوطن العربي Project Runway ME، لتضيف بخبرتها وشغفها الكثير الى البرنامج والمتسابقين... ريم فيصل في حوار.
- النظرة الإبداعية والتشبّع بشغف التصميم أمر ضروري لكل مصمّم، ولا يمكن أن يُتوّج كنجاح إلا إذا أُضيف إليه التخصص الأكاديمي والدعم العائلي والإلمام بأساليب التسويق والإدارة، كيف كانت خطواتكِ في صعود هذا السلّم؟
اختلفت عن باقي المصمّمات في ترجمة شغفي وحبي لمجال الأزياء بممارسته وفق أسس إدارية وعلمية. فطريقي في مجال التصميم شُقّ على أسس تسويقية أكثر من كونها أسساً فنية وإبداعية. ومما لا شك فيه، كان لنجاح والديَّ في مجالات أعمال مختلفة، وتأسيسهما مركز «حواء النسائي للخدمات» في جدّة، ونشأتي في منزل يجمع تحت سقفه ما بين فنون إدارة الأعمال والأزياء والتجميل، الأثر البالغ في صقل هويتي كمصمّمة، ولم تكتمل تلك الهوية إلا أكاديمياً بعد أن حصلت على درجة البكالوريوس في فنون وتقنية تصميم الأزياء وإدارة الأعمال من جامعة «ماري ماونت» في الولايات المتحدة الأميركية.
- بما أنكِ من أوائل المصمّمات في مجال الأزياء الراقية في المملكة، كيف كانت بداياتك في التعامل مع الزبائن والسوق المحلية؟
كأي شابة حالمة ومبتدئة في هذا المجال، كانت تنقصني أساسيات الربط المهني مع خدمة العملاء وتلبية طلب السوق. ومع الوقت والممارسة، اكتسبت خبرة واسعة لكوني امرأة مغامرة لا تخاف خوض التجارب واستغلال الفرص. وفي حين كانت غالبية تلك التجارب ناجحة، كانت نتائج بعضها غير مرضية نوعاً ما، مما دفعني خلال السنوات الماضية للتخطيط لورش العمل وعقد اللقاءات، والتي أطلقتها أخيراً تحت مسمّىThe Fashion Mentor، أي «مستشار الأزياء»، ذلك لإدراكي أهمية ثقافة الأزياء وضرورة توافر الخبرة في السوق المحلية لدعم مسيرة أي هاوٍ في مجال الأزياء. ولأنني كنت أتمنى الحصول على مثل هذه الخبرات بسهولة في بداياتي، أجدني اليوم أقدّمها على طبق من فضة لكل من يرغب في الاستفادة منها.
- من خلال عملكِ لسنوات في مجال الأزياء ومعايشتك للسوق المحلية، ما الفروقات التي لمستها، وما الضرورات التي حتّمت دخولك مجال البيع الالكتروني؟
في السابق، كان النجاح في مجال تصميم الأزياء أسهل، لسببين مهمّين، أولهما عدم وجود من يلبي طلب السوق باحترافية وبكثرة، والثاني عدم توافر معايير عالمية للجودة معروفة محلياً. لكن حالياً، التنافس في الساحة أصبح أقوى وأشرس، فالمستهلك أو الزبون أصبح أكثر وعياً من السابق، إضافة الى وجود خيارات متعددة للمصادر والمتاجر بشتى فئاتها. وبلا شك، دخولي مجال التسويق الالكتروني كان أمراً حاسماً ولا بد منه. فاعتلائي السوق الإلكترونية يعادل اعتلائي منصّة يبحث فيها الجميع عن مستلزماته، في مسيرة نحو جعل اسمي ومنشأتي التي أديرها مواكبين لطبيعة الترويج في العصر الحالي.
- منذ بداياتك تميزت بتخصّصك في تصميم فساتين الأعراس والسهرات، مضيفةً إليها لمسات مكمّلة من تصاميم الأحذية والأكسسوارات، هل يمكن أن نراكِ في مجال تصميم الأزياء اليومية؟
كإنسانة عفوية ومصمّمة، أبحث عن النجاح من خلال التميز بما أقدّمه. تركت الادّعاء والتفرغ لمجالات لا أمتلك إلماماً واسعاً بها، واتجهت نحو التخصّص في ما أبدع فيه وأتفرّد به عن الباقين في الساحة، ولذلك لا أنوي ولا أخطط لدخول مجال الأزياء اليومية أو العباءات. أما بالنسبة الى تصميمي الأحذية والأكسسوارات، فهو من باب الإبداع المكمّل لعملي الأساسي في تصميم الأزياء، ولا أهدف من خلاله إلى التخصّص في هذا المجال لكونه خارج اهتماماتي، ولذلك دائماً ما تكون الأكسسوارات والأحذية التي يتم تصميمها وتنفيذها تابعة للفستان وليست منفردة بحد ذاتها.
- الإبداع وابتكار خطوط وألوان من العدم أمر في غاية الصعوبة والتعقيد، من أين تستلهمين تصاميمك؟
بصمتي الخاصة كمصمّمة أنني أستلهم في كل قطعة أو مجموعة من مكان مختلف، فمنبع فني وأفكاري متنوع وغير محدد أو متكرر. ففي قطعي الأخيرة، كان القماش وتموّجات حركته مصدر إلهامي، الذي نشأ مع علاقة وقصّة تدور أحداثها حول إحساسي وملامستي لكل ما يتعلق بالقماش والروح التي تسكن في طياته، وهذا ما ألهمني وساعدني على ابتكار قطع في غاية الروعة والإبداع.
- تعاونت العام الماضي مع مجوهرات «كورلوف» العالمية، ما الخليط السحري الذي نشأ بين أزيائكِ ومجوهرات «كورلوف»، وهل لا يزال التعاون مستمراً بينكما أم من الممكن أن يكون هناك تعاون آخر مع دور مجوهرات أُخرى؟
التعاون بيني وبين ماركة «كورلوف» العالمية للمجوهرات، أتى بناءً على رغبتهم العمل معي لإطلاق مجموعات مجوهرات خاصة بالأعراس تُسمّى «مارياج»، وهي مميزة تحتاج إلى ما يبرزها ويصقل هويتها كمجموعة للأعراس. ومن هذا المنطلق، وقع الاختيار عليّ كمصمّمة آخذ على عاتقي تصميم مجموعة أزياء للأعراس تتماشى مع كل طقم من أطقم المجموعة، وخلق نوع من انعكاسات الفخامة والتميز، كخطوة لترسيخ ماركة «كورلوف» في سوق الأعراس المحلية. وتم تدشين مجموعتي التي تحمل الاسم نفسه «مارياج» في اليوم الذي تم فيه تدشين المجوهرات، وسط حضور إعلامي مميز، كان أبرزهم مقدّمة البرامج «آلين وطفة» من برنامج «ستايل»، والحدث الأبرز في المناسبة كان عرض طقم الألماس الأسود النادر على عارضة ترتدي أحد تصاميمي المستوحاة من لون الألماس الأسود. والتعاون مع «كورلوف» كان تعاوناً مثمراً وهو لا يزال مستمراً إلى اليوم، حيث إنني أُعتبر نقطة بيع مهمة بالنسبة إليهم، وأُتيح الفرصة للعرائس لتجربة مجوهراتهم أثناء قياس الفساتين، في خدمة غير مسبوقة محلياً. وبلا شك، لا مانع لديّ في أن يرتبط اسمي بماركة مجوهرات أُخرى، شرط أن يكون الخيار مدروساً ويتناسب مع رؤيتي وطبيعة ما أقدمه من تصاميم.
- أنتِ لست مجرد مديرة تنفيذية ورئيسة قسم التصميم في مركز «حواء»، بل تديرين أيضاً ماركة تحمل اسمك، وعضو في لجنة تصميم الأزياء في كلية دار الحكمة... فكيف توفّقين بين هذه المسؤوليات الكبيرة والمهمات الصعبة؟
في الحقيقة، لا يمكنني التوفيق بين كل هذه المهمات لولا فريقي الذي يدعمني ويساعدني للارتقاء بمؤسستي وبخدماتي التي أقدّمها. بكل فخر، يضم فريقي كوادر تحمل مهارات وكفاءات وتتميز بمواهب قد تفوق ما أمتلكه أنا كرئيسة لهم، فدائماً أعتمد في اختيار الكوادر على الأكثر جدارة، حتى وإن كانوا أفضل مني، ولا أجد في ذلك حرجاً أو عيباً، لأنني أتطلع دائماً الى النجاح بمعايير عالية. وإضافة الى دعم فريقي لي، وفّقني الله بدعم زوجي وتفهّمه لطبيعة عملي وطموحي، وهذا بلا شك مهّد أمامي الطريق للتميز والنجاح.
- ما آخر ما أضفتِه إلى اسمك كمصمّمة معروفة محلياً وعالمياً؟
من أهم ما قدّمته أخيراً، مبادرة The Fashion Mentor لتطوير ثقافة الأزياء وكفاءة المهنيين، وهي مبادرة فريدة من نوعها في العالم العربي، أُطلقُ من خلالها ورش عمل ودورات مختصة لجوانب الإدارة والريادة في مشاريع الأزياء، وأعقد لقاءات تخص ثقافة الفكر المبتكر في الأزياء، وجلسات تمكين مهني، وأقدّمُ استشارات لذوي مشاريع الأزياء الصغيرة... مهارات كثيرة تجمع ما بين الأسس الإدارية والتجارية والتصميمية في الوقت ذاته، وهذا لا يُدرّس في المعاهد أو الجامعات. وإضافة الى هذه المبادرة، أطلقت تحت مسمّى مؤسستي خدمة منزلية لتعديل الملابس اسمها «قياسات»، لمواكبة احتياجات السوق الى مثل هذه الخدمة، فللسيدات قياسات وأطوال وأحجام مختلفة، قد لا تتناسب مع القياسات المتوافرة في الأسواق، وبهذه الخدمة نتيح لهن الفرصة لتعديل أي قطعة من تقصير أو تضييق، مع خدمة التوصيل المجاني، لمساعدة السيدات العاملات أو الأمهات اللواتي لا يملكن الوقت الكافي أو القدرة على الخروج والبحث عمّن يقدم لهن هذه الخدمة.
- تهتمين بالإعلام، ودائماً ما تظهرين في لقاءات تلفزيونية وصحافية، ما أهمية ذلك بالنسبة إليك؟
أحرص فعلاً على الظهور في منصات إعلامية معينة، وفقاً لشروطي ورؤيتي ومحاوري التي أحب أن أقدّمها. فظهوري الإعلامي ليس لاستعراض مجموعاتي وموهبتي واسمي، أو التحدث عن الخامات وأنواع الخرز وفكرة التصميم، بقدر ما يهدف الى نشر ثقافة وفكر معين في الأزياء وتسليط الضوء على الأبعاد المفيدة. ففي أحد حواراتي الأخيرة، كان حديثي يتمحور على هيكل الفستان الداخلي، وأهميته البالغة للحصول على شكل خارجي متقن وجميل، فتصاميم الأزياء بالنسبة إليّ مثلها مثل الهندسة المعمارية، مُضافاً إليها الذوق الرفيع والفن الأصيل لخروج الزي بمنتهى الأناقة.
في برنامج Project Runway كنتُ واقعية ولم أتصنّع أبداً
- كيف دخلت الى برنامج Project Runway، ورُشّحت كمستشارة للمتسابقين فيه؟
كل ما في الأمر أنني تلقيت اتصالاً من المسؤولين عن البرنامج، يؤكدون فيه رغبتهم في لقائي وتصوير سيناريو تجريبي، فوافقت ولاقيت بعدها استحسانهم. كنت مرتاحة في خوض هذه التجربة المميزة، فهو برنامج ناجح وذائع الصيت في العالم العربي، لكونه الأول من نوعه المتخصص في عالم الأزياء. وعلى مستشار الأزياء في البرنامج أن يكون على دراية تقنية وعلمية وفنية، ولبقاً في الكلام، وأن ينتقد المتسابق بشكل بنّاء بعيداً من التجريح، إضافة الى ضرورة استخدامه المصطلحات المعروفة بالنسبة الى المشاهد، ليكون الحوار مفهوماً وواضحاً... والحمد لله، توافرت فيّ كل هذه الشروط لأتميز كمستشارة في البرنامج.
- تسجيل أي برنامج يحتاج إلى وقت ومجهود مضاعف، ما الذي أضافه إليك البرنامج كمصمّمة؟
في الحقيقة، العائد الإيجابي كان ثنائي الطرف، فكما أضفت الى البرنامج بعضاً من خبراتي، أكسبني هو في المقابل أموراً مهمة لم أكن ملمّة بها، فقد تعلمت دمج مهارات الأزياء مع الإعلام، وكيفية تقديم محتوى متميز بأسلوب احترافي، كما علّمني كيفية التعامل مع الكاميرا وبيّن لي أسس ومبادئ التصوير، إضافة إلى تقديري الجهد والوقت لإعداد مقطع لا يتجاوز الخمس دقائق، سعياً وراء الجودة في الشكل والمضمون. ولا يسعني القول إلا أنها كانت تجربة أكثر من رائعة وعرّفتني الى جوانب كثيرة كنت أجهل تفاصيلها.
- كان المستشار Tim Gunn في برنامج Project Runway بنسخته الأميركية ذا شخصية قوية وأحياناً فظ، هل تحاولين تقمّص صفات من شخصيته أم أنك تصرفت بعفوية؟
أتابع هذا البرنامج بنسخته الأجنبية منذ أن كنت طالبة جامعية. ورغم كون المستشار Tim صارماً، لم أجده فظاً أو قاسياً في التعامل مع المتسابقين في أي موسم من مواسم البرنامج، بل على العكس رأيته إنساناً عملياً لإدراكه أن البرنامج يهدف الى النهوض بأداء المتسابقين وتعليمهم أسس المهنة ومبادئها بدون مجاملات. كما أن انتقاداته للمتسابقين لم تكن شخصية، بل كانت تتركز على أداء كل متسابق أمام لجنة يتمتع أعضاؤها بالخبرة الواسعة. وبصفتي المستشارة في الموسم الثاني للبرنامج بنسخته العربية، لم أحاول قط تقمّص أي شخصية ليست نابعة من صميمي، فظهرت في البرنامج على طبيعتي وتصرّفت بعفوية، وهذا ما سيلاحظه المشاهدون.
- في الموسم الأول من برنامج Project Runway كان فارس الشهري هو المستشار، ما الفارق بين شخصية كلٍ منكما في البرنامج؟
أكنّ للأستاذ فارس الشهري كل المحبّة والتقدير، وأحترم أداءه في الموسم الأول، وهو فعلاً من أسّس لدور المستشار في البرنامج، ولا مقارنات بيني وبينه، فلكل منا توجهاته المختلفة تماماً عن الآخر.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024