افتتاح معرض الكتاب العربي والدولي في بيروت بدورته الجديدة
أطلق "النادي الثقافي العربي"، بمشاركة "اتحاد الناشرين في لبنان"، يوم الخميس 30/11/2017 فعاليات "معرض بيروت العربي الدولي للكتاب" في دورته الـ 61، وذلك في مركز "بيال للمعارض" وسط بيروت، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلا بالرئيس فؤاد السنيورة، وسط حضور ثقافي وسياسي حاشد .
يأتي هذا المعرض في توقيت روتيني تعودت عليه بيروت في كل عام. ويضم في مساحته الفسيحة الضخمة 225 دار نشر ومؤسسة ثقافية عربية وأجنبية. وتحتشد في مساحته الزمانية والمكانية نشاطات ثقافية كثيرة، من تواقيع كتب وأمسيات شعرية وندوات واحتفالات متنوعة، بالإضافة الى توزيع جوائز ثقافية.
كما يشهد المعرض " زاوية فنية تشكيلية"، تشمل معرض لوحات فنية تشكيلية مرافق لمعرض الكتاب، يشارك فيه نخبة من الفنانين التشكيليين اللبنانيين والعرب والأجانب. وتتميز اللوحات المعروضة بتركيزها على المعنى الثقافي للكتاب.
وتتحدث الفنانة أسيمة دمشقية، المشاركة والمنظمة للمعرض الفني، عن المعرض واللوحات، وتقول:" هذا المعرض بات عرفاً مرافقاً لمعرض الكتاب. واللوحات المعروضة فيه هي أشبه بترجمة أو ظلال الكتاب بما يوحي من ثقافة وجمال وتعابير جمة. ولكل فنان وفنانة لغة لونية خاصة وأشكال تعبيرية مختلفة. أما لوحتي فإنني أستنبطها من الواقع الثقافي المعيوش، وتسعى ألوان لوحتي الى مقاربة الواقع بما يحوي من أشياء وأفكار وطموح".
الرئيس فؤاد السنيورة وهو الرئيس السابق للنادي الثقافي العربي، تحدث عن المعرض والكتاب، رافعاً سؤال الثقافة بكل تجلياته وصعوباته وحسناته.
وقال:"إن هذا الاحتفال اليوم بهذا العرس السنوي للكتاب انما هو عرس الثقافة الدائم. منذ ستين عاما، نقف أجيالا تلو أجيال، من على هذا المنبر، لنتحدث عن شؤون الثقافة العربية وبما يتصل أيضا بالثقافة العالمية التي تعرضها بيروت، وكذلك يعرضها ناشروها وكتابها ومثقفوها، ويعرضها الكتاب والمثقفون والناشرون العرب".
أضاف: "كنا نمتدح بيروت باعتبارها أم الشرائع، ولوجود أول مدرسة للحقوق فيها، ومن جوارها أنشئت أول مطبعة في الشرق. ونحن منذ قرابة القرن ونصف القرن، نذكر لبيروت جامعاتها ومدارسها والنهوض الثقافي فيها المستند إلى أجواء الانفتاح والحريات التي تتميز بها والتي من أهم مظاهرها هذه الكثرة المستنيرة من مثقفيها ومفكريها، والذين تنشر لهم دور نشر بالعربية والفرنسية والانجليزية ولغات حية أخرى. فعلى مقربة من المكان الذي أقف فيه، كان هناك قبل أيام المعرض الرابع والعشرين للكتاب الفرنكوفوني والثالث عالميا بعد باريس ومونتريال، والذي حضره وتجول في قاعاته ألوف من ذوي الثقافة الفرنسية والفرنكوفونية وعارفيها ومحبيها".
وقال: "لقد صنعت بيروت النادي الثقافي العربي وصنع هذا النادي العريق معرض الكتاب العربي والدولي الذي أصبح يؤازره في ذلك اتحاد الناشرين. وعندما نهض النادي الثقافي العربي بأعباء معرض الكتاب في الخمسينات من القرن الماضي، فإن ذلك كان بشرى للكثير من اللبنانيين والعرب بالنهوض الكبير الذي يعتزم اللبنانيون اجتراحه والسير فيه لاستنهاض الوطن والأمة. وبناء على ذلك، فقد أقبلت سائر فئات اللبنانيين والعرب على التنافس البناء في بيروت بالحرية والتقدم والإبداع والمثابرة. وها نحن، وبعد عدة عقود حافلة بالأحداث السارة في بعض منها والمحزنة في بعضها الآخر، مازلنا صامدين ونصر على الاستمرار على مسارات تحقيق النهوض الثقافي اللبناني والعربي. وها قد صار الناشرون مئات بعد أن كانوا عشرات، وصارت بيروت إلى جانب القاهرة، الجناحين اللذين لا تطير الثقافة العربية إلا بهما، هذا إلى جانب محاولات جديدة واعدة من عواصم عربية أخرى. والأمل سيبقى كبيرا في عودة دمشق وبغداد لتلعب كل منها دورها الطليعي في المجال الثقافي في المشرق العربي".
أضاف: "هناك عدة مشكلات تواجه الثقافة العربية والكتاب العربي. ومن أهم تلك المشكلات القلة النسبية للقراء، وصعوبات تصدير الكتاب وانتقاله بين الأسواق والبلدان العربية، وقلة الاستثمارات في تطوير صناعة الكتاب. بيد أن المشكلتين الأكبر هما: أولا، استيلاء وسائل التواصل الاجتماعي على اهتمامات شبابنا وشاباتنا، بحيث تراجعت أقدار الكتاب الورقي واصبح قراؤه قلة. وثانيا، عدم ظهور النهوض العربي الكافي في ظل الأزمات والنزاعات والصراعات المتناسلة في أكثر من بلد عربي والتي تحرفنا عما ينبغي أن تكون عليه بوصلة اهتماماتنا، وبوصلة مصالحنا المستقبلية، وتمنعنا من الاستجابة المقدرة في تحقيق التلاؤم مع حركة العالم، ومواكبة متطلباته، ومواجهة إرغاماته. كما وعدم التلاؤم بالشكل الكافي مع ما تحتاجه مجتمعاتنا وأجيالنا الشابة وتحتاجه اقتصادات دولنا العربية. كذلك فإننا نشكو في السياق ذاته من عدم وجود فئات عربية مثقفة عريضة، تمضي في اجتراح النهوض العربي الجديد".
وتابع: "إن وسائل التواصل الاجتماعي لا بد من التلاؤم معها بإكسابها مستوى ثقافيا معقولا، والخروج بالتدريج من حالة الفضول، رغم أهمية كونها مجالا واسعا للتسلية وتحفل بالإمكانيات التي تتيحها الضرورة لاستعمالها، إلى ما يؤدي إلى استنهاض أفعل للجهود للمشاركة في صنع ما هو مفيد بشكل أكبر ثقافيا ومعرفيا وعلميا لمجتمعاتنا واقتصاداتنا ولأجيالنا الشابة. أما مشكلة التضاؤل الثقافي، فلا تحلها إلا إرادة نهضوية لا تأبه للصعاب وتتحدى إرغاماتها، وتقبل على صنع الجديد والمتقدم بالرغم من صعوبة الظروف التي نمر بها. وسائل التواصل الاجتماعي لا تغني عن الكتاب، لكنها تحدد فئات القراء والقراءة. أما الأمر الجلل الذي ينقذ الكتاب وصناعته وانتشاره فهو الكتاب ذو النوعية الجيدة والعالية في المناهج والموضوعات، وسواء أكان أكاديميا أو مدرسيا أو إبداعيا أو ثقافيا أو علميا، ذلك لأنه يستشرف الآفاق، ويبشر بالجديد والمتقدم ويعمل على تطويره مناهج وإنتاجا جديدين".
وقال: "في كل هذه الأمور أقبل الناشرون اللبنانيون ويقبلون على التقدم على مسارات إنجازها. وهم يفيدون في ذلك من التقدم العالمي، ومن إمكانيات التكنولوجيات الحديثة ووسائل التواصل الحديث لإنتاج مؤلفات غير ورقية. لدينا همة الناشرين، ونحن نستشرف مع سائر القراء اللبنانيين والعرب همة الشعراء والروائيين والباحثين والعلماء وسائر المنتمين لهذا الجهد الثقافي والعلمي لإطلاق حركة متجددة في إنتاج الكتاب. ولا يعني ذلك أن المحاولات ليست جارية أيضا لإنجازه، فهناك بالفعل إرهاصات تشير إلى ذلك. تأملوا كيف يحصل المبدعون اللبنانيون على الجوائز العربية والعالمية التي تتوارد عليهم كل شهر تقريبا على مدار العام، وتأملوا أيضا كيف أن بإمكانهم تحقيق المزيد. في هذا المجال، نستطيع أن ندرك أيضا أهمية العمل الجاد والمثمر على تعزيز الجهود الحكومية وكذلك من قبل المجتمع المدني لاستعادة النهوض الوطني والتأكيد على تعزيز التميز العلمي والثقافي والتشجيع على العلم والابتكار ومكافأته لتحفيز الآخرين على سلوك ذات الطريق. وأيضا للتشجيع على التعلم المستمر لدى مختلف الفئات العمرية لحفز عملية التلاؤم المستمر مع التطورات والتحولات".
وأضاف: "في المحن ينبغي العودة إلى المبادئ والأسس، إلى المرتكزات، إلى الملح الذي نملح به خبزنا، حيث ليس لنا في مواجهتها على المستوى العربي إلا التأكيد على فكرة العروبة الديمقراطية الجامعة والمستنيرة والمتقبلة والمحتضنة للآخر المختلف، ولو اختلف هذا الآخر بالمعتقد والعرق والفكر والدين والمذهب. لأنه علينا الاعتراف بهذه الفروق والاستفادة من هذا الثراء الذي يؤمنه ويضفيه هذا التنوع وهذا الاختلاف من ضمن الوحدة. علينا أن نحقق هذا النهوض من أجل أن نواجه آفات التعصب والتشدد والمذهبية والعنصرية ونتغلب عليها. ولا يكون ذلك إلا بالعودة للعروبة المدنية التي تجمع ولا تفرق وتحضن ولا تحاصر. العروبة التي لا تستسلم للخوف أو الانطواء بل تحض على الانفتاح من أجل إطلاق الجديد واستيلاد الفرص من التنوع ومن رحم المشكلات، وكذلك الاستفادة من فضيلة التسامح وكذلك الاحتضان لجميع مكونات مجتمعاتنا".
ورأى أن "العروبة القادرة على استعادة دورها فكرة نهضوية إصلاحية تبني على المشتركات ولا تهمل ولا تتجاهل الفروق بين دولنا وشعوبنا العربية. عروبة نبنيها على التكامل وعلى العيش المشترك والمصالح المشتركة بين تلك الدول والشعوب. عروبة لا يجري توظيفها لخدمة دين أو مذهب أو حزب. عروبة حضارية تتسع لمفاهيم التنوع والانفتاح على الثقافات الأخرى وتحتضن قيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان".
وقال: "إذا كنت أثني على الناشرين اللبنانيين ونقابتهم الذين يتعاونون مع المؤلفين اللبنانيين والعرب في إنتاج النص الجيد الورقي وغير الورقي، فمن الحق الثناء على الجهود المستمرة للاخوة في النادي الثقافي العربي من أجل حفز جهود التحديث والتطوير المستمرين في هذا المعرض السنوي وكذلك في جهود النادي الثقافية الأخرى. هذا النادي الذي أعتز بالانتماء إليه وبرئاسته في فترة ماضية. وأعتز أيضا بهذا المعرض السنوي الذي يقيمه النادي والذي هو عميد المعارض العربية للكتاب، وكذلك بالنشاطات الأخرى التي يقوم بها النادي والذي يتحول بجهوده هذه إلى منتدى للقراءة وصنع الثقافة بشتى الصيغ والأشكال".
وختم: "نحن محتاجون لهذه الجهود كلها، وللمؤسسات التي تهتم بثقافة الشباب ولغتهم، لكي نستطيع النظر في عيون أبنائنا وبناتنا بثقة وأمل وتفاؤل بمستقبل يرتفع منارة بالعلم النافع، والثقافة الحرة والمستنيرة، والأوطان القوية والآمنة والديمقراطية والمستقرة. عاش معرض الكتاب العربي والدولي في بيروت. عاش النادي الثقافي العربي. عاشت بيروت منارة للثقافة".
أما رئيس النادي الثقافي العربي فادي تميم فإنه يركز على أهمية الكتاب في دورته الجديدة، ويقول :" ستبقى بيروت المكان والعاصمة الثقافية الزاخرة، وسيبقى الكتاب عنوانها ومرجعيتها الثقافية. ومعرضنا اليوم هو عمل طبيعي ومثمر تعودت عليه بيوت منذ عقود، وسوف يستمر هذا النشاط بزخمه المعتاد، فبيروت والكتاب صورة واحدة لا تتجزأ.بيروت عاصمة الثقافة وعاصمة الكتاب، ولن يكون غير ذلك رغم كل المحن والظروف الطارئة".
(جوائز)
أما الجوائز في المعرض فقد تم توزيعها على الشكل التالي : تم توزيع الجوائز على افضل كتاب إخراجا، وفاز في المرتبة الأولى كتاب "قصور ومتاحف من لبنان"، المؤلف سمير البساط، و"الجنوب" أدرفرتيرنغ صيدا، تصوير رمزي حشيشو وكامل جابر 2017. وفاز في المرتبة الثانية كتاب "أندلس الشعراء" للشاعر محمد بنيس - المركز الثقافي للكتاب 2017، فيما احتلت المرتبة الثالثة موسوعة النباتات في بلاد الشام، المؤلف الدكتور محمد علي شقص - دار النفائس 2017 - جزءان".
أما جائزة أفضل كتاب طفل إخراجا، فقد جاءت النتائج كالتالي: المرتبة الأولى: قصة إستقويت فندمت - المؤلف سديم النهدي - دار العلم للملايين 2017، رسوم ميرا المير ومريلين الحايك. المرتبة الثانية: قصة جدتي طفلة رائعة تأليف أميمة عليق - دار البنان_ رسوم فرشته نجفي 2017. المرتبة الثالثة: قصة لغتي هويتي تأليف رانيا زبيب ضاهر - دار النديم 2017 رسوم سحر عبد الله.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024