دليلك إلى الطرق الطبيعية لمحاربة التوتر
نقدم لك أفضل التقنيات الطبيعية التي صادقت عليها الدراسات العلمية والهادفة إلى محاربة التوتر وتفادي الوقوع في فخ الاكتئاب من دون اللجوء إلى الأدوية...
تعزيز الدفاعات الطبيعية بواسطة أحماض أوميغا ٣ حين نشعر بالتوتر، ينتج الجسم مركبات مسببة للالتهاب، هي السيتوكين. وكلما خففنا من تناول أحماض أوميغا ٣ المضادة للالتهاب والضرورية لحسن عمل الخلايا العصبية، ازداد التأثير السلبي لمركبات السيتوكين، وأصبح جسمنا أكثر هشاشة أمام التوتر. وقد أثبتت عشرات الدراسات العلمية صحة هذه الحلقة المفرغة التي تدفعنا في النهاية إلى الاكتئاب. أكدت معظم الدراسات أنه يمكن التخلص من القلق والأرق والحزن وقلة الطاقة وانعدام النشاط بمجرد تناول زيت السمك الغني بأحماض أوميغا ٣. والواقع أن أفضل المصادر لأحماض أوميغا ٣ هي السمك الدهني، مثل السلمون، والتونة، والاسقمري والسردين، وينصح باستهلاكها ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع.
شرب الشاي للحفاظ على الطاقة
نعرف كلنا مزايا الشاي، وخصوصاً قدرته على محاربة التأكسد، وتنشيط الجسم، ودرّ البول. وتشير الدراسات أيضاً إلى أن الشاي يتيح تخفيض مستوى الكورتيزول في الجسم، علماً أن الكورتيزول هو الهرمون المرتبط بالتوتر. وأثبتت دراسة بريطانية أن تركيزات الكورتيزول في الدم انخفضت إلى النصف تقريباً عند الذين يشربون 4 أكواب من الشاي كل يوم بشكل دوري ومنتظم.
تخفيف القلق بواسطة العلاج بالنباتات
لم تنتظر جداتنا العلماء للتأكد من قدرة بعض النباتات على تهدئة النفوس وإزالة القلق والتوتر. إلا أن الدراسات الحديثة تؤكد بشكل علمي قدرة بعض النباتات على التأثير إيجاباً في الجسم كما لو أنها أدوية حقيقية. فزهرة الآلام مضادة للقلق، والزعرور مضاد للتشنج، ونبات الناردين مسكن للألم. لذا، يوصى باستعمال هذه النباتات في معالجة القلق وحالات الأرق الخفيف. وتبين أن هذه النباتات يمكن أن تكون بديلاً فعالاً جداً للأدوية والجزيئات الكيميائية. واستنتجت دراسة أميركية حديثة أن نبتة الأوفاريقون (millepertuis) فعالة بقدر مضادات الاكتئاب في معالجة حالات الاكتئاب، من دون أن يكون لها أية تأثيرات جانبية. إلا أن هذه النبتة قد تخفف من فاعلية بعض الحبوب المانعة للحمل ولذلك يجب استشارة الطبيب قبل تناولها.
السيطرة على التوتر باليدين
يمكن للملاطفات والمداعبات والتدليكات أن تزيد مستوى الأوسيتوسين والألفا-أميلاز في الدم، وهما مادتين مرتبطتين بالسيطرة على التوتر. فقد أثبتت الدراسات الميدانية أن الخضوع لثلاث جلسات من التدليك أسبوعياً، بمعدل ٣٠ دقيقة كل مرة، قادر على طرد التوتر من الجسم. واستنتج باحثون في علم الأعصاب في جامعة فيرجينيا الأميركية أن المرأة تسعى غريزياً إلى الإمساك بيد زوجها عند شعورها بالتوتر بهدف التخفيف من قلقها والإحساس ببعض الأمان. وفي حال عدم تواجد الزوج أو أحد من أفراد العائلة، قد تلجأ المرأة إلى الإمساك بيد أي كان، وهذا فعال وإن بدرجة أقل.
ضبط العواطف بالتناغم القلبي
عند السيطرة على التنفس، يمكن تنظيم دقات القلب والتخفيف من تأثيرات التوتر. والأساس هو أن يرافق انتباهنا تنفسنا، ومن ثم التركيز على مساحة القلب، باعتماد إيقاع قدره ست تنفسات بطيئة وعميقة في الدقيقة الواحدة. وقد أثبتت التجارب الميدانية لهذه الطريقة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من خفقان القلب انخفض من ٤٧ إلى ٢٥ في المئة بعد اعتمادهم هذه الطريقة في التنفس والسيطرة على العواطف. وبالنسبة إلى التوترات في الجسم (٤١ في المئة) والأرق (٣٤ في المئة)، انخفضت النسبة إلى ٦ في المئة! تجدر الإشارة أيضاً إلى أن تقنيات التأمل واليوغا مفيدة للسيطرة على التنفس وهي فعالة في محاربة التوتر والحفاظ على رباطة الجأش والهدوء والاتزان.
البكاء ونوبات الضحك: علاج صدمي مريح
يقول تسعون في المئة من الأشخاص إنهم يشعرون بالارتياح بعد البكاء. والسبب في ذلك هو كون الدموع وسيلة ليستعيد فيها الجسم توازنه بعد صدمة أو حدث مؤثر... وتتيح الدموع خصوصاً التخلص من البرولاكتين، الهرمون المسؤول عن التوتر. وإذا كانت الدموع علاجاً جيداً للتوتر، فإن الضحك هو العلاج الأساسي لهذه المشكلة. فقد أثبتت دراسات عدة تأثير الضحك الإيجابي في حماية القلب والتخفيف من الضغط النفسي والتوتر العصبي. إلا أننا بتنا نضحك لسوء الحظ بمقدار أقل يوماً بعد يوم، إذ تشير الإحصاءات إلى أننا نضحك ٦ دقائق يومياً مقابل ١٩ دقيقة قبل خمسين عاماً. من المهم إذاً تعزيز روح الدعابة وحسّ الفكاهة والانخراط في المواقف المشجعة على الضحك.
الركض لصعود القمة
يعرف الرياضيون المحترفون هذه الظاهرة. فبعد ١٥ إلى ٣٠ دقيقة من الركض، يشعر المرء بمرح خفيف وتنطلق مخيلته في أجواء إيجابية. يعزى ذلك إلى إطلاق الجسم لمادة الأندورفين. وكلما ازداد إطلاق هذه المادة في الجسم، أصبح الجسم أكثر فاعلية في محاربة التوتر والقلق. ما عليك إذاً إلا الركض لمدة ٢٠ دقيقة، ثلاث مرات أسبوعياً، للحصول على ترياق فعال بقدر «البروزاكس»!
تحفيز العقل بالوخز بالإبر
أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن دماغنا العاطفي يمكن أن يتأثر مباشرة بالوخز بالإبر. فقد قام الباحثون بتحفيز نقطة في أعلى اليد، بين الإبهام والسبابة، تشتهر بقدرتها على تهدئة الآلام والتوترات وأوجاع الرأس. وعند تصوير الدماغ بتقنية الرنين المغنطيسي، تبين وجود تخدير جزئي في محاور الألم والخوف في الدماغ عند تحفيز تلك النقطة في اليد. وهذا دليل قاطع على أن الوخز بالإبر يستطيع فعلاً التأثير إيجاباً في عواطفنا وتهدئة روعنا وقلقنا.
التخلي عن مضادات الاكتئاب والتفكير بطريقة إيجابية
توقفي عن لوم نفسك بالقول «لو فعلت...» أو «لو كنت...». فالتفاؤل هو استراتيجية ممتازة لمحاربة التوتر، وقد أثبتت الدراسات العلمية ذلك عبر اختبار أجري على مجموعة كبيرة من الأشخاص وأفضى إلى نتائج حاسمة وأكيدة. دوّني على دفتر صغير كل الأمور الإيجابية التي تحصل خلال يومك. وبعد مرور ستة أسابيع فقط، أي الوقت اللازم ليأخذ مضاد الاكتئاب مفعوله ويبدأ بالتأثير في الجسم، سوف تجدين أنك استعدت المعنويات المرتفعة وأصبحت مزودة برادع للتوتر.
المطالعة ٦ دقائق يومياً
من الأفضل البحث عن الهدوء في الكتب بدل اللجوء إلى الصيدلية والأدوية! فقد أثبتت دراسة أميركية أجراها عدد من العلماء المشهورين أن المطالعة لمدة ٦ دقائق يومياً كافية لخفض مستوى التوتر بنسبة الثلثين تقريباً. وأظهرت هذه الدراسة أيضاً أن المطالعة تخفض التوتر بنسبة ٦٨ في المئة، فيما تنجح الموسيقى في ذلك بنسبة ٦١ في المئة، وفنجان الشاي بنسبة ٥٤ في المئة، والنزهة على القدمين بنسبة ٤٢ في المئة. وللحصول على أكبر قدر ممكن من الفوائد، ما عليك إلا المطالعة وأنت تستمعين إلى الموسيقى وتشربين فنجاناً من الشاي!
العلاج الضوئي لطرد الاكتئاب
مع حلول فصل الشتاء، نصبح جميعاً أكثر عرضة للاكتئاب والعزلة. وقال الخبراء إن هذه المشاكل تعزى أساساً الى مقدار الضوء القليل الذي نتعرض له خلال هذا الفصل البارد والممطر. في الواقع، تبلغ الكثافة الضوئية ليوم صيفي، في باريس مثلاً، ١٠٠٫٠٠٠ لكس. إلا أنها تصبح ١٥٠٠ لكس فقط خلال الخريف. واللافت أن أجسامنا تتأثر بشدة بهذا التضاؤل الكبير للكثافة الضوئية. فحين يكون الجو مظلماً، تفرز غدة المشاشة Epiphyse، الموجودة في المخيخ، مادة الميلاتونين، وهي نوع منوّم خاص بالجسم البشري.
هكذا، يزداد إفراز الميلاتونين خلال النهارات القصيرة الملبدة بالغيوم والمفتقدة إلى الكثافة الضوئية، مما يؤدي إلى خلل في ساعة الجسم البيولوجية. لذا، نجد أحياناً أننا نرغب في النوم ولو في منتصف الظهيرة. أضيفي إلى ذلك، هبوط المعنويات، والافتقاد إلى الطاقة، ونوبات الجوع الشديد، وزيادة الوزن.
لكن في بداية الثمانينات من القرن العشرين، لاحظ العلماء أن التعرض إلى ضوء قوي الكثافة يسمح بخفض إفراز الميلاتونين بنسبة كبيرة. هكذا، يمكن لجلسة واحدة من العلاج الضوئي كل يوم، على مدى أسبوع كامل، أن تعيد إلى الجسم حيويته ونشاطه ومرحه.
وتجرى في الوقت الحاضر أبحاث على الرياضيين، إذ يبدو أن الجانب المنشط للضوء يسمح أيضاً بتحسين أداء الرياضيين.
لكن لا تخلطي أبداً بين الكثافة الضوئية والحرارة. فالتعرض للأشعة ما فوق البنفسجية لا يعوّض عن نقص الضوء. وإذا تعرضت للاكتئاب خلال فصل الشتاء، اعرضي الأمر على طبيبك الذي يرشدك إلى أحد المراكز المتخصصة في العلاج الضوئي. ولا تنسي أهمية التعرض للضوء الطبيعي، وقضاء أكبر وقت ممكن تحت أشعة الشمس الدافئة.
تجدر الإشارة إلى ضرورة التعرض للضوء لمدة ١٠ أيام أو ١٥ يوماً متتالية للحصول على نتائج ملموسة. أما فترة التعرض للضوء في كل جلسة فترتبط بمسافة ابتعادك عن المصباح الضوئي. فإذا كنت بعيدة ٢٥ سنتيمتراً مثلاً عن المصباح، يفترض أن تدوم الجلسة ٣٠ دقيقة، على افتراض أن كثافته الضوئية كبيرة جداً (١٠٠٠٠ لكس). لكن إذا ابتعدت ٧٥ سنتيمتراً عن المصباح، تدوم الجلسة ساعتين (٢٥٠٠ لكس). واعلمي أن هذا المصباح لا يصدر الأشعة ما فوق البنفسجية وتتولى مصفاة للأشعة ما فوق البنفسجية حماية العينين. إلا أننا ننصحك باستشارة الطبيب في حال المعاناة من مشاكل في العينين.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024