سُمنة زائدة وشحوم متكدسّة!
مشكلة العصر هي السُمنة الزائدة عن حدّها الطبيعيّ والبدانة المفرطة والدهون المتكدّسة في الجسم! وهذه كلّها تشكّل معضلات جماليّة إلى جانب كونها مشاكل صحّية وخيمة تؤثّر على مختلف أعضاء الجسم بطريقة سلبيّة وتسبّب العواقب السلبية... فبعد إكتساب بضعة كيلوغرامات، يبدأ المرء بالإنزعاج من مظهره الخارجيّ، فيعمل ما بوسعه لإعادة التخلّص منها. لكن ماذا يحصل عندما تُفلت زمام الأمور، وتزيد الكيلوغرامات عن حدّها المقبول، فتصبح الشحوم والدهون هي المسيطرة؟!
عندها يحين وقت التدخّل السريع للقضاء على المشكلة في مهدها. شفط الدهون وتكسيرها وإزالتها من الجسم أمر قطع شوطاً كبيراً في السنوات المنصرمة، إذ تدرّج من «بدائيّ » ومحفوف بالمخاطرة، إلى آمن وسهل وبسيط ومضمون. إذ بات الآن شفط الدهون وسحبها غاية في الفعاليّة وذا نتائج باهرة.
يفسّر الدكتور نادر صعب، الإختصاصيّ في الجراحة التجميليّة كل طرق شفط الدهون، منذ البدء بتطبيقها وحتى وقتنا هذا، منوّهاً الى الفروقات بين كلّ وسيلة وأخرى. كما تشرح كارلا كتاني، الإختصاصيّة في علم التغذية وإدارة الغذاء، نوعيّة وكميّة الطعام الواجب تناوله للحفاظ على الرشاقة وعدم إكتساب الدهون والشحوم الفائضة.يشكّل الطعام مصدر إغراء كبير للإنسان، بكلّ ما لذّ وطاب، بأشهى الأطباق وأطيب النكهات... فينجرف المرء لرغباته، ضارباً بعرض الحائط ما يمكن أن يتأتّى من جرّاء تناول ما يبغيه على الدوام من دون الإلتفات إلى حسيب أو رقيب! لكن تقع المشكلة بعد أن يكون قد "أشبع" ناظريه ومعدته عشوائياً إذ ياتي مَن يحاسبه ويذكّره أنه غير مصنوع من مادّة عازلة لا تتفاعل مع الطعام. فالجسم البشريّ عُرضة للسُمنة كما للنحافة، وهو قد يكون مرتعاً للدهون ما لم تُراقَب الكمّيّة والنوعيّة. تبدأ المشكلة تدريجياً بزيادة الوزن وإكتساب الكيلوغرامات حتى تتخطّى ذلك وتصبح أكبر من ذلك بكثير، حين تتحوّل من مجرّد زيادة في الوزن إلى المعاناة من السُمنة والبدانة. من هذا المنطلق، أوجدت وسائل عديدة لمساعدة كلّ إنسان على الحفاظ على الرشاقة ضمن المعايير المطلوبة. فالإعتدال في الأكل ومراقبة الوزن والإنتباه إلى نوعية المأكولات وممارسة الرياضة والإمتناع عن العادات المسيئة إلى عمليّة الأيض والهضم وسواها، تشكّل حلولاً فعّالة للبقاء بصحّة جيّدة وللتمتع بمظهر لائق. من جهة أخرى، عندما تتفاقم المشكلة، تكون الحلول أكثر جذريّة، بحيث تتطلّب تدخلاً من الإختصاصيين، عبر وسائل طبية تجميليّة وحتى جراحيّة أحياناً. فمن الكريمات المنحّفة الخاصة والحبوب، إلى الماكنات المتطوّرة لتمسيد الدهون وتفكيكها إلى جراحات شفط الشحوم وتكسيرها وتصريفها...
سُمنة وشحوم
تنوّعت الوسائل والطرق والهدف واحد: القضاء على الدهون الزائدة في الجسم. يقول الدكتور صعب "لقد بدأ العمل على شفط الدهون منذ ما يُقارب الأربعين سنة، حين كانت الوسائل لا تزال بدائيّة بعض الشيء وتسبّب بعض العواقب والمشاكل. وأمّا في عصرنا هذا، فقد قفزت قفزة نوعيّة إذ باتت تشكّل الملاذ الآمن لكلّ راغب في الحصول على القوام الرشيق. يكون عموماً سحب الدهون لغاية تجميليّة، كما قد يكون لهدف صحّي أحياناً عندما تتراكم الشحوم بشكل كبير فتهدّد سلامة الجسم، ما يقتضي التخلّص من أكبر كمّيّة منها ممكنة عبر شفط الدهون ومحاولة التخلّص من الشق الباقي بالحميات الغذائية والرياضة ».
فالحفاظ على الجسم الجميل والسليم في آنٍ واحد أمر في غاية الأهمية. إذ إنّ للسُمنة الزائدة عواقب كثيرة صحيّة، منها على سبيل المثال لا الحصر مشاكل القلب وإرتفاع ضغط الدم، إرتفاع معدّل الكوليستيرول والتريغليسيريد في الدم، زيادة نسبة داء السكّري، وغيرها من الأمراض .يرى صعب أنّ «أكثر المناطق عُرضة لتكدّس الدهون عند الرجال هي عموماً مناطق البطن والخصر والصدر. وأمّا عند النساء فهي مناطق الأرداف والأفخاذ والخصر والبطن والركبتين .»
تقنيّات شفط الدهون
كلّ إختراع أو وسيلة أو تقنيّة يبدأ بسيطاً ويتطوّر مع الوقت لخدمة الناس. ومع التقدّم الطبيّ-التجميليّ الهائل الذي حصل في السنوات الأخيرة، أصبح بالإمكان شفط الدهون بطريقة فعّالة وسهلة ومضمونة. يشرح الدكتور صعب التقنيات التي إستخدمها الإختصاصيّون لمحاولة شفط الدهون منذ القديم وصولاً إلى وقتنا هذا. يقول «في البداية، عمد الأطباء إلى إدخال قساطل صغيرة بطريقة يدويّة إلى داخل الجسم لسحب الدهون إلى الخارج. وقد تسبّبت هذه التقنيّة ببعض المضاعفات والمشاكل، وتمّ العمل على تطويرها حتى نالت موافقة ال FDA . وبات الإختصاصيّون يستعملون طرقاً وقائية تحول دون التسبّب بجلطات مؤذية وتعمل على تسييل الدم بعض الشيء ». يضيف «وبعد فترة، جرى العمل على تطوير ماكنات وآلات خاصة من شأنها أن تشفط الدهون عبر قساطل صغيرة، وهي تعمل على ضغط منخفض Low Pressure ، بحيث يتمّ الشفط عبر إحداث جرح صغير في الجلد، ما قد يخلّف ندبة معيّنة.
بعد مدّة، تغيّرت الأمور، إذ أصبح الطبيب يباشر حقن الجسم بمادة شبيهة بالماء الممزوج بدواء خاص كي يتحوّل الدهن إلى مادّة سائلة بعض الشيء فيتمّ شفطه بطريقة أسهل من دون دماء ». ويُكمل مستطرداً: «وأمّا الآن، فقد دخلنا في عصر جديد، أي في مرحلة تفتيت الدهون بالصوت أي -Ultrasound Assisted UAL Liposuction -، بحيث يتمّ إدخال قسطل رفيع جداً إلى الجسم، يحتوي في مقدّمته على ماكنة تفتت الدهن لكن داخل الجسم ويتمّ من بعدها شرقه إلى الخارج مفتتاً .» كلّ هذه الجراحات أصبحت الآن بسيطة وسهلة. وهي تعمل على مبدأ شفط الدهون ونحت القوام Liposuction & Liposculpture ، تحت تخدير موضعيّ، فلا يشعر المرء بالإنزعاج أو بالعواقب نتيجة التطوّر الحاصل والذي يقوم على تفتيت الدهون وليس شفطها فقط بطريقة مؤلمة. يؤكّد الدكتور صعب أنّه «بالإمكان شفط ما يقارب التسعة كيلوغرامات من الشحوم والدهون عبر إستخدام تقنيات الشفط الحديثة، لكن لا يمكن تخطّي معدّل ١٠ % من وزن الجسم عبر هذه التقنيات، لذلك، لا بدّ من المتابعة والمحاولة لخسارة الشحوم المتبقيّة عبر الوسائل المكمّلة، أي الحميات الغذائيّة والرياضة ». ويضيف أنّه «لا بدّ من أن يمشي الشخص قدر المستطاع بعد الخضوع لهذا النوع من الجراحات التجميليّة البسيطة حتى يشفى، كما يجب التقيّد بإرشادات الطبيب ولبس المشدّ الخاص، إضافة إلى شرب كميّات كبيرة من المياه لتصريف الدهون المتبقيّة في الجسم.
طُرُق غير جراحيّة
كثيرون يخافون الخضوع لمبضع الجرّاح مهما علت التطمينات وكثُرت التأكيدات. وقد إستحدث الطبّ التجميليّ وسائل عديدة من شأنها أن تساعد المرء في الحصول على القوام الرشيق. يفسّر الدكتور صعب «لقد بدأ العمل بوسائل تجميليّة غير جراحيّة للتخلّص من الدهون الزائدة في الجسم منذ ما يقارب العشر سنوات. وهي لا تزال في تطوّر مستمرّ. فالطريقة الأولى هي إستخدام نوع خاص من الليزر LPG حيث تبعث الآلة تموّجات إلى الجسم، تعمل على تمسيد الدهون حتى يتمكّن الجسم من إذابتها بنفسه ومن ثمّ يصرّفها بطريقة طبيعيّة. أمّا الوسيلة الثانية، فهي بواسطة الصوت، أي Ultrasound التي هي ماكنة تحمّي الدهون في الجسم فيستطيع الإنسان إذابتها عبر الحميات الغذائيّة بشكل أسرع من العادة.
وتكون الطريقة الثالثة هي بإستخدام تموّجات "الألفا" Alfa waves التي تذيب الدهون تحت حرارة معيّنة من دون التسبّب بأذيّة للجسم. وتوجد وسيلة أخرى تقوم على إدخال قسطل داخليّ والإستعانة بالليزر الخاص، وبالجراحة التجميليّة البسيطة لإذابة الدهون عبر الليزر وإبقائها في الجسم حتى يتخلّص منها هو بطريقة طبيعيّة ». ولعلّ هذه الوسيلة هي الأكثر تطوّراً حتى الآن. إنّ التقنيّات غير الجراحيّة يعتمدها عموماً أطبّاء الجلد أو أطباء الصحّة حتى يوفّروا الحلول للأشخاص الذين لا يحبّون الجراحة، وللذين يتمتّعون بصبر وإرادة إذ تستغرق هذه التقنيّات بعض الوقت لإعطاء النتيجة، وهي مقسّمة على جلسات عدّة، أي ما يقارب الخمس عشرة جلسة وما فوق. أمّا جرّاحو التجميل، فيفضّلون قطعاً الجراحات السريعة التي تعطي النتيجة المطلوبة بأقلّ جهد وأقلّ وقت، وتساعد الإنسان العمليّ على إكمال حياته اليوميّة، بحيث يخضع للجراحة ويعاود نشاطه في اليوم عينه إذا أراد! يبقى أنّ إعادة نحت القوام والحصول على المظهر المطلوب Reshaping خاضعان للسيطرة الآن ولم يعودا يشكلان مضاعفات وخيمة أو خطراً.
نصائح عمليّة
في نهاية المطاف، كلّ شحص هو سيدّ القرار وبإمكانه إتخاذ ما من شأنه أن يريحه ويُثلج قلبه. ينصح الدكتور صعب "الجميع بواجب الإنتباه إلى قوامهم ». كما يشدّد على السيّدات خصوصاًبضرورة التخلّص من الترهّل ما بعد الولادة ومن السُمنة الزائدة. «فمن المستحسن الخضوع لجلسات شفط الدهون وشدّ البشرة للتخلّص من الدهون الزائدة إضافة إلى الترهّل الجلديّ الزائد .» في ما يتعلّق بالشقّ الغذائي، لا بدّ من التأكيد أنّ الإنصياع للنزوات والرغبات وتلبية الشهوات الغذائية، من شأنهما أن يُعيدا المرء إلى نقطة الصفر، بحيث يخسر كلّ النتائج التي حقّقها عبر تقنيّات شفط الدهون، الجراحيّة منها أو غير الجراحيّة.
وتقول الإختصاصيّة الكتاني: «يجب إتّباع إرشادات غذائية ونصائح عامة، والتقيّد بها وجعلها جزءاً من الحياة اليوميّة، كي يعتاد المرء على نظام محدّد ويواصل المحافظة على ما خسره من شحوم، أو يخسر كمّيّات إضافية من الدهون المتكدّسة من دون عناء يُذكر ». لذلك، فإنّ المواظبة على الحمية الغذائيّة المعتدلة، بالإضافة إلى ممارسة النشاطات الرياضيّة، والتوجّه إلى التقنيّات الحديثة لمحاربة البدانة، تمكّن كلّ إنسان من تحقيق هدفه والحصول على الجسم الذي يرغب فيه، الجسم الخالي من العيوب والشحوم والسُمنة الزائدة.
إرشادات عامّة
ترى الكتاني أنّ «على كلّ شخص أن يضع نُصب عينيه الهدف الذي يطمح إليه حتى يستطيع على الدوام تحفيز نفسه لمواصلة ما بدأه. ولعلّ أسهل وسيلة للقيام بذلك هي تذكير الذات بأهمية التمتّع بالجسم السليم الصحيّ أولاً ومن ثمّ القوام الجميل ». يمكن لكلّ مَن يريد أن يحافظ على وزن مستقرّ أو أن يخسر بضعة كيلوغرامات أن يتّبع منهجاً بسيطاً. تفسّر الكتاني «يجب تناول ثلاث وجبات أساسيّة خلال اليوم، ولا يجوز مطلقاً الإستغناء عن أيّ منها، كما يجب تناول الطعام بهدوء وبطء ومضغ الأكل جيّداً لتسهيل عمليّة الهضم. ويجب الإلتزام بكمّيّات قليلة تكفي لسدّ الجوع، والنهوض عن مائدة الطعام فور الإنتهاء من الأكل حتى لا يتخطّى الشخص الكمّيات المسموح بها. من جهة أخرى، إنّ الماء ضروريّ جداً، لذلك يجب تأمين ما بين ليتر ونصف إلى ليترين منه يومياً للجسم، لكن بعيداً عن وجبات الطعام، إلى جانب تناول المأكولات الغنيّة بالألياف مثل الخضار والفاكهة غير المقشّرة وخبز القمح الكامل.
فالخضار تعطي الإنسان الشعور بالشبع وتبعد الجوع، لذلك من المستحسن إختيار الخضار النيئة أو المطبوخة وإدخالها ضمن كلّ وجبة للإكتفاء بكمّيات معقولة من الطعام ». لكن هذه الإختيارات وحدها غير كافية، بل من المفضّل أيضاً تعلّم إتباع نمط خاص بالحميات المنحفة، من حيث إختيار النوعية والكمّيّة. تضيف الكتاني: «من المحبّذ إستعمال طرق الطهو التي من شأنها أن تساعد على التخلّص من الدهون، كالسلق والشي والطهو على البخار عوض القلي مثلاً. كما يجب إزالة الدهن الظاهر في اللحوم قدر المستطاع قبل طهوها وإزالة الجلد عن الدجاج قبل التحضير. ويجب الإبتعاد عن الدهون المشبّعة مثل السمنة والزبدة والدهن الحيواني، وإستبدالها بزيت الزيتون، أو زيت دوّار الشمس، أو زيت الذرة، بكمّيّات قليلة.
ويجب إستبدال الحليب الكامل الدسم أو الكريما بالحليب الخالي من الدسم أثناء الطبخ، بالإضافة إلى إستبدال مكعّبات المرقة بالحشائش المطيّبة، والحامض والخردل والبصل والخلّ للحصول على النكهة الطيّبة. كما يمكن تناول المشروبات الغازية الخفيفة، والخاصة بالحمية Diet، إضافة إلى الشاي أو الزهورات على أنواعها أو القهوة أو العصائر الطبيعيّة، لكن من دون إضافة سكّر ». ويبقى التنويه الى أهمّيّة ممارسة الرياضة بإنتظام ثلاث مرّات أسبوعياً لمدّة ٤٥ دقيقة على الأقلّ، إذ تساعد على تكسير الدهون وتساهم في التخلّص منها. إنّ الحصول على الجسم الممشوق يتطلّب الإرادة والتصميم والعزم، بالإضافة إلى الحمية والرياضة، والوسائل المتاحة للمساعدة على التخلّص من الوزن الزائد والشحوم، بشتى الطرق الطبية-التجميلية، الجراحيّة منها وغير الجراحيّة.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024