تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

الكيلوغرامات الزائدة خلال فترة الأعياد

تعتبر فترة الأعياد إجازة من الحمية بالنسبة إلى الكثيرين. فبعد نظام حمية صارم طويل، يتهاون البعض خلال فترة الأعياد ويأكل ما لذ وطاب من ولائم أو حلويات أثناء اللقاءات العائلية. وغالبًا ما تكون هذه الولائم عامرة بالغذاء الدسم الغني بالسعرات الحرارية مما يؤدي إلى زيادة الوزن. فنسمع عبارة «بعد الأعياد سوف أخضع لحمية صارمة» للتخفيف من الشعور بالذنب بسبب هذه الزيادة. وبالفعل يعمد البعض إلى هذا الأسلوب في نظام الحمية وقد يخسرون ما اكتسبوه من كيلوغرامات وقد لا يخسرون، وهنا يبدأ الصراع مع الوزن الزائد.

«لها» التقت اختصاصية التغذية في بيروت لانا فايد عريسي وتحدّثت عن الأخطاء الغذائية الشائعة في فترة الأعياد وما بعدها.

في البداية تؤكد عريسي أهمية الرياضة في حياة الإنسان اليومية خصوصًا أننا نعيش في عصر جعلنا قليلي الحركة، نستعمل السيارة للذهاب إلى السوبر ماركت الذي قد يبعد عن المنزل مسافة أمتار قليلة، ونستعمل المصعد الكهربائي أو السلّم الكهربائي بدل صعود السلالم، ونجلس ساعات طويلة أمام التلفزيون أو شاشة الكمبيوتر أثناء العمل. كل هذا جعلنا كسالى. لذلك  صار لزامًا علينا أن نعتمد الرياضة روتينًا يوميًا، وإذا لم يكن في استطاعتنا ذلك يمكن أن نمارسها ثلاثة أيام في الأسبوع، لنتجنب البدانة وما ينتج عنها من أمراض القلب والسكري.

أما في ما يتعلّق بسلوكنا الغذائي خلال فترة الأعياد فتقول الاختصاصية: «إن معدّل زيادة الوزن في فترة الأعياد قد يصل إلى كيلوغرامين بحسب الدراسات الإحصائية، وهذه الزيادة تكون سريعة بسبب أصناف المأكولات التي تقدّم خلال فترة العيد، والتي تكون غنيّة بالدهون كالزبدة والكريما والمايونيز والمقالي والمكسّرات مما يحوّلها تلقائيًا إلى شحوم في الجسم. كما أن تناول كمية كبيرة من هذه المأكولات العالية بالدهون، لاسيما الدهون المشبعة، يزيد معدّل الكوليسترول (خاصة الكوليسترول السيئ LDL والدهون Triglycerides) في الدم مما يعرض الإنسان لأخطار أمراض القلب والسكري.


كيف يزيد الوزن؟

 كل ٣٦٠٠ سعرة حرارية يتناولها الشخص زيادة عن حاجته الأسبوعية من السعرات تؤدي إلى زيادة ٤٠٠ غرام من الدهون مما يؤدي بدوره إلى زيادة الوزن، بسبب إهمال قاعدة الغذاء الصحي  خصوصًا  خلال فترة الأعياد إذ لا يستطيع بعض الأشخاص رفض ما يعرض عليه من حلوى شهية. فقطعة واحدة من كعك العيد متوسطة الحجم مثلاً تحتوي على ٥٠٠ سعرة حرارية. وللأسف هناك الكثيرون لا يتنبهون إلى الأمر، فعند القيام بزيارات عدة للأقارب والأصدقاء  في اليوم الواحد يتناولون في كل زيارة قطعة معمول، مما يعني ١٥٠٠ سعرة حرارية، زد على ذلك الوجبات العادية.

 

ماذا يجدر بالشخص القيام به خلال فترة العيد؟
١- في البداية عليه أن يقاوم مغريات الحلوى وأكواب العصير الغنية بالسكر التي تعرض عليه خلال زيارة الأقارب والأصدقاء. والجدير ذكره أن العصير يفقد من كمية الفيتامينات التي يحويها إذا لم يشرب فورا بعد عصره. وإذا واجه إلحاحًا من المضيف عليه أن يقاوم مشهد الحلوى الشهي خصوصًا أن معظم المضيفين يطلقون عبارة" إنه العيد ولا يؤثر إذا أطلقت لشهيتك العنان، اتبع حمية بعد مرور الأعياد". وعليه أن يشرح للمضيف  إذا كان قريبًا له مثل العم أو الخال أو الجد أسباب تمنّعه وينصحه باتباع أسلوبه : الثبات على نظامه الغذائي الصحّي وتنبيه من حوله إلى أخطار الإفراط  بالطعام خلال الأعياد. وفي المقابل عليه أن يتجنّب تناول الحلوى والعصير في كل مرة يستقبل فيها ضيوفًا، وألا يلح عليهم ويحترم رغبتهم في عدم تناول الحلوى بكثرة. وإذا شعر بالحرج يكتفي بشرب كوب ماء أو أي مشروب قليل السعرات الحرارية .
٢- المحافظة على تمارين رياضية ناشطة خلال الأعياد.
٣- تنظيم الغذاء خلال النهار بحيث يتناول ثلاث وجبات غذائية متنوعة وان لا تكون حلويات العيد هي حميته الغذائية . وان يتذكر أن اللقمة الأولى هي الأطيب.

من المعلوم أن معظم الناس صاروا على دراية كافية بنوعية الغذاء الصحّي ويلجأون إلى إختصاصيي التغذية، ولكن العديد منهم لا يتابعون الحمية الغذائية بسبب الإحباط الذي يصابون به لعدم خسارة الوزن.


ما سبب عدم خسارة الوزن؟ وهل هذا يعني أن اختصاصي التغذية غير كفوء؟

رغم أن الناس في العالم العربي أصبحوا أكثر وعيًا لأهمية الطعام الصحي، فإن الكثيرين  منهم لا يلتزمون بما يعرفونه. فالشخص ذو الوزن الزائد أو السمنة المفرطة لا يحتاج إلى ثقافة غذائية بقدر ما هو في حاجة إلى استشارة ودعم واتباع نظام غذائي سليم. ما أعنيه أن على اختصاصيي التغذية التعامل مع الشخص الذي يزور العيادة بتعاطف وليس كأنه مجرّد رقم أو مريض يزور العيادة، بل على الاختصاصي أن يضع له برنامجًا لأسلوب حياته يتماشى مع عاداته الغذائية والمعيشية (اجتماعياته، عمله، حركته الجسدية) ويصغي إلى مشكلة المريض مما  يساعد في تهوينها عليه أو حتى في إيجاد الحل من المريض نفسه. فالكثير من الناس في حاجة إلى اختصاصي تغذية يسمع شكواهم ويخصص لهم لوقت الكافي  لتوضيح برنامج الحمية . فبعض الأشخاص لا ينظرون إلى الطعام كغذاء ضروري بل كصديق أو علاج نفسي يخفف عنهم التوتر... فقد أصبح الطعام أسهل الوسائل للشعور بالراحة. هنا يأتي دور اختصاصي التغذية الذي يجدر به أن يكون هدفه تغيير نظرة الشخص الذي يزوره في العيادة إلى الغذاء، لذا يجب الأخذ في الاعتبار العامل النفسي للمريض  لتحقيق هذا الهدف. وإذا كانت المشكلة عميقة أنصح المريض بأن يلجأ إلى اختصاصي نفسي يساعده في حلّ مشكلته حتى ينجح نظام الحمية الذي قرره اختصاصي التغذية.

 
كيف تتعاملين مع الأشخاص الذين يأتون إلى مركز لو كال  Low cal الذي تديرينه؟
وظيفة كل مركز متخصص للحمية يجب أن ترتكز على الثقافة الغذائية، لذا فإن الشخص الذي يزور المركز للمرة الأولى ويعاني من البدانة أطلب منه ملء استمارة للتعرف على تاريخه  الغذائي والصحي للتحقق من  عاداته الغذائية وما إذا كان يعاني أمراضًا مزمنة ، وأجري له فحصًا شاملاً. نقيس الوزن والطول وبناء على ذلك نخضعه لفحص على آلة متخصصة تقيس معدل العضلات في جسمه ونسبة الدهن  ومعدل الماء و البروتين، ليظهر مؤشر البدانة والمناطق التي تتكدس فيها الدهون. فمثلاً قد يكون  وزن الشخص مناسبًا لطوله ولكن الدهون تتكدس في منطقة معيّنة في جسمه، أي أن البدانة في هذه المنطقة تزيد على المعدل الصحيح عندها نطلب من الشخص أن يتبع نظام حمية ترافقه تمارين رياضية تساعد في تسريع عملية الأيض للتخلص من الوزن الزائد في المنطقة التي تتكدس فيها الدهون. 

 

أما النصائح الغذائية التي يجب اتباعها في النظام الغذائي بعامة فهي:

  • تناول وجبة فطور متوازنة، وهذه مهمّة في جميع الأوقات، تحتوي على النشويات من أجل منح كمية كبيرة من الطاقة، بالإضافة إلى البروتين القليل الدسم والغني بالكالسيوم، وحصص من الخضار كالبندورة والنعناع والصعتر وغيرها للحصول على الألياف والفيتامين والمعادن، وكوب من الحليب أو مشتقاته للحصول على الكالسيوم الحيوي، مع الحرص على اختيار الأنواع الخالية من الدسم والدهون المشبّعة.
  • طهو مروحة منوّعة من الخضار، كالكوسى واللوبياء والجزر  والسبانخ والقنبيط والذرة، على البخار وتتبيلها بالأعشاب المطيّبة والبهارات بحسب الذوق.
  • اختيار لحم البقر الخالي من الدهن عوضًا عن لحم الغنم، وتتبيله بالبهارات والأعشاب وشيّه بدل طهوه بالسمنة أو الزبدة.
  • استعمال جبنة قليلة الدسم لتحضير الفطائر وطبقي اللازانيا والكانيلوني.
  • استعمال نصف كمية كريما قليلة الدسم في تحضير الحلويات والبودينغ، أما النصف المتبقي فيجدر الاستعاضة ببعض الجبنة البيضاء الحلوة المذاق (تعرف بالجبنة الحلوة) أو بالحليب القليل الدسم.
  • استبدال الزبدة بصلصة الخوخ أو التفاح أو الموز  أثناء إعداد الحلويات، مما يحد من كمية الدهون والسكر.
  • إضافة الفاكهة المجففة إلى الحلويات، مما يعزز الألياف والفيتامينات والمعادن المفيدة فيها.

 

وتشير عريسي إلى أن الغذاء الصحي يجب أن تلازمه الرياضة لذا تنصح بممارسة الرياضة أو بزيادة حركة الجسم بصورة عامة كالآتي:

  • القيام بتمارين رياضية من نصف ساعة إلى ساعة في اليوم إذا كان هناك وقت كاف.
  • الاستغناء عن السيارة أثناء زيارة الأصدقاء أو الذهاب إلى العمل. أما إذا كان مكن العمل بعيدًا عن المنزل فيمكن ركن السيارة في موقف بعيد عن المكان المقصود. ويفضل المشي السريع من أجل حرق مزيد من السعرات الحرارية. فالمشي أربعين دقيقة يساعد في حرق 250 سعرة حرارية.
  • صعود السلالم بدل استعمال المصعد الكهربائي.
  • القيام بالأعمال المنزلية، فست وأربعون دقيقة تمضيها ربة المنزل في التنظيف بالمكنسة الكهربائية و34 دقيقة من الأعمال المنزلية الأخرى تساعد في حوالي 250 سعرة حرارية.

 

على كل شخص أن يتذكّر الآتي:

  • تفادي تناول المكسّرات واللقمشة الغنية بالسعرات الحرارية واستبدالها بالجزر والخيار والقنبيط والبروكولي، خلال السهرة وأثناء مشاهدة التلفزيون أو حتى أثناء الدعوة إلى العشاء.
  • تناول صحن سلطة محضر بصلصة زيت الزيتون والخل أو الحامض بدل المايونيز، قبل تناول الطبق الرئيسي.
  • تناول حصة كبيرة من الخضار المسلوقة مع الطبق الرئيسي.
  • تناول السمك المشوي نظرًا إلى فائدته الغذائية.
  • نزع جلد الحبش والدجاج فهو مشبع بالدهون.
  • تجنب الإفراط في تناول الحلويات المشبعة بالدهون الضارة التي تزيد معدل الكوليستيرول في الدم. وتذكر أن اللقمة الأولى تعدّ الألذ وتمهل في تذوّقها واكتف بها.
  • تناول سلطة الفاكهة للتحلية.
  • التحكم في الجوع وعدم تحضير وجبة طعام كبيرة تفوق الحاجة الفعلية.
  • عدم الجلوس أو النوم بعد تناول الوجبة بل يجب القيام بحركة جسدية.
  • عدم تناول الحلويات أو الفواكه بعد تناول وجبة الطعام مباشرة، بل يجب الانتظار فترة طويلة.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080