الإصابة بالسكري
ما يزيد خطورة السكري في كل المجتمعات ويجعله عبئاً ثقيلاً عليها هو ارتفاع معدلات الإصابة به بشكل سريع. ومن المتوقع أن يرتفع المعدل بين البالغين بشكل ملموس في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على حد سواء. وتقدّر منظمة الصحة العالمية عدد مرضى السكري في العالم بحوالي ١٧٧ مليوناً، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى ٣٠٠ مليون عام ٢٠٢٥. علماً أن النمو الاقتصادي السريع في البلدان المنتجة للنفط قد أدى إلى تغيرات في نمط حياة هذه الشعوب لجهة انخفاض معدل النشاط الجسدي واعتماد عادات غذائية سيئة مسببة للسمنة، مما يسبب انتشار السكري من النوع الثاني أكثر فأكثر. وقد أظهرت الدراسات أن الإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت والسعودية ومصر وعمان هي البلدان العربية التي فيها أعلى معدلات الإصابة بالسكري.
صحيح أنه لا علاج يشفي السكري ويقضي عليه تماماً، لكن يمكن السيطرة على هذا المرض والتعايش معه بحيث يصبح من الممكن تجنب مضاعفاته الخطيرة التي لا بد من تحمّلها في حال الإهمال. ولأن السكري مرض صامت لا يمكن ملاحظة أعراضه لسنوات في حال عدم فحص معدل السكر في الدم، تنصح التوصيات الجديدة بفحص مستوى السكر في الدم ابتداء من سن ال ٣٠ للأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للمرض، وابتداءً من سن ٣٥ سنة لباقي الناس تجنباً للاشتراكات الحادة للمرض. وضمن المؤتمر الذي نظمّته شركة سانوفي-أفنتيس ، تحدث رئيس قسم الغدد الصماء والسكري والأيض في مستشفى أوتيل ديو في بيروت سليم جانبار مشيراً إلى نتائج إحدى الدراسات التي شملت ٣٣٫٠٠٠ مريض والتي أظهرت أن مرضى السكري الذين يتم كشف المرض لديهم في مرحلة مبكرة ويسيطرون على مستويات السكر في الدم في المراحل الأولى، يستفيدون في حماية القلب والأوعية الدموية لفترة طويلة. ويقول الدكتور جانبار: «يحدد عدد الفحوص لقياس مستوى السكر في الدم على أساس نتائج الفحوص. أما الأشخاص الذين ظهرت لديهم علامات تحذيرية فيجب أن تجرى لهم فحوص بانتظام للسكري ولأمراض أخرى مرتبطة بالعوامل الاستقلابية، ومنها مستويات ارتفاع ضغط الدم ومستويات الكوليسترول».
مضاعفات داء السكري
يعتبر داء السكري المسبب الرابع للوفاة في معظم البلدان إذ يسبب سنوياً ٤ ملايين حالة وفاة.
داء السكري هو السبب الأكثر شيوعاً للإصابة بالعمى وضعف النظر لدى البالغين في البلدان المتقدمة.
داء السكري هو السبب الأكثر شيوعاً للبتر غير الناتج عن حادث لأن المصاب بالسكري هو أكثر عرضة ١٥ إلى ٤٠ مرة لبتر الساق مقارنةً بغير المصاب.
يعتبر داء السكري سبباً مهماً للإصابة بقصور في الكلى .
يواجه مريض السكري خطر الإصابة بمرض قلبي وعائي أكثر مرتين إلى أربع مرات مقارنةً بالأشخاص الذين لا يعانون السكري. كما أن مريض السكري من النوع الثاني يعتبر أكثر عرضة للنوبات القلبية كمن ليس مصاباً بالسكري وسبق أن تعرّض لنوبة قلبية. ويواجه مريض السكري الذي يعاني ارتفاع ضغط الدم خطر الإصابة بسكتة دماغية أكثر مرتين من الشخص الذي يعاني ارتفاع ضغط الدم وحده.
ليست الإصابة بالسكري النهاية. في المقابل من الضروري التصدي للاشتراكات الناتجة عنه من خلال الكشف المبكر بالدرجة الأولى والالتزام بالعلاج. وبحسب الطبيب اللبناني الاختصاصي إلى أمراض الغدد سامي عازار، يُنصح حالياً بإضافة الأنسولين في مرحلة مبكرة إلى علاج مرضى السكري لتفادي الاشتراكات باعتباره العلاج الأكثر فاعلية لخفض مستوى السكر في الدم. علماً أنه في حال الإصابة بالسكري، يظهر ارتفاع غير عادي في تركيز الغلوكوز في الدم، وقد حددته منظمة الصحة العالمية بأنه يساوي كل ما يزيد عن نسبة ٧ في المئة. والمطلوب هو التعايش مع المرض بطريقة إيجابية واعتماد نمط حياة يتناسب مع حالة كل مريض
المبادئ الأساسية للعلاج:.
- يجب أن يكون مستوى مخزون السكر في الدم قريباً من المعدل الطبيعي قدر الإمكان دون أن يكون هناك انخفاض واضح في مستوى السكر في الدم
- يجب إجراء تغييرات في نمط الحياة والعلاج بواسطة الميتوفورمين بعد تشخيص المرض
- إضافة الأدوية بسرعة كل ثلاثة أشهر واللجوء إلى أنظمة جديدة في العلاج في حال عدم انخفاض مستوى الغلوكوز في الدم إلى المعدل المطلوب
- اللجوء المبكر إلى العلاج بالأنسولين وزيادة الجرعة المطلوبة لدى المرضى الذين لا يصل مخزون السكر في دمائهم إلى المعدل الطبيعي
- يعتبر الأنسولين أكثر العلاجات فاعلية لخفض مستوى السكر في الدم
- قد تكون هناك حاجة إلى زيادة العلاج بالأنسولين من خلال الحقن الإضافية للأنسولين القصير والسريع المفعول قبل وجبات معينة
في داء السكري، لا يكفي العلاج وحده لمحاربة اشتراكات المرض والتغلّب عليه بل من الضروري اتباع نمط حياة صحي. لا بل في حالات معينة قد يكون الغذاء وحده الحل للسيطرة على مستوى السكر في الدم. يكفي أن يبدأ مريض السكري بنظام غذائي صحي خاص وأن يعرف البدائل الصحية للأطعمة ويلتزم بمواعيد الأكل حتى يعيش حياةً هانئة بعيدة عن المشاكل والمضاعفات. الإصابة بالسكري لا تعني الحرمان والامتناع عن الأكل، خصوصاً أن إلزام مريض السكري بنظام غذائي صارم لفترة طويلة لا ينجح عادةً. المطلوب هو التنويع والأكل بكميات معتدلة والتركيز على النشويات الصحية كالخضر والفاكهة والحبوب الكاملة الغذاء والحليب القليل الدسم ومشتقاته والحفاظ على وزن صحي لأن زيادة الوزن عدو للسكري. لا حاجة إلى حمية صارمة بل إلى نظام غذائي غني بالمغذيات وقليل الدهون والوحدات الحرارية مع أهمية التركيز على الأطعمة الغنية بالألياف كونها تخفف خطر الإصابة بأمراض القلب وتساعد في السيطرة على معدل السكر في الدم. أما أهم الأطعمة الغنية بالألياف فهي الخضر والفاكهة والأطعمة النباتية والطحين الكامل الغذاء والحبوب.
تنظيم الوجبات:
يساعد الالتزام ببرنامج معيّن للنظام الغذائي في اختيار الوجبات الصحية بكميات مناسبة. فبهذه الطريقة يتناول المريض الكميات نفسها من النشويات والوحدات الحرارية يومياً بشكل روتيني مما يسمح بالسيطرة على مستوى السكر في الدم وعلى الوزن. في المقابل بقدر ما يبدّل المريض في ما يأكل، خصوصاً في ما يتعلّق بكميات النشويات التي يتناولها، تزداد صعوبة السيطرة على معدل السكر في الدم
المغذيات الكمية
النشويات: ٤٥٪ أو ٦٥٪ من المحصول اليومي من الوحدات الحرارية
البروتينات: ١٥٪ أو ٢٠٪ من المحصول اليومي من الوحدات الحرارية
الدهون: ٢٠٪ أو ٣٥٪ من المحصول اليومي من الوحدات الحرارية
مريض السكري في شهر رمضان المبارك
في شهر رمضان المبارك، يواجه مريض السكري تحديات لا يستهان بها نظراً إلى امتناعه عن الأكل لساعات طويلة وعدم تناوله الدواء في مواعيده وعدم الأكل بانتظام. هذا كلّه يشكل عبئاً عليه وعلى حالته ويعرّضه في أي لحظة إلى هبوط حاد في معدل السكر. صحيح أن الطبيب لا ينصح مريض السكري بالصيام في شهر رمضان المبارك نظراً لخطورة ذلك على حالته. لكن في كثير من الحالات، وإن كان مريض السكري معفى من الصيام دينياً، قد يختار المريض الصيام رغم نصائح الطبيب. الطبيب اللبناني الاختصاصي في أمراض الغدد الصماء والسكري ابراهيم سلطي أعطى المريض هنا بعض النصائح التي تسمح له بمواجهة هذا التحدي وتجنب مضاعفات مرضه.
- من الناحية الطبية، هل يسمح لمريض السكري بأن يصوم أم يمكن أن يشكل ذلك خطراً عليه؟
بحسب المفاهيم الدينية، يعفى مريض السكري من الصيام لأنه يشكل تحديات كبيرة بالنسبة له بسبب امتناعه عن الأكل لأكثر من ١٢ ساعة وامتناعه عن شرب الماء وعدم انتظام الأكل. هذه عوامل تدعو إلى الخوف من المضاعفات. كما أن العادات الشعبية الرائجة حالياً تدعو إلى الإفراط في الأكل في الشهر المبارك مما يزيد الخطر على المريض. كما أن امتناع المريض عن تناول الأدوية في مواعيدها يزيد الخطر عليه.
- ما المضاعفات الخطيرة التي يتعرّض لها المريض في شهر الصيام؟
يمكن أن يفقد مريض السكري الوعي في أي لحظة إذا كان يقوم بمجهود فكري أو يقود السيارة مما يشكل خطراً عليه. حتى أن عدم تناول الأدوية بانتظام قد يسبب ارتفاع مستوى السكر مما يسبب التبوّل المتكرر والعطش وخطر نقص السوائل في الجسم.
- هل من حالات معينة يجب ألا يصوم فيها مريض السكري أبداً؟
يجب ألا يصوم مريض السكري الذي يعاني مشكلات في الكليتين أو مشكلة في القلب أو ضعفاً في تغذية شرايين القدمين لأن الصوم يشكل خطراً كبيراً عليه في هذه الحالات. كما أنه يجب ألا يصوم مريض السكري الذي يعاني اعتلالاً في شبكية العين.
- هل من إجراءات معينة يمكن اتخاذها لتجنب الخطر على المريض الذي يصر على الصيام؟
أظهرت إحدى الدراسات أن نسبة مرضى السكري الذين يصومون رغم توصيات الطبيب هي ٥٠ في المئة من مرضى السكري الذي يظهر عند الأطفال أو الشباب. وتصل نسبة المرضى المصابين بالسكري الذي يصيب الأكبر سناً الذين يصومون إلى ٩٥ في المئة. من هنا أهمية تثقيف المريض وتعليمه ليتجنب الهبوط الحاد في السكر ويحمي نفسه من المضاعفات الحادة ويخرج بأقل قدر من المشكلات.
- ما النصائح التي يجب أن يتقيّد بها ليحقق ذلك؟
لا بد من تحذير مريض السكري الذي يصوم من خطر الإفراط في الأكل وتحديداً الأطعمة الدسمة والحلويات. كما يجب أن يتجنب زيادة الوزن. أما الأدوية فيجب أن يبدّل بطريقة تناولها بحيث يزيد جرعة الدواء في موعد الإفطار ويخففها في موعد السحور حتى لا يتعرّض لهبوط حاد في مستوى السكر في الدم. أما بالنسبة إلى المجهود الجسدي فمن الأفضل أن يتجنبه خلال النهار وأن يؤجله إلى ما بعد الإفطار، علماً أن الرياضة الخفيفة كالمشي أمر مستحب. كذلك يُنصح المريض بفحص معدل السكر بعد ساعتين من الأكل.
- ما الأخطاء الشائعة التي يمكن أن يرتكبها مريض السكري في شهر رمضان المبارك؟
إضافةً إلى الإفراط في تناول الأطعمة الدسمة والحلويات يعتبر إهمال وجبة السحور من الأخطاء التي تسبب مشكلات لمريض السكري.
نصائح سريعة:
- التقليل من تناول الحلويات
- الحرص على كمية النشويات التي يتم تناولها والأوقات التي يتم تناولها فيها
- الإكثار من تناول الأطعمة الكاملة الغذاء والفاكهة والخضر
- التقليل من تناول الدهون
- تناول السمك مرتين في الأسبوع على الأقل.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024