تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

ضعف السمع من نتائج التهاب الأذن الوسطى المزمن

يصاب ٩٠ في المئة من الأطفال بالتهاب الأذن الوسطى Otitis مرةً فيما تصاب نسبة ٦٥ في المئة مرتين ونسبة ٢٥ في المئة ست مرات أو أكثر ما يشير إلى مدى انتشار هذه المشكلة التي ترافق نتائجها الطفل طوال حياته في حال عدم معالجتها بشكل صحيح.  ففي كثير من الأحيان لا يتنبه الأهل إلى أن طفلهم يعاني مشكلة في أذنه، ومع تكرر التهابات الأذن دون معالجة تصبح مزمنة مع ما قد ينتج عنها في المدى البعيد من مضاعفات كضعف السمع والثقب في طبلة الأذن وزيادة احتمال الإصابة بالتهابات خطيرة كالتهاب السحايا والتعرّض لمشكلات في الأذن طوال الحياة.  وتترتب على التهابات الأذن الوسطى نتائج خطيرة مما يستدعي اهتماماً خاصاً بحسب الطبيب اللبناني الاختصاصي بأمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة عبد السلام حاسبيني الذي أكد أن الرضاعة الطبيعية هي عامل الوقاية الأكثر فاعلية لحماية الطفل من التهابات الأذن التي باتت منتشرة بشكل واسع.

- ما أنواع التهابات الأذن؟
تقسم التهابات الأذن نوعين، هما التهابات الأذن الخارجية والتهابات الأذن الوسطى وتتفرّع من كل منهما أنواع مختلفة. فأهم أنواع التهابات الأذن الخارجية وأكثرها شيوعاً، خصوصاً في الصيف Swimmers Ear وهي ناتجة في أكثر الأحيان عن السباحة ويتعرض لها الكبار والصغار على حد سواء. وفيما تعتبر السباحة المسبب الرئيسي لهذا النوع من الالتهاب، ثمة عوامل مساعدة للإصابة بها كالنظافة المفرطة في الأذن خصوصاً في حال تنظيف الأذنين بواسطة العيدان القطنية الأطراف التي تسبب إزالة الصمغ الذي تفرزه الأذن والذي يشكل حماية لها، أو تدخله إلى عمق الأذن فيؤدي تفاعل الماء معه إلى الالتهاب. ومن أنواع التهابات الأذن الخارجية أيضاً الالتهاب الناتج عن شعرة مقلوبة إلى الداخل Acute localized external otitis وهو يؤذي لجهة الألم الناتج عنه.
أما بالنسبة إلى التهابات الأذن الوسطى فهي الأكثر شيوعاً والمسبب الرئيسي لاستشارة الطبيب بين التهابات الأذن.

- ما نسبة إصابة الأطفال بالتهاب الأذن الوسطى؟
تصاب نسبة ٩٠ في المئة من الأطفال بالتهاب الأذن الوسطى Otitis مرةً في حياتهم فيما تصاب نسبة ٦٥ في المئة منهم بالتهاب الأذن الوسطى مرتين ونسبة ٢٥ في المئة تصاب بها ست مرات أو أكثر.

- ما مدى خطورة التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال، وما مضاعفاتها؟
في حال وجود عوامل مساعدة، يمكن أن تصبح التهابات الأذن الوسطى مزمنة. فعندما يزداد الضغط في الأذن بسبب التهابات الأذن المتكررة نتيجة تجمّع الماء خلف طبلة الأذن قد يتأثر السمع، كما يتأثر النطق والقدرة على الاستيعاب والفهم وتحصل مشكلة تواصل مع الآخرين إذا استمرت المشكلة أكثر من سنة. علماً أنه قد تصل نسبة انخفاض درجة السمع إلى ٤٠ في المئة. هذا إضافةً إلى أن عدم معالجة المشكلة يؤدي إلى جعل الطفل أكثر عرضة للالتهابات لاحقاً بسبب الثقب في طبلة الأذن. كما يصبح عرضة لالتهابات السحايا التي تشكل خطراً على حياته.  وتجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن تصحيح الثقب في طبلة الأذن قبل أن يصبح الطفل في سن عشر سنوات حين تجرى عملية زرع طبلة أذن جديدة.

- كيف يمكن أن تعرف الأم ما إذا كان طفلها الذي يجهل التعبير عن ألمه يعاني التهاباً خطيراً في الأذن؟
في الواقع إذا بدأت الالتهابات قبل سن السنة وتكررت، يكون الطفل حين يصبح في سن السنتين مصاباً بالتهاب مزمن بعد تجمّع الماء خلف طبلة الأذن. وفي هذه المرحلة يكون الطفل قد بدأ النطق. أما التهاب الأذن في مرحلة سابقة، وهو الالتهاب الحاد فيظهر من خلال البكاء بسبب الألم وارتفاع الحرارة.

- ماذا عن المؤشرات التي تدل إلى إصابة الطفل الأكبر سناً بالتهاب في الأذن؟
إذ كان الطفل أكبر سناً، توجد مؤشرات واضحة تدفع الأم إلى التفكير باحتمال إصابة طفلها بالتهاب مزمن في الأذن حيث تكون هناك مشكلة في السمع في هذه الحالة. وتُلاحظ لدى الطفل قلّة انتباه، كما أنه لا يرد عند مناداته مباشرةً ويطلب تكرار الكلام عند التحدث إليه أو التكلّم بصوت مرتفع. ويتكلّم هو أيضاً بصوت مرتفع ويرفع صوت التلفزيون. وإذا كان قد أصبح في المدرسة يعجز عن الانتباه في الصف بسبب مشكلة السمع لديه. كما يظهر لديه نشاط مفرط.

- مَن من الأطفال يعتبر أكثر عرضة لالتهابات الأذن، وما العوامل التي تساعد في الإصابة بها؟
بالدرجة الأولى، يعتبر الذكور أكثر عرضة من الإناث للإصابة بالتهابات الأذن. ومن العوامل المساعدة في الإصابة بالتهابات الأذن الرضاعة بالقنينة. كما أن إرضاع الطفل في وضع النوم له تأثير كبير في زيادة احتمال الإصابة. إضافةً إلى ذلك يزيد وجود حالات حساسية احتمال الإصابة. وإذا كان الأهل قد عانوا التهابات متكررة في الطفولة، يزيد الاحتمال أيضاً. كذلك يعتبر التدخين عاملاً مؤثراً بنسبة مرتفعة، إضافةً إلى التلوّث. ومن العوامل المساعدة على الإصابة بالتهاب الأذن الوسطى أيضاً فصل البرد حيث يزيد احتمال الإصابة بالانفلونزا أو الزكام مما يساعد في تجمّع الماء في الأذن، خصوصاً في المدارس ودور الحضانة حيث يكثر عدد الأطفال ويزيد احتمال التقاط العدوى وهذا ما يعتبر عاملاً مهماً في الإصابة. لكن كلّها تعتبر عوامل مساعدة، فيما يعتبر استعداد الطفل للإصابة بالالتهابات السبب الرئيسي بسبب مشكلة خلقية في تكوين الأذن هي ضيق أو اتساع قناة أوستاكيوس في الأذن Trompe d'Eustache.

- هل من إجراءات وقاية معينة يمكن اتخاذها لتخفيف احتمال الإصابة؟
تعتبر الرضاعة الطبيعية عامل الوقاية الأول من التهابات الأذن، إذ توفر حماية للطفل طوال فترة الإرضاع نظراً للوضعية المناسبة للطفل فيها والأجسام الضدية التي يحتوي عليها حليب الأم والتي تحميه من الالتهابات. أيضاً، نظراً لتأثير وضعية الطفل أثناء الأكل، من الضروري رفع رأسه ٤٥ درجة بواسطة وسادتين ثم يمكن نزع واحدة بعد خمس دقائق من انتهاء الأكل. كما ينصح باختيار دور الحضانة التي فيها صفوف واسعة بحيث لا يكتظ الأطفال فيها وتكون هناك تهوئة للحد من خطر انتقال العدوى.

- هل صحيح أن تعرّض الطفل لالتهاب الأذن مرة أو اثنتين يجعله عرضة للإصابة به باستمرار؟
تكرر التهاب الأذن لا يعتبر أمراً ضرورياً في حال الإصابة به وليس ضرورياً الإصابة به طوال الحياة، بل يمكن تخطّي ذلك بالعلاج المناسب.

- ما العلاج الذي يعطى للطفل في حال إصابته بالتهاب في الأذن؟
يجب إعطاء الطفل مضادات الجراثيم antibiotics لفترة سبعة إلى عشرة أيام إذا كان الالتهاب حاداً، ولا يفيد إعطاؤها ثلاثة أيام أو أربعة للتخلّص من المشكلة، خصوصاً في حال تكررها مرتين أو ثلاثاً. وإذا كان الالتهاب مزمناً تعطى مضادات الجراثيم لمدة تراوح بين ثلاثة أسابيع وستة. وفي حال تكرر الالتهابات ثلاث مرات أو أكثر، تعتبر المتابعة الطبية ضرورية ويجب زيارة الطبيب كل ستة أشهر للتأكد من عدم تجمّع الماء في الأذن. وتجدر الإشارة إلى أن أدوية الحساسية  Histamine مؤذية لأنها تجمّد الماء في الأذن الوسطى بدلاً من إزالته.

- كيف يتم التشخيص، وهل يسهل اكتشاف ما إذا كان الطفل يعاني التهاباً مزمناً في الأذن؟
هناك آلة خاصة لفحص ضغط الأذن Tympanometry للتأكد مما إذا كان الطفل يعاني التهاباً مزمناً، لكن يمكن للطبيب أن يشخص الحالة دون آلة بالفحص الروتيني إذا كانت لديه الخبرة الكافية. كما يجرى تخطيط لضغط الأذن Tympanogram. هذا إضافةً إلى تخطيط السمع Audiogram عند الطفل بعد سن ٤ أو ٥ سنوات.

- هل يستمر الألم الناتج عن الالتهاب فترةً طويلة؟
يخف الألم خلال يومين أو ثلاثة أيام بفضل العلاج. كما تعطى المسكنات في اليومين الأول والثاني لتخفيف الألم ثم تُخفف المسكنات في اليوم الثالث ويبقى العلاج بمضادات الجراثيم.

- ألا يؤذي الطفل تناول مضادات الجراثيم لفترة طويلة؟
بعد ثلاثة أسابيع من بدء العلاج تخفف جرعة مضادات الجراثيم لتجنب المضاعفات. ويعطى العلاج دائماً بإشراف الطبيب لتجنب المشكلات. وتجدر الإشارة إلى أن الطفل قد يتجاوب مع العلاج بعد عشرة أيام.

- هل يمكن أن يشفى التهاب الأذن المزمن نهائياً؟
يمكن أن يشفى التهاب الأذن المزمن نهائياً بالعلاج الطبي. لكن في حال عدم التجاوب مع العلاج يمكن اللجوء إلى العملية بوضع أنابيب في الأذن تبقى ستة أشهر فيها ثم تخرج تلقائياً لدى شفاء الأذن. وتعتبر هذه الطريقة حلاً للمشكلة في ٩٠ أو ٩٥ في المئة من الحالات.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079