تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

تأثير المرض المزمن على نفسية الطفل

لدى الإصابة بمرض، يتأثر أي شخص نفسياً بسبب وضعه الخاص، فكيف إذا كان المريض طفلاً عليه التعايش مع مرضه وتقبل كل الظروف الناتجة عنه...
غالباً ما يكون الطفل المريض منطوياً على ذاته ويشكو من قلة ثقة بنفسه بسبب حالته، إلا أن سبب ذلك ليس المرض بذاته بل تصرفات الأهل التي تشعره بأنه مختلف عن غيره بسبب كثرة إحاطته وقلقهم عليه. الطبيب اللبناني الاختصاصي بالأمراض النفسية والعصبية سامي ريشا تحدث عن شخصية الطفل المريض التي تتأثر سلباً وعن طرق التعايش مع المرض المزمن وتجنب تأثيراته على نفسية الطفل.

عندما يعاني الطفل أمراضاً مزمنة كالسكري وبعض أمراض الدم كالتلاسيميا، يتعاطى مع المستشفيات في سن مبكرة لمعالجة هذه الأمراض. إذ يتطلب السكري، بحسب الدكتور ريشا، إجراء حقن للطفل. كما أن أمراض الدم تتطلب فحوصاً للدم. إضافةً إلى أمراض الكلى التي تتطلب الخضوع لعملية غسل الكلى ودخول المستشفى باستمرار مما يغير نمط حياة العائلة بأسرها بحيث يجد أفراد العائلة صعوبة في ممارسة نشاطاتهم المعتادة.

«يعاني الطفل المريض في هذه الحالة مشكلة في نظرته إلى ذاته وإلى أصدقائه كونه يحتاج إلى وقت أطول لكسب ثقته بنفسه، فعندما يصاب بالمرض تسوء نظرته إلى نفسه ويشعر بأنه مختلف مما يسبب له حالة اكتئاب وقلق. هذا إضافةً إلى خوف الانفصال عن الأهل،خصوصاً الأم، الذي يعانيه أي طفل ومن الطبيعي أن يكون أكثر حدة لدى الطفل المريض الذي يخشى، بشكل خاص، الانفصال عن الشخص الذي يعتني به ويعتاد عليه وهو عادةً أمه. وفي هذه الحالة يعاني الطفل أعراضاً كالألم في المعدة والبكاء والأرق.»

ويتابع الدكتور ريشا أن أعراض الاكتئاب تبدأ لاحقاً فيصبح الطفل متوتراً وهجومياً وعصبياً مما يسبب له المزيد من المشكلات في المدرسة بسبب طبعه العدائي. كما انه إذا كانت حالته خطيرة تكون حالة القلق أكثر حدةً.»

وعن شخصية الطفل الذي يعاني مرضاً مزمناً، يقول الدكتور ريشا انه يكون اتكالياً ويعتمد في شكل كبير على شخص آخر. كما أنه يحضّر لشخصية اعتمادية بحيث يعجز لاحقاً عن اتخاذ أي قرار في حياته مهما كان بسيطاً دون استشارة الشخص الذي يعتني به. «وهنا يبرز دور الأهل، فهم يساعدون في تنمية مشاعر القلق والخوف لدى الطفل بسبب تصرفاتهم والتفرقة بينه وبين أخوته في أوقات لا تكون فيها أي حاجة إلى ذلك. حتى أن الأهل يغيّرون نمط حياتهم من اجل طفلهم المريض بسبب قلقهم عليهم، فيشعر بذلك نتيجة الإفراط في إحاطته وتقل ثقته بنفسه أكثر فأكثر. وغالباً ما يكون قلق الأهل غير مبرر ويؤثر سلباً على نمط حياتهم الذي يسير على هذا الأساس. حتى أن حياة أخوة المريض تتغيّر فلا يستقبلون أصدقاءهم في المنزل وغالباً ما يتميزون بنضج زائد مزعج يفوق أعمارهم بسبب اهتمامهم الزائد وقلقهم على أخيهم.»

كيف يعيش الطفل المريض وعائلته حياةً طبيعية؟

● يجب أن يفهم المرض بكل جوانبه لمعرفة كيفية التعامل معه بطريقة طبيعية وصحيحة.

● تعتبر الجمعيات مهمة جداً للتحدث مع مرضى آخرين وأهلهم والاستفادة من تجاربهم.

● يجب عدم المقارنة بأطفال آخرين، إذ أن حالة كل طفل خاصة به.

● قد تكون هناك حاجة إلى مساعدة نفسية للأهل لتقبل مرض طفلهم بحيث لا يغيّرون حياتهم وحياة المريض وأخوته بسبب ظروفه.

● يجب عدم الاعتماد على معلومات الإنترنت عشوائياً لأنها قد لا تكون مبنية على أسس علمية. لذلك، ينصح بطلب مساعدة الطبيب لاختيار المواقع المناسبة.

● يجب اعتبار الطفل كأخوته ومعاملته على هذا الأساس، شرط تذكر أن لديه شيئاً زائداً وهو المرض الذي يجب التعايش معه وتقبله.

● يجب ألا تترك الأم عملها من أجل طفلها لتجنب الخلافات العائلية التي قد تنتج عن ذلك والمشكلات المادية والتوتر.

● لدى إرسال الطفل مع أصدقائه يكفي شرح وضعه وما يجب فعله في حال حصول أي طارئ لمن هم أكبر سناً. إذ لا توجد حاجة إلى عزل الطفل بسبب مرضه. 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079