طارق فؤاد: رأيت جحوداً لا يتحمّله بشر
هو أحد نجوم الغناء في التسعينات، لكنه اختفى طويلاً عن الأضواء، وعندما عاد كانت المفاجأة أنه أصيب بأزمة صحية قاسية منعته من الغناء.
المطرب طارق فؤاد يكشف في حوار إنساني لـ «لها»، تفاصيل تلك الأزمة الصحية، والجحود الذي وجده من زملاء له في الوسط الفني، واللحظة التي بكى فيها، وموقف نقابة الموسيقيين وهاني شاكر منه، كما يتكلم أيضاً عن الذين ساندوه في تلك المحنة.
- لماذا اختفيت عن الساحة الغنائية طيلة السنوات الأربع الماضية ولم تطرح أي أعمال فنية جديدة؟
الغياب لم يكن في يدي، فمنذ فترة اتجهت إلى الغناء الديني، وقررت التركيز على هذا المجال، لكن خلال السنوات الأخيرة أُصبت بمرض نادر في الأحبال الصوتية، وهو مرض يجعلني غير قادر على التكلم بشكل طبيعي أكثر من ثلاث دقائق، ثم تبدأ نبرة الصوت في التغير، لهذا أصبحت غير قادر على الغناء، أو إحياء حفلات غنائية، ومع ذلك رفضت فكرة اعتزال الغناء، وحاولت على قدر استطاعتي أن أقدم أعمالاً غنائية خفيفة وقليلة طيلة السنوات الماضية.
ومع مرور الوقت وعدم انتظامي في أخذ الدواء، تفاقم المرض وامتزج بالحساسية التي أعاني منها على صدري منذ أكثر من 25 عاماً، وأصبحت غير قادر تماماً على الغناء، ومع كل طبيب أذهب إليه كان الحل الوحيد للعلاج هو السفر الى الخارج، من أجل إجراء عملية في الحبال الصوتية، وتلك العملية لا تُجرى سوى في فرنسا أو ألمانيا.
- لماذا لم تُجر العملية حتى الآن؟
العملية، تكلّف كثيراً بسبب الإقامة لمدة طويلة في أوروبا، إضافة إلى مصاريف العلاج. ولأنني إنسان مصري وأحب بلدي، وأرى أنني خدمتها كثيراً طيلة السنوات الثلاثين الماضية، قررت أن أقدم أوراق مرضي لوزارة الصحة، لكي أجري العملية في مصر على نفقة الدولة، واعتقدت أن تاريخي الوطني سيكون شافعاً لي بأن تجرى الجراحة بشكل جيد، فأنا في عز نجوميتي الفنية قدمت أحلى وأروع الأغنيات الوطنية لمصر وفلسطين، ورفضت أن أقدم أغنيات هز الوسط والرقص، وذلك من أجل تقديم فن هادف يشرف بلدي، لكن للأسف هذه الأغنيات لم تكن شافعاً لي أمام لجنة وزارة الصحة، التي قررت أن تدفع لي ستة آلاف جنيه أُعالج بها في عملية مرض نادر في مستشفى حكومي درجة ثانية، في غرفة تضم خمسة أسرة، فما كان مني إلا أن رفضت هذا الأمر، وأدعو الله عز وجل أن يرسل لي الحل من عنده.
- ما الذي شعرت به بعد أن أغلقت الدولة أبوابها في وجهك؟
بكيت، وقلت في نفسي: مكافأتي بعد كل هذا العمر في خدمة الفن المصري والعربي هي ستة آلاف جنيه، فالوجع اشتد عليَّ أكثر بعد كل ما مررت به، وتركت مشكلتي على الله سبحانه تعالى، فإذا مرضت هو يشفيني، وأنا مؤمن بقضاء الله، وأعلم أن ما هو مكتوب لي سأعيشه، لكن للأمانة أكثر ما كان يؤلمني هو أنني أصبحت غير قادر على الغناء ومدح النبي عليه الصلاة والسلام، فأنا اعتزلت الغناء الرومانسي من أجله، والآن أصبحت غير قادر على الغناء له.
- لماذا لم تخاطب نقابة الموسيقيين لتعالجك على حسابها؟
لا أستطيع أن ألوم النقابة، لأنها تضم عشرات المرضى وكبار السن الذين يعانون من أمراض خطيرة وأخطر من مرضي، فهم يوفرون لي 500 جنيه شهرياً، ربما يكون مبلغاً بسيطاً لأن علاجي يتخطى حاجز الـ5000 جنيه، إلا أن هناك عشرات يحتاجون هذا المبلغ أكثر مني.
- لماذا لم تتحدث مع النقيب هاني شاكر؟
هاني شاكر يعلم بمرضي منذ أكثر من عامين، ومع ذلك لم يفعل أي شيء، بل أصبح لا يرد على مكالماتي الهاتفية، رغم أنه قادر على فعل أشياء كثيرة لعلاجي، وبعد إثارة الموضوع في الإعلام، هاتفني وقال لي إنه سيتحدث مع وزيري الثقافة والصحة من أجل علاجي على نفقة الدولة، ورغم مكالمته إلا أنني كنت متأكداً أنه لن يفعل أي شيء، وبالفعل اتصل بي هاني وقال لي إنه تحدث مع مكتب الوزير وتم رفض الأمر، لكني لم أستغرب الأمر، لأنني كنت أتوقعه،فلو أراد هاني شاكر مساعدتي لكان فعل ذلك منذ البداية.
- لماذا لم يساهم بعض النجوم في علاجك، بخاصة من كنت سبباً في شهرتهم؟
بالفعل، حاولت الاتصال ببعض النجوم والنجمات ممن كنت سبباً في شهرتهم، ولم أكن أريد منهم مساعدة مالية، بل أن أعرض عليهم ألحاناً لي، وهناك من رد ثم تجاهلني بعد ذلك، وهناك من لم يرد من الأساس.
لقد رأيت جحوداً لا يتحمله بشر، وعندما فكرت في الاتصال بالفنانين كانت قناعتي أن الله سبحانه وتعالى قال إن العبد عليه الاجتهاد والسعي والبحث عن مصدر رزق حلال، وبعد أن أصبح من المستحيل أن أغني مرة أخرى، أصبح التلحين هو مصدر رزقي الوحيد.
- هل كل من تحدثت معهم عاملوك بالطريقة نفسها؟
إطلاقاً، فالفنانة الجميلة هدى عمار دائماً ما تسأل عني، ومن حين لآخر تكلمني لتستفسر عن حالتي الصحية، فأنا قدمت مع هدى أهم أعمالها الغنائية وأبرزها.
- كيف ستعالج؟
الحمد لله بعد إثارة الأزمة إعلامياً، تلقيت عشرات المكالمات والرسائل من أهم نجوم الفن والإعلام في الوطن العربي وأبرزهم، فالبداية كانت مع الإعلامي عمرو الليثي الذي تحدث معي وهو على سلم الطائرة في طريقه إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج، ووعدني بأنه سيوفر لي كل شيء عند عودته، ثم الفنان محمد ثروت الذي حجز لي عند طبيبه الخاص، وقال لي: «كل ما سيقوله الطبيب سأقوم بتحقيقه»، وأيضاً الفنان أحمد بدير الذي زارني في منزلي، إضافة إلى الفنان الجميل أحمد زاهر الذي حاول مساعدتي ثم أرسل رقمي لتامر حسني الذي تكفل بعلاجي كاملاً وقرر أن نتعامل معاً، والأمر نفسه قام به الفنان هشام عباس الذي ظل ساعة يتحايل عليَّ لكي يساعدني، إلى أن كانت النهاية مع الشاعر الشيخ تركي آل الشيخ الذي قابلته وقرر أن يتحمل العلاج كاملاً، وسأبدأ بعد أيام في تجهيز أوراقي لكي أسافر إلى فرنسا لإجراء الجراحة.
- هل لا تزال علاقتك ممتدة بنجوم جيلك؟
بالطبع، كل زملائي الرجال ذوو أخلاق عالية، فمدحت صالح صديق عمري، وهو دائم السؤال عني، وأيضاً محمد الحلو وعلي الحجار، ولو تحدثت عن الجيل الذي تلاه، هناك مصطفى قمر وهشام عباس.
- ما هي أعمالك الفنية الجديدة التي تستعد لتقديمها؟
نظراً الى أن حالتي الصحية لا تسمح لي حالياً بالغناء، فهناك أغنية أحضر لها مع الفنان علي الحجار في ألبومه الجديد بعنوان « في عينيك الضي»، كما تجمعني حالياً جلسات عمل مع تامر حسني من أجل دعاء ديني وأغنية رومانسية.
- هل لديك أي علاقات مع نجوم الجيل الجديد؟
لا، لكني تعرفت خلال الفترة الأخيرة إلى تامر حسني، فوجدته إنساناً جميلاً مثل صوته، وللعلم محمد حماقي كان ضمن كورال فريقي الغنائي في التسعينات من القرن الماضي.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024