هاني الحامد: نعيش مرحلة تحوّل ثقافي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي
يعترف أن المرحلة الأولى له في «صباح الخير يا عرب» كانت بمثابة تدريب، أما في الإذاعة فعايش مرحلة ذهبية في الدويتو. يعتبر مقدم البرامج الكويتي هاني الحامد أننا نعيش اليوم مرحلة تحوّل ثقافي من خلال مواقع التواصل الإجتماعي، تستفزه السطحية الموجودة على «انستغرام» ويؤكد أنها لا تمثل مجتمعاتنا... ويشير هاني إلى أنهم يحاولون في «صباح الخير يا عرب» أن يكونوا مهنيين... هاني الحامد في هذا الحوار..
- بدايتك كانت في الإذاعة، هل هذه التجربة صقلت إمكاناتك الصوتية، وساهمت في خوضك تجربة التلفزيون؟
بالتأكيد صقلت قدراتي الصوتية، لكن الأمر مختلف في التلفزيون، إذ إن الإذاعة صقلت ما نستخدمه في الإذاعة فقط. من الضروري أن يمتلك المذيع طبقة صوت حلوة ومريحة، لكن حتى، في الإذاعة لم يعد الصوت مهماً بل الأسلوب، وكيفية التعامل مع الميكروفون وطرح القضايا.
- هل اختلفت متطلبات الشباب العربي بين العام 2011 واليوم؟
نعيش الآن مرحلة تحوّل ثقافي، معرفي، وحتى من خلال التواصل مع العالم. وهذا التحول تشوبه سلبيات وإيجابيات، إذ عندما نتعمق بالناس نجد أن التطور إيجابي، لكن إذا اعتمدنا على مواقع التواصل الاجتماعي فقط، سنقول إننا متّجهون نحو كارثة.
- كيف هي علاقتك بالسوشيال ميديا؟
علاقتي جيدة ومتفاعل معها نوعاً ما.
- غبت لفترة عن إنستغرام، لماذا الغياب والعودة؟
بالنسبة إلي، لا يزال الـ«إنستغرام» يمثل بؤرة بشعة لمجتمعاتنا.
- من أي ناحية؟
من ناحية التطور السريع والانفتاح الذي نعيشه. مثلاً، هل يمثل إنستغرام التربية التي يتلقاها الأولاد في منازلهم؟ وهل تمثل هذه الصفحات المجتمعات المحافظة؟ وعندما نكسر هذه القواعد التي نعتبرها حرية شخصية، لا تعود شخصية لأن الحرية الشخصية ليست للناس. في الحقيقة، أجد، من خلال أقربائي، صعوبة في التربية اليوم، لا سيما في ظل اختراق مواقع التواصل الاجتماعي مجتمعاتنا، خصوصاً أولئك الذين تخلّوا عن القيم والمبادئ.
- ألا تعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تعكس مجتمعاتنا؟
هذا هو السؤال الذي أطرحه على نفسي دائماً، لكنني أشك في أن يمثل إنستغرام مجتمعاتنا. وهذه النسبة لا تمثل المجتمع بل تمثل كل فرد على حدة. لست ضد أن يعيش الانسان أسلوب حياته كما يحلو له، لكننا شئنا أم أبينا لدينا أعرافنا وتقاليدنا، نحن مجتمع شرقي. لذلك في الـ «سوشال ميديا»، نرى من يعيشون الحرية من أوسع أبوابها أو التطرف من أوسع أبوابه. إذ نعاني من غياب الوسطية إن كان في الإعلام أو السوشال ميديا. وأرى أن الشباب العربي في مرحلة تحوّل، لا أعرف إلى أين نسير. ففي مرحلة المراهقة، كانت اهتماماتنا متعلقة بعدد من القضايا الكبرى في المنطقة العربية بينما الجيل الحالي لا يعرف عنها شيئاً كأن هناك موجة تبخيس أو سطحية، وسنخسر جيل الشباب على هذه الحال.
- تتحدث بانزعاج كبير من هذا الموضوع!
لأن حقيقة المجتمع ليست بهذه السخافة والسطحية، للأسف بات يُتخذ بآراء متابعي مواقع التواصل الاجتماعي بعيداً عن خبرتهم أو تخصصهم، وباتت الشهرة هوساً لهم من خلال افتعال مقالب بعائلاتهم لإضحاك الناس عليهم، فما الهدف من هذه المقالب؟! أود أن ألفت إلى أن جيل الشباب ليس تافهاً والسوشيال ميديا لا تعكس كل شيء. العالم الافتراضي موجود ومهم، إلا أنه علينا ألا نتأثر بالفقاعات.
- ثمة من يشترون متابعين على مواقع التواصل!
أعتقد أن من يشتري متابعين هو مريض بدرجة نصّاب.
- لماذا عدت إلى إنستغرام؟
غبت لفترة سنة تقريباً، لأن مشكلتي مع إنستغرام أن كل واحد يجد نفسه ناقداً، أو واعظاً أو وكيلاً على الأشخاص. أنا حساس نوعاً ما، لكن عندما رتبت أفكاري من جديد، أدركت ما الذي يترتب عليّ أن أقوم به، بما أن هناك شريحة من الناس أحب التواصل معهم على إنستغرام، لا سيما الجمهور العربي، للتعرف إلى آرائهم وملاحظاتهم على البرنامج.
- هل من الممكن أن تطرحوا موضوع السلبيات التي تشوب مواقع التواصل الاجتماعي في برنامجكم؟
نحن نطرح بعض القضايا المتعلقة بمواقع التواصل، مثل التنمر الإلكتروني أو موضوع التعليقات والهجمات الإلكترونية، لأنه موجة. وما نعمل عليه اليوم، أن نغير طريقة تعامل التلفزيون مع مواقع التواصل الاجتماعي، لا أن يتحول التلفزيون إلى أداة بيد الـ «السوشيال ميديا» بل العكس، وأن يستفيد منها.
- أنت الأقدم في «صباح الخير يا عرب»، كيف كانت المرحلة الأولى مع لجين عمران وخالد الشاعر، والمرحلة الثانية مع غادة موصلي وسارة مراد وبدر آل زيدان ومرحلة الانطلاقة الأخيرة؟
المرحلة الأولى كانت مرحلة تدريب بالنسبة إلي، لأنني لم أتدرب على التلفزيون بل كنت في الإذاعة وانتقلت مباشرة إلى «صباح الخير يا عرب»، ووجدت أن أدوات التلفزيون مختلفة تماماً عن الإذاعة. كثيرون ممن يعرفونني في الإذاعة لم يحبوني على الشاشة لأنهم اعتادوا على شخصيتي الإذاعية، إذ كنت أقدم شيئاً وبت أقدم نوعاً آخر من البرامج. وقد حصلت على مساعدة الزملاء معي في «صباح الخير يا عرب»، إذ إنهم متفهمون وصبورون ولم يحرموني من توجيهاتهم، وأخص بالذكر لجين، إذ كانت متعاونة وتتلقّف هفواتي، كانت مدرسة وتعلمت منها الكثير. أما في المرحلة الثانية مع غادة، فقد أحب الناس الدويتو الذي جمعني بها. سارة مجتهدة ونحن متفاهمان ونقدم أشياءً أتمنى أن تعجب المشاهد، كما أتوقع لسارة مستقبلاً جميلاً.
- التلقائية والعفوية في الحوار إلى أي مدى تقرّبان المُشاهد من المذيع؟
نحن في مرحلة بات المُشاهد شريكاً رئيسياً ومباشراً. العفوية والبساطة مطلوبتان في بعض الأماكن، وشخصية المذيع التلفزيوني مطلوبة في أماكن أخرى، أي المطلوب التنويع في الأداء. أحرص دائماً على أن أشبه الُمشاهد الذي يشاهدني، لا أكلمه كأنني من كوكب آخر، لأنني كنت وما زلت مشاهداً، مهما يكن السؤال ولو كنت أعرف إجابته لا أتكبر عليه وأسأله، وأتعامل بالطريقة التي يحتاجها المُشاهد.
- في برنامج يومي، كيف تستطيعون أن تكسروا الرتابة من خلال «صباح الخير يا عرب»؟ وهل تغيير الاستوديو والفقرات أتى في هذا الإطار؟
تغيير الاستوديو من العوامل الرئيسية في كسر الرتابة، الإمكانات والمساحة والزوايا كلها تصب في مصلحة التجديد. تغيير المواضيع اليومية يكسر الرتابة، كما أننا نبذل جهداً لأن نكون دائماً بمزاج جيد ومتحمسين، وأن تكون أجواؤنا مختلفة.
- ما القضايا التي لا يستطيع الصحافي أن يكون محايداً فيها؟
السؤال الأساسي هو: هل يوجد في الإعلام حياد؟ لا. نحرص على أن نكون مهنيين لا حياديين. حتى في المدارس الإعلامية العالمية لا يوجد حياد، لكن هي على الأقل تتمتع بالمهنية ونحن نحاول أن نكون على هذا الطريق، نعطي الحق لكل الأطراف ولا نتبنى رأياً.
- ما القضايا التي علينا أن نعبّر فيها عن آرائنا؟
القضايا التي تهم أمن المواطن والبلد، القضايا المصيرية، فلا يمكن للإنسان أن يكون محايداً فيها.
- غردت على صفحتك على «تويتر» بـ«أحياناً أحب استسلامي، بمنحي فرصة تأمل العالم دون جهد وكأنني لست معنية» لأحلام مستغانمي، ثم كتبت «وقتلتني حالة اللاحال، أنا موجود أو منفي»، هل تعيش مرحلة الخريف في حياتك؟
لا أدري إن كان تفسير العبارة هو مرحلة الخريف في الحياة، لكن الاقتباسات تعبّر عن الحالة الوقتية التي كُتبت فيها. اليوم، تخطّيت مرحلة العشرينات، وفي هذه المرحلة تتبدل نظرة الفرد الى الأمور، والاستسلام ليس هزيمة، لكن نعتبر أن هناك تياراً قادماً، ونحن نعرف أننا لا نستطيع مقاومته، لذلك نستسلم الى حين أن يهدأ ثم نعود، هذا ما قصدته.
- هل الاستسلام برأيك قوة؟
الاستسلام مناورة وليس قوة.
- هل تشارك المتابعين حالتك الشخصية؟
لا أبداً. ولا حياتي ولا همومي حتى، أشاركهم القضايا التي تهمهم، ربما هناك فضول لدى بعض الناس، لكن أعتقد أن الذي يستخدم حياته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي لديه بضائع كاسدة، لست ضد، لكن أعتبر أن هذه بضائع.
- ألا تعتقد أنك ستتعرض لهجوم من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين ينشرون حياتهم الشخصية؟
أنا أحترم آراء الجميع وطريقة حياتهم، لكن هذه الأفكار لا تناسبني، كالموضة تماماً، ثمة أزياء تناسبني وأخرى لا تناسبني.
- من خلال الاقتباسات التي غردت بها، يعني أنك تقرأ، فلمن تقرأ؟
أواظب على قراءة السير التاريخية للشخصيات، وفي الفترة الأخيرة بت أميل قليلاً إلى الروايات، إلا أنني أبحث عن الشيء الحقيقي الموجود، كالدراسات والبحوث والتاريخ.
- ما هو طموحك في مجال الإعلام؟
أن أحصل على فرصة أن يكون لي برنامجي الخاص، إذ إن هدفي من خلال الإعلام أن نكون أصدقاء للمشاهد ونقدم له الشيء المناسب ولا نتحكم بخياراته، بل نقدم له الخيارات وهو يختار.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024