«كوني الأقوى»... مبادرة لدعم مريضات السرطان
بعد مضي 6 أشهر على إصابتها بسرطان الثدي، قررت سحر شعبان الناشطة النسوية، مد يد العون لقريناتها من البطلات، رافضة لقب محاربات، حيث ترى أن الحرب انتصار وهزيمة، ومعركة السرطان لا تقبل بالخسارة إطلاقاً، لذا قررت أن تخرج من عباءة المرض وتطلق مبادرة «كوني الأقوى... كوني سحر»، لتحفز النساء على الانتصار على المرض، خاصة أن الإحصاءات الحديثة تؤكد أن سرطان الثدي يتصدّر قائمة أمراض السرطان في مصر، بواقع 42 حالة لكل 100 ألف شخص.
«لها» التقت سحر شعبان وحاورتها عن مبادرتها «كوني الأقوى... كوني سحر».
- في البداية كيف اكتشفت إصابتك بسرطان الثدي؟
منذ عامين فقط اكتشفت ورماً في ثديي، وشككت في أن يكون سرطاناً، لكن عقلي رفض استيعاب الأمر، وبعد ثلاثة أسابيع لم يتلاش الورم فزاد شكّي، لذا توجهت إلى الطبيب وأجريت كل التحاليل والفحوص الطبية، وخضعت على أثرها لجراحة استئصال كامل للثدي، ومن ثم استأنفت رحلة العلاج الكيماوي والإشعاعي، والآن أخضع للعلاج الهورموني، ذلك أنني قررت الانتصار على السرطان. ونظراً لوعيي بحقوق المرأة والتنمية، قررت زيارة طبيب نفسي بالتوازي مع طبيب الأورام، لأنني كنت أدرك تماماً ضرورة الدعم النفسي، فكان الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي من أهم محاور مبادرتي.
- متى قررت تحديداً إطلاق مبادرة «كوني الأقوى... كوني سحر»؟
أطلقت المبادرة أثناء خضوعي لإحدى جلسات العلاج الكيماوي في مستشفى «معهد ناصر»، وكان الطبيب شاباً وأقابله للمرة الأولى في حياتي، فبدأت بالتحدّث إليه حتى أتمكن من جمع المعلومات عن حالتي، وفي سياق الحديث أخبرته أنني أمتلك مؤسسة تنموية تعمل على دعم حقوق المرأة في المجتمع، وفور شفائي من المرض سأكرّس نشاطي لدعم مريضات السرطان، وطلبت منه أن يكون متطوعاً معي، فوافق على الفور، لكنه لم يدرك وقتها أنني قررت التعافي لاستكمال رسالتي مع ابنتيَّ وخدمة المجمتع. وبالفعل، ومنذ ذلك الحين، أطلقت مبادرة «كوني الأقوى... كوني سحر»، ومفادها أن المريضة هي الأقوى من السرطان طالما أنها متمسكة بالحياة.
- بعد عام ونصف العام على إطلاق المبادرة، كم هو عدد فريق العمل والمتطوعين معك؟
فريق العمل كله من المتطوعين، سواء كانوا أصحّاء أو أبطالاً، ومن مختلف الأعمار، بدءاً من 16 عاماً وصولاً الى 50 عاماً فما فوق، ويبلغ عددهم 250 متطوعاً على مستوى أربع محافظات في جمهورية مصر العربية.
- ما هي محاور العمل والدعم في مبادرة «كوني اﻷقوى»؟
أعمل على محاور عدة نابعة من حاجة مريضة السرطان، أهمها:
التوعية: نخصّص جزءاً من التوعية للطالبات الصغيرات في المرحلتين الإعدادية والثانوية في المدارس، ليدركن أهمية وكيفية الفحص الذاتي، لأنني اكتشفت أن سرطان الثدي يصيب فتيات في عمر الـ18 عاماً، لذا من المهم التوعية المبكرة لتحقيق أعلى نسب من الشفاء، في حال تم اكتشاف المرض في مراحله الأولى.
تأهيل الأزواج للتعامل مع مريضات السرطان: في البحث الميداني، وجدت أن غالبية الرجال يتخلّون عن زوجاتهم بعد استئصال الثدي، إما بسبب طول رحلة العلاج، أو لأنهم يرونهنّ ناقصات الأنوثة، وقد تصل الحال إلى الطلاق، لذا أُرشد الأزواج الى الطريقة الصحيحة في التعامل مع زوجاتهم المريضات وأُطلعهم على كيفية دعمهن سيكولوجياً.
التمكين الاقتصادي: ويكون من طريق بعض الأعمال اليدوية المختلفة والمميزة، ونساعد المريضات على التسويق أيضاً، نظراً لكون رحلة العلاج طويلة ومكلفة.
لست وحدك: وهو برنامج يقوم على دعم مريضة السرطان نفسياً واجتماعياً، فإذا كانت تعيش بمفردها، نرسل إليها أحد المتطوعين ليصحبها إلى المستشفى ويُنهي الإجراءات اللازمة للعلاج، ويدعمها في أثناء خضوعها لجلسة العلاج، ومن ثم يرافقها في العودة إلى المنزل.
رحلة العمر: من أساليب الدعم النفسي الجديدة التي نستخدمها، إسعاد بطلة السرطان، فبعد أن أجرينا استفتاء عن أكثر شيء من الممكن أن يسعد بطلة السرطان، جاءت الإجابات برحلة استجمام في أحد المصايف، لكن غالبية الإجابات كانت أمنيات برحلة العمرة، لذا سمّيناها «رحلة العمر»، وبالفعل سافرت أول بطلة سرطان وقع عليها الاختيار لأداء مناسك العمرة، ثم عادت إلى القاهرة واستكملت علاجها.
- هل تقتصر مبادرتك على الاهتمام بسرطان الثدي فقط؟
في المبادرة، نتطرق أيضاً إلى توعية أمهات الأطفال المصابين بالسرطان، خصوصاً في المستشفيات الحكومية والمناطق النائية. فمن خلال أبحاث ميدانية قمت بها، اكتشفت أن فئة كبيرة من الأمهات فاقدات الأمل في شفاء أطفالهن، ذلك لاعتقادهن بأن السرطان أقوى من الطفل وسيهزمه، ومن هنا خصصت برنامجاً لتوعية الأمهات ودعمهن، كما أطلقت في المبادرة برنامج «يلا نأكّلهم صح»، من أجل التغذية الصحية لمصابي السرطان من الأطفال.
- ما العقبات التي تواجه مبادرتك؟
على مستوى العمل المجتمعي، اجتزت كل العقبات، بداية من إيجاد متطوعين مؤمنين بالقضية، وصولاً إلى وجودنا في القرى النائية التي يصعب الوصول إليها. لكن العقبات الحقيقية تكمن في الجزء التوعوي الخاص بالمراكز الحكومية، فأينما ذهبت أصطدم بالروتين في وزارتَي التعليم والصحة، وبالتالي يصعب وصولنا إلى المدارس والمستشفيات بشكل رسمي.
- ما الحلم الذي تسعين إلى تحقيقه من خلال مبادرتك؟
أتمنى إنشاء مستشفى تتوافر فيه كل برامج الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي، لتُحاط مريضة السرطان بالرعاية بمجرد علمها بالإصابة. ومن المهم أن يشمل المستشفى قسماً خاصاً بتوعية الأزواج وأسر بطلات السرطان، بكيفية التعامل معهن، فضلاً عن وجود حضانة للأطفال مرفقة بالمستشفى، فتتمكن المصابة من ترك طفلها فيها أثناء تلقيها العلاج، هذا بالإضافة الى مشاريع التمكين الاقتصادي للمريضات، فأنا أريد أن أُثبت للمجتمع أن المرأة منتجة حتى في أقصى مراحل ضعفها.
متطوعات
ريم شاهين، مصمّمة أزياء تراثية تعمل في مجال تطوير الأزياء التراثية، وتشارك النساء الموهوبات في التطريز التراثي في مختلف محافظات مصر، انضمت أخيراً كمتطوعة إلى برنامج التمكين الاقتصادي في مبادرة «كوني الأقوى... كوني سحر»، وتقول: «لكوني مهتمة بالتنمية وأحب مهنتي كثيراً، فدائماً ما أبحث عن كيفية خدمة المجتمع وتطويره من خلال مهنتي، وبالتالي تطوعت في المبادرة لتعليم بعض بطلات السرطان وتمكينهن اقتصادياً».
أما ندى زيدان، 17 عاماً، طالبة ثانوية عامة، فتطوعت في المبادرة حين إطلاقها منذ عام ونصف العام، وتقول: «رغم صغر سنّي، أرى أن السرطان لا يفرّق بين طفل وشاب وعجوز، لذا قررت الانضمام الى مبادرة «كوني الأقوى... كوني سحر»، إيماناً مني بضرورة أن يكون لي دور فاعل في المجتمع، وبناء عليه في برامج توعية طلاب المدارس بخطورة سرطان الثدي، وضرورة الكشف المبكر، لكن وجدت أن الفتيات يتقبّلن مني النصيحة أكثر، لأنني في مثل عمرهن، ويمكنني توصيل المعلومة إليهن بلغتهنّ الشبابية بطريقة سهلة».
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024