جائزة نوبل للآداب تعود الى رونقها بفوز الكاتب البريطاني من أصول يابانية كازو إيشيجورو
بعد أن فقدت جائزة نوبل للآداب الكثير من رونقها، لا سيما في العامين السابقين، حيث شابتها سلبيات كثيرة، عندما مُنحت في العام 2015 للكاتبة والصحافية البيلاروسية فيتلانا ألكسيفيتش، ومن ثم في العام الماضي للمغني الأميركي بوب ديلان، وقد تعرضت لانتقادات واسعة نتيجة هذه الاختيارات التي رآها العديد من النقاد أنها أبعدت الجائزة عن الاحتفاء بالإبداع الحقيقي، لكن هذا العام وفي ما يشبه الإجماع، استُقبل اسم الفائز بالجائزة بارتياح كبير، فهو الكاتب البريطاني من أصول يابانية كازو إيشيجورو، إذ إنه اسم معروف بجودة إبداعاته، وهو الأمر الذي حرصت الجهة المانحة على ذكره في حيثيات فوزه، "إن في رواياته قوة مؤثرة عظيمة كشفت عن عمق هاوية إحساسنا الوهمي بالصلة مع العالم". إضافة الى ذلك، فإن إيشيجورو اسم معروف في الثقافة العربية، إذ إن هناك أربع روايات من بين رواياته السبع، مترجمة بالفعل إلى العربية.
الترجمات الأربع صدرت عن المركز القومي للترجمة في مصر، وهي: "فنان من العالم الطليق"، ترجمة هالة صلاح الدين التي تعد أول من ترجمت له الى العربية، "بقايا اليوم" ترجمة المترجم الراحل طلعت الشايب، وهي الرواية التي حازت جائزة بوكر الأدبية وتحولت إلى فيلم سينمائي حصل على سبع جوائز في الأوسكار، إضافة الى قيام المترجم طاهر البربري بترجمة روايتيه "من لا عزاء لهم" و"عندما كنا يتامى"، ويتفاوض حالياً الدكتور أنور مغيث، مدير المركز القومي للترجمة، للحصول على حقوق ترجمة آخر أعمال إيشيجورو، وهو مجموعة قصصية بعنوان "مقطوعات موسيقية"، وأعماله الأخرى مثل رواية "العملاق المدفون".
إيشيجورو من مواليد ناجازاكي في اليابان عام 1954، غادرها مع أسرته إلى بريطانيا وهو في سن الخمس السنوات، واستقر بالفعل في أنكلترا وأصبحت وطنه. حصل على شهادة الآداب مع مرتبة الشرف الأولى من جامعة كينت بكانتربيري عام 1978. وترى المترجمة هالة صلاح الدين في مقدمتها للترجمة العربية لرواية "فنان من العالم الطليق"، أن أعمال الفائز بجائزة نوبل قد لاقت استحساناً نقدياً عالمياً. كما حصل على العديد من الجوائز الدولية، وكان أول أعماله ثلاث قصص قصيرة نشرت عام 1981 في كتاب يحمل اسم "مقدمات 7 قصص لكتاب جدد"، وكانت روايته "منظر شاحب للتلال" - 1982 باكورة رواياته، وفازت بجائزة وينيفريد هولتبي ميموريال التي تقدمها الجمعية البريطانية للأدب، ومنحها اتحاد المكتبات الأميركي لقب أفضل كتاب لعام 1982، ورشحت روايته الثانية "فنان من العالم الطليق" - 1986 لجائزة بوكر، وحصلت على جائزة ويتبريد البريطانية 1986، وجائزة سكانو الإيطالية 1995، وفازت روايته "بقايا اليوم" بجائزة بوكر البريطانية 1989 وتحولت إلى فيلم سينمائي.
ويحلّل المترجم الراحل طلعت الشايب في مقدمته لرواية "بقايا اليوم" - التي ترجمها الى العربية - شخصية إيشيجورو وأعماله، موضحاً أن معرفته باليابان "الوطن الأصلي" مستمدة من الثقافة الإنكليزية ومن الوالدين، وليست وليدة احتكاك مباشر مع المجتمع الياباني، والثابت أنه لم يذهب الى اليابان إلا في العام 1987، وبعد أن أصدر روايتين، كلتاهما عن اليابان، هذه النشأة بعيداً عن الوطن جعلته يرى أن كتاباته أقل تعقيداً، لأنه يخترع قصصه معتمداً على الانطباعات أكثر منه على حقائق واقع معاش.
من أجواء روايته "فنان من العالم الطليق" التي ترجمتها هالة صلاح الدين: "إذا تسلقت في يوم مشمس الطريق المنحدر الذي يرتقي لأعلى مبتدئاً بالجسر الخشبي الصغير، ذلك الجسر الذي ما زال يشار إليه في هذه الأنحاء بـ"جسر التردد"، فلن نضطر إلى المشي بعيداً قبل أن يتراءى لك سطح منزلي بين قمتين من قمم أشجار الجنكة. وحتى إن لم يحتل المنزل مثل هذا الموقع المطل على التل، كان سيظل بارزاً من بين كل المنازل المجاورة، ومن ثم فقد نتساءل إن صعدت الطريق عن ماهية الثري الذي يمتلكه".
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024