كايلي مينوغ وفادية الطويل: هكذا انتصرنا على سرطان الثدي
مغنية أسترالية عالمية وإعلامية أردنية. للوهلة الأولى لا نجد أي قاسم مشترك بينهما ولا حدود مشتركة تجمعهما إلاّ تلك التي رسمها سرطان الثدي. مرض خبيث لا هويّة له أو عرق، يجتاح الجسم محاولاً تدمير صاحبه. تجربتان لسيدتين مختلفتين، كايلي مينوغ وفادية الطويل، حاربتا هذا المرض بكل ما أوتيتا من قوة، واستطاعتا تخطّي الصعاب وتغلّبتا عليه، لا بل وتعلّمتا منه الدروس.
كايلي مينوغ: لم أعقد الصلح مع مرض السرطان لغاية الآن
كانت نجمة عالمية تضجّ بالحياة والشهرة عندما جرى تشخيصها بسرطان الثدي في شهر أيار/مايو من العام 2005 وهي في عمر السادسة والثلاثين. في ذلك الوقت، كانت كايلي مينوغ تستعد للقيام بجولة عالمية، وعلى علاقة بالممثل الفرنسي أوليفييه مارتينيز.
فور تبلّغها بخبر مرضها، حرصت مينوغ على الحصول على العلاج الطبي اللازم، وألغت جولتها العالمية المقررة وبقيت في فرنسا مع حبيبها مارتينيز.
خضعت مينوغ لعملية استئصال الورم من الثدي، إضافة إلى جلسات من العلاج الإشعاعي والكيميائي، وأخبرها الأطباء أنها شفيت تماماً من المرض في العام التالي.
بعد تغلبها على السرطان عام 2006، عادت مينوغ بسرعة إلى الاستوديو لمعاودة نشاطها الفني كما في السابق.
صحيح أن تجربة المرض كانت مريرة وقاسية، لكنها لقّنت مينوغ دروساً كثيرة في الحياة، أهمها الاستفادة من كل لحظة، والتعاطف مع المرضى المصابين بالسرطان. بالفعل، تعترف مينوغ في كل مقابلاتها الصحافية والتلفزيونية بأن مرض السرطان جعلها أقرب إلى المرضى الآخرين، لأنها باتت تفهم معاناتهم وآلامهم. وغالباً ما تنهمر الدموع من عينيّ كايلي تأثراً كلما تذكرت مراحل علاجها ومعركتها مع السرطان.
ولعل أسوأ ما في السرطان الذي أصاب مينوغ هو حرمانها من نعمة الإنجاب بسبب العلاجات الكيميائية التي خضعت لها. وتشعر مينوغ بالحزن الشديد كلما حاولت تخيّل شكل الطفلة أو الطفل الذي كان يحتمل أن تنجبه لو لم تصب بالسرطان.
ولا تنسى مينوغ أبداً توجيه الشكر والامتنان الى صديقها مارتينيز الذي ساندها ودعمها طوال فترة علاجها، واستمر في الاهتمام بها حتى بعد انفصالهما عام 2007.
منذ تغلبها على السرطان، حرصت مينوغ على دعم العديد من المشاريع والجمعيات الخيرية التي تساعد على محاربة السرطان. بالفعل، كانت الوجه الإعلاني للحملة التي قادها ماريو تستينو عام 2010 لمساعدة مرضى سرطان الثدي Fashion Targets Breast Cancer، ونالت عام 2011 شهادة دكتوراه فخرية في العلوم الصحية من جامعة أنغليا راسكين في انكلترا تقديراً لأعمالها الخيرية.
اليوم، وبعد مرور ما يقارب العشرة أعوام على تشخيصها بسرطان الثدي، استعادت كايلي مينوغ عافيتها، لكن تجربة المرض علّمتها دروساً كثيرة في الحياة. وكلما حاولت كايلي تذكر تجربتها المؤلمة مع المرض، سواء في برنامج تلفزيوني أو مقابلة مع إحدى المجلات، يبدو عليها التأثر الشديد... لا تزال معركتها العاطفية مع المرض مستمرة، لأن السرطان لا يصيب الجسم فحسب، وإنما الروح أيضاً برأي مينوغ. ففي حديث لموقع Express البريطاني في شهر نيسان/أبريل الماضي، قالت مينوغ: «انفجرت في البكاء في الذكرى العاشرة لإصابتي بالسرطان. تحدثت عن مرضي أمام الجميع لأنني شعرت أنه يفترض بهم أن يعرفوا شيئاً، لكن ما من أحد يعرف القصة الكاملة. إنها قصة مرض طويل ومضنٍ يؤثر في كل شيء».
«لم أعقد الصلح مع مرض السرطان لغاية الآن. أتمنى لو أنني أستطيع ارتداء الملابس التي كنت أرتديها قبلاً... فالسرطان بدّل الكثير من الأمور في حياتي». ولا تنسى مينوغ أبداً شكر أمها كارول وعائلتها التي ساندتها في محنتها، وتحملت عصبيتها وتوترها خلال مراحل العلاج الصعبة.
فادية الطويل: أستغل الحياة وأقوم بالتقاط كل موقف إيجابي
كانت تعيش حياةً هادئةً، فإذا بخبيث يطرق بابها منذ 15 عاماً، في محاولة منه لإضعافها وإيقافها عن التقدم، إلا أنها حاربته في مهده بعد أن أصابها في الثدي. تقول الإعلامية الأردنية فادية الطويل، أن إصابتها بسرطان الثدي لم تكن بصعوبة المرة الثانية، حيث هاجمها في العظم، وذلك بعد أن اعتقدت أنها شفيت نهائياً من هذا المرض وبلا رجعة. وتضيف: "اعتقدت أنني شُفيت، لكنني شعرت بألم في القفص الصدري بعد فترة، إلا أن فكرة السرطان لم تخطر في بالي على رغم أن مناعتي نقصت وأصبت بفقر الدم، فقد كان السرطان مستبعداً حتى مع كل العوارض التي شعرت بها. وأخبرني الطبيب بعد أن خضعت للفحوصات، أنني سأعيش لسنة ونصف السنة، وإن تناولت جرعات أقوى من الدواء، احتمال أن أعيش لسنتين ونصف السنة، وبالتالي لم يمدني بالأمل".
وتتابع: "إلا أن في داخلي كان يقطن حصان جامح، وكلما أصابني المرض كلما شعرت بالقوة أكثر، وبأنني سأهزم السرطان، كأنني في صراع معه أعاركه لأتغلب عليه، لم أعرف كيف تحليت بهذه القوة ومن أين أتت قوتي، ربما المرض جعلني أقوى. حتى اليوم، يزداد في داخلي ذلك الحصان قوةً ونشاطاً، إذ أسست عملي الخاص وأديره بنفسي، كما أن لدي موظفين وباتوا يتحلون مثلي بالقوة ويؤمنون بقضاء الله وقدره، وهذا الإيمان موجود في قلبي".
وعما إذا كانت وجهت إلى نفسها سؤالاً حول سبب تعرّضها لهذا المرض مراراً، تقول الطويل: "سألت نفسي لماذا يحصل لي ذلك بعد أن أصبت أربع مرات بمرض السرطان وفي الثدي بدايةً، ثم العظم والرئة وصولاً إلى الطحال والكبد"، لكن كان جوابي لنفسي لأن الله يحبني ويعرف أن هذا الابتلاء في مصلحتي، وفقاً للحديث الشريف "أن الله إذا أحب عبداً ابتلاه"، كما اعتبرت أن الله وجدني ضعيفة في بعض المواقف، لذلك أصابني بالمرض، ربما في زواجي الأول كنت ضعيفة فجاء المرض ليقويني.
وعما إذا كانت حظيت بدعم أو مساندة من أحد، تعترف بأنها حاربت بمفردها، حتى عائلتها لم تساندها، إذ كانت تعيش بمفردها في السعودية، وكان أولادها أطفالاً، فكل ما في وسعهم زيارتها في المستشفى، لكن لا يستطيعون أن يمدوها بالدعم. وتتابع: "عندما تم تحويلي إلى طبيب نفسي، خرجت من عيادته بعد مقابلته وأنا أود أن أُسعد نفسي، إذ لا أحد يستطيع أن يُسعدك إذا لم تتخذي هذا القرار".
وعن الدروس التي تعلمتها، تلفت فادية إلى أنها "تعلمت أكبر دروس الحياة، بدءاً من الصبر، وألا أتنازل عن حقي، لا سيما حقي في الحياة، تعلمت أن أقول لا، إذ كنت أخاف التفوه بها، المرض علمني أن أتخذ القرارات المناسبة في مختلف المجالات، سواء على الصعيد المهني أو في الحياة ومع عائلتي. تعلمت قيمة الوقت وكيف أستمتع بكل لحظة في حياتي، إذ إن المريض المهدد بالموت يتشبث بالحياة.
وعن رسالتها للناس الذي يعيشون حياتهم في سلبية، تشير إلى أن هذا النوع من الناس هو الذي يبث السرطان، من خلال إشعاعات الطاقة السلبية التي يوزعها بين الناس، فالإنسان السلبي يؤثر في كل من حوله، كما أن هذا النوع من الناس يحاول أن يتحجج بالبلاء الذي يواجهه، وأن يستعطف الآخرين. لذلك، في حال الابتلاء، علينا أن نقاوم ونبتسم، فالابتسامة هي مفتاح كل شيء، وترافقني في كل الأوقات، فهي جزء من حياتي. كما أنني أملك روح الدعابة وأبثها في كل من حولي. حتى أنني أقابل الخسائر المادية ربما، وحتى حالات الوفاة، بالصبر لا بالبكاء واليأس، لكنني لا أنكر أنني من وقت الى آخر أجلس بمفردي وأبكي، أبكي لأنني تعبت من القوة، ذلك الحصان الذي في داخلي يتعب أحياناً. وتؤكد أن هذه القوة التي تحلت بها، هي حقيقية، إذ إن في إمكان الفرد التظاهر بأنه قوي لشهر أو شهرين أي لفترة قصيرة، لكن ليس لنحو 15 عاماً. وتضيف: "حتى أولادي يتحلون مثلي بالقوة، لقد تعلموها مني، فالفرد ليس في حاجة إلى مرض ليتحلى بالقوة".
وتستدرك قائلةً: "الظروف المرضية تجعل الفرد هزيلاً، فتتراجع قوته الجسدية، إذ أخذت العلاج الكيماوي، والعلاج بالأشعة لمرات عدة، وسأواظب على تناول الدواء، لكن المرض لم يضعف نفسيتي بل جعلني أقوى".
وعما إذا كانت تخاف اليوم من أن يهاجمها المرض مجدداً، تعترف بأنها لا تخاف حتى لو ماتت، "إذ أعتبر أن الله اختار لي الموت، لأن موتي فيه مصلحتي". وتلفت إلى أنها في السنة الماضية، قامت باستئصال ورم حميد في المخ، وتقول: "بكيت حينها على عائلتي، أمي وأولادي. ومنذ شهر، فقمت باستئصال ورم في الرحم وكان حميداً أيضاً، لم أتردد للحظة في إكمال العلاج، بل سافرت إلى مختلف دول العالم لأتلقى العلاج".
وتختم الإعلامية الأردنية: "أحب الحياة وأحاول أن أستغلها، كما أحاول أن أستغل المرض من الناحية الايجابية، وبالتالي علينا أن نستغل كل شيء بشكل إيجابي، كما أقوم بالتقاط كل ما هو إيجابي في أي موقف ومن كل فرد وحالة".
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024