مرشحة لبنان لمنصب مدير عام اليونيسكو فيرا الخوري: في حال الفوز ستتصدّر قضايا المرأة جدول أعمالي
فيرا الخوري، مرشحة لبنان لمنصب مدير عام اليونيسكو وجه معروف في المنظمة الدولية. هي امرأة رقيقة وفي الوقت نفسه مشاكسة كما يصفها متتبعوها. تمكنت من خلال عملها الديبلوماسي في بعثة سانت لوسي خلال السنوات الماضية من إدارة وترؤس اجتماعات مهمة تتعلق بالمنظمة الدولية، ونجحت أيضاً في مواجهة الأزمات والدفاع عن قضايا الأونيسكو من خلال إلمامها بآليات وتقنيات المنظمة التي تعرفها عن قرب. الأضواء مسلّطة على العرب في هذه الانتخابات، لأن الدور الأبرز يعود إليهم هذه المرة وفق اختيار القارات. وإلى جانب الخوري، هناك ثلاثة مرشحين عرب، من بينهم الوزيرة المصرية السابقة مشيرة خطاب، وزير الثقافة القطري السابق حمد عبدالعزيز الكواري، ومرشح العراق صالح الحسناوي. والعنصر النسائي في هذه الانتخابات لا يقتصر على العرب وحدهم، فهناك أيضاً مرشحة فرنسا، وهي وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة أودري أزولي. انتخابات اليونيسكو عوّدتنا على المفاجآت، وما من قرار حاسم بعد. وأكبر دليل على ذلك ما حدث في الانتخابات التي أُجريت عام ٢٠٠٩ إذ حصل الوزير المصري السابق فاروق حسني على ٢٢صوتاً في الدورة الأولى. بينما حازت المدير العام الحالية للأونيسكو إيرينا بوكوفا، على ٨ أصوات، وعملية انتخابها لم تكن متوقعة.
- انتخابات مدير عام اليونيسكو باتت قريبة، وهناك أربعة مرشحين عرب من مصر، العراق، قطر ولبنان. ما هي فرص لبنان للفوز بهذا المنصب؟ وما هي حصيلة جولاتك الانتخابية والتي شملت ٤٣ بلداً، وهل يمكن لامرأة عربية أن تتبوأ هذا المنصب؟
أتوقع أن تفوز امرأة بمنصب مدير عام منظمة اليونيسكو. لقد انتهت المرحلة الانتخابية، ويبقى أمامي سفرتان. تنقلاتي بين العواصم اتاحت لي الاجتماع بالمسؤولين والرؤساء. الآن ينبغي تركيز العمل في باريس والمضي في التحضير للانتخابات التي ستُجرى بين ١٠ و١٣ تشرين الأول/أكتوبر، وثمة احتمال بأن تتضمن هذه الانتخابات ٥ جولات للتصويت. فعندما يحصل أحد المرشحين على ٣٠ صوتاً من أصل ٥٨ فذلك يعني أنه قد انتُخب.
هناك مرحلة في غاية الأهمية في معركة اليونيسكو، وهي الاتصالات الدولية التي أنهيناها، تليها أيضاً مرحلة مهمة وحاسمة، ألا وهي أسبوع الانتخاب. ولا بد من التأكيد هنا أنه يجوز كسب المعركة أو خسارتها خلال هذا الأسبوع الحاسم، ويمكن على أثره فقدان كل شيء تم إنجازه في غضون سنة او اثنتين. ولا بد أيضاً في الأيام الأخيرة من الحملة من تعزيز عمل بعثة لبنان في اليونيسكو والسفارة اللبنانية في باريس، وأن يرأس الدورات الانتخابية وزير، لأنه ستتخللها مفاوضات على مستوى رفيع، ذلك أن عقب الدورة الأولى من الانتخابات سيُعاد توزيع الأوراق من جديد.
وحين الانتقال الى الدورة الثانية من الانتخابات، نعمد الى دراسة ملف من بقي ومن انسحب، وتوزّع الأوراق من جديد. وقد لا تعطي الدورة الأولى أي مؤشرات حول من سيفوز في هذه الانتخابات. فعلى سبيل المثال، في عام ٢٠٠٩ كان هناك تسعة مرشحين لهم أوزانهم، وكانت هناك أسماء مهمة كوزير خارجية سابق في أستراليا، ووزيرة من النمسا، والمرشح المصري الوزير فاروق حسني، والسيدة إيرينا بوكوفا.
في الدورة الأولى، حازت بوكوفا على ٨ أصوات، في حين حصل المرشح المصري على ٢٢ صوتاً. لكن في نهاية المطاف فازت السيدة بوكوفا.
- ماذا يعني هذا الترشح لك لبنانياً، خصوصاً أنكِ عملت في اليونيسكو لسنوات عدة وترأستِ بعثة «سانت لوسي»؟
أنا فخورة جداً بأن أكون مرشحة لبنان، والجميع يعرف أنني عملت على مدى ٢٠ سنة لـ «سانت لوسي» في اليونيسكو، وهي دولة محترمة، وأقولها بكل فخر أنه لطالما كانت لها مواقف جيدة تجاه المواضيع والقضايا المهمة، وقد أتاحت لي المجال للعمل ومساعدة لبنان طوال السنوات العشرين الماضية في حلّ عدد من القضايا العالقة في المجلس التنفيذي. ففي كل مناسبة، كانت «سانت لوسي» تقف الى جانب لبنان وتدعم قضاياه. واليوم أفتخر بأنني تمكنت من تقديم شيء لبلدي.
وخلال تلك السنوات، تعرفت إلى العديد من السفراء، وكانوا دوماً يقولون لي: «من المؤسف أنك لا تعملين للبنان، فهناك الكثير مما يمكن تقديمه». وبقيت أصداء هذه الكلمات تتردد في أذنيّ، ولذلك قطعت وعداً على نفسي، وقلت إذا قررت الترشح لهذا هذا المنصب فسأكون مرشحة لبنان وليس أي بلد آخر، وكان لي ما أردت. بالنسبة إليّ، تمثيل لبنان في الخارج هو مصدر فخر لي، وكذلك بالنسبة الى الحملة التي قمنا بها والتي شملت ٤٣ بلداً، أكد لنا المسؤولون فيها كم أن سمعة لبنان طيبة، وهو يستحق الفوز بهذا المنصب لأسباب عدة، أبرزها أنه بلد الانفتاح والحضارة والتسامح والحريات والقيم التي توليها اليونيسكو أهميةً. وقد سُررنا كثيراً بسماع هذا الثناء على لبنان، والجميع اعترف بأن المرشحة اللبنانية هي الأفضل، وذلك بعد المقابلات الرسمية التي أجراها المرشحون. إنما هذا لا يعني أننا سنفوز، فثمة أمور أخرى تتعلق بالسياسة، وهي تدخل في صلب المعركة. ورغم ذلك، يُعتبر لبنان مرشحاً جدياً، ويمكنه الفوز، لأن ما من تكتل ضده. أما بالنسبة الى باقي المرشحين فإنهم يواجهون تكتلات البعض التي تسعى الى إفشالهم.
- في حال ترؤسك المنظمة، هل ستحتل القضايا العربية مركز الصدارة؟
لا بل القضايا العربية وقضايا العالم أجمع. في حال ترؤسي المنظمة سأهتم بكل الدول الأعضاء، وخصوصاً العرب الذين من المؤكد ستكون لهم مكانة خاصة في جدول برنامجي. لكنني سأكون عادلة ولن أسمح لأحد بالتسلّط على الآخرين وسأتصدّى للظلم. فهذا هو الدور الذي سأضطلع به. وفي هذا السياق، أعتقد أن هذه نقطة تُسجل لمصلحتنا، وهي من مزايانا، مما يُشعر الدول بالثقة تجاهنا، وأننا لن ننحاز في مواقفنا مع أحد ضد الآخر.
- ما هو دور المرأة في البرنامج؟
«Unesco Priority Gender Quality program» سdكون له الأولوية في البرنامج. وفي حال فوزي بالمنصب، سأطمح الى تطوير هذا البرنامج، وأعتقد أننا في الكثير من الأوقات نتجاهل أموراً مهمة، وخصوصاً في ما يتعلق بالمرأة. لذا، علينا التعامل مع هذه المسألة بجرأة كبيرة.
- كشفتِ لإدارة المنظمة الدولية عن مضمون برنامجك للسنوات المقبلة في حال تعيينك في هذا المنصب. ما الذي يجذب جمهور اليونيسكو أكثر في إطار مسيرة التغيير؟
أعتقد أن الرؤية المتكاملة للمستقبل التي قدمتها هي أكثر ما جذبهم. ولعل من أهم النقاط التي شدّدت عليها، هي التحول الحاصل والتأثير في مرحلة التواصل التي نعيشها، والذي لم نأخذه في الاعتبار كما يجب ولم نغيّر برامجنا على ضوئه. لا يمكننا التعامل مع الدول، وتقديم النصائح لها كما لو أننا لا نزال في «مرحلة صناعية». ومن أجل ذلك، شدّدت في برنامجي على ضرورة إحداث التغيير، واستخدام الوسائل التقنية لمستقبل واعد حتى نكون منظمة فاعلة، مرنة وتتكييف مع التغييرات بسرعة. وبرنامجي يولي أهمية خاصة للتربية والتعليم في المدارس حتى يتمكن الطلاب من إيجاد وظائف وفرص عمل بعد تخرّجهم في الجامعات.
- إذاً، أنتِ تطمحين الى التحديث ثم التحديث للتكيف مع الواقع...
أرغب في تحديث كامل للمنظمة، في مضمونها وسبل عملها وإدارتها. يجب استخدام الوسائل المتاحة اليوم. قدمت عدداً من الطروحات التي تتعلق بالعمل والعلم، وأعتقد أنني الوحيدة التي قدّمت طروحات ملموسة وعملية، وأظهرت نظرة متكاملة تكشف عن كيفية المضي في هذه المسيرة والسبل الذي سأستخدمها، وهذا ما حظي بإعجاب الجمهور. وتذكرين كيف شدّدت أيضاً على ضرورة تنحية خلافاتنا جانباً، والاتحاد في الأمور التي نتشاركها معاً.
- ما هي صفات فيرا الخوري؟
أعتقد أن ما يميزني عن الآخرين هو الرؤية، الوضوح، الشفافية، القدرة في التعامل، ومعرفة المنظمة عن قرب... وهي صفات قد لا تتوافر كلها في باقي المرشحين. ربما يكون بعض الذين يعملون داخل المنظمة مطّلعين أكثر على قضايا كالتربية، ولكن لا أحد منهم ملمّ بعمل المنظمة ككل كما أعرف أنا. أضف الى ذلك، أنه بناء على طلب عدد من الدول، وفي مناسبات عدة، ترأست الكثير من الجلسات التي عُقدت في اليونيسكو، والتي غلبت عليها الخلافات من اجل إيجاد حلول للقضايا المطروحة، وتمكنت من إيجاد مخارج وفاقية لكل القضايا التي تبنّتها اليونيسكو. هذه هي نقطة القوة لدي، لأن الدول الأعضاء تدرك جيداً أنه في حال انتخابي سأكون مستعدة للعمل منذ اليوم الأول. هناك أيضاً صفة أخرى تعرفها الدول عني، وهي أنني امرأة تتمسك بالمبادئ والقيم، وقد رأى مندوبو الدول كيف دافعت باستماتة خلال الصدامات التي وقعت من أجل مسائل تستند الى المبادئ، وهذا أكثر ما تحتاج إليه المنظمة الدولية اليوم.
- توجهت الى نيويورك مع الوفد اللبناني الرئاسي للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة والحصول على دعم دولي لترشيحك.كما ستزورين في الأيام المقبلة موسكو قبل انتهاء الحملة.
رأينا الكثير من الوفود والدول في نيويورك، ولمسنا أن هناك دعماً للبنان. وعليّ التوقف عند أهمية الدعم الذي تلقيته من بلدي لبنان، إذ وجّه وزير الخارجية رسائل الى جميع وزراء خارجية الدول، وكتب رئيس الجمهورية الى كل رؤساء الجمهورية للمجلس التنفيذي في اليونيسكو. وواصلنا المزيد من الجهود في هذه المعركة في نيويورك، وكان من الضروري أن ترى الدول أن لبنان يقدّم كل الدعم لمرشحته، وتلمس مدى أهمية هذا الترشّح. فالوجود والدعم اللبناني يشكلان قسماً كبيراً من هذه الحملة.
- هل تعتقدين أن المرأة العربية قطعت شوطاً كبيراً في التقدّم وأثبتت وجودها في كل مكان؟
أظن أنه أصبح للمرأة وجود في الكثير من المراكز المهمة، وهذه فقط بداية الطريق،تثبت جدارتهايوماً بعد يوم. وفي حال إدارتي لليونيسكو فسأولي هذا الموضوع أهمية. وحين أتحدث عن المساواة بين المرأة والرجل فهذا يعني أن المرأة العربية ستتصدّر جدول أعمالي.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024