آلاء بحري: صناعة العيون ثورة في عالم الطب
من إسبانيا، هيوستن وفرنسا بحثت عن صناعة متفردة للإنسانية كي تخدم أبناء مجتمعها ووطنها، حتى وضعت بصمة في عالم صناعة العيون الاصطناعية. اجتهدت وأصبحت أول اختصاصية سعودية تحظى بترخيص في هذا المجال، وأول عربية عضو في الجمعية الأميركية للعيون الاصطناعية. تميزت في صناعة عيون اصطناعية لمن فقدوا أعينهم نتيجة حوادث، أورام، أمراض مختلفة، تشوهات خلقية... تدرّبت آلاء بحري على أيدي أفضل اختصاصيي العيون الاصطناعية في العالم، كما سعت لاكتساب الخبرة في هذا المجال. التقتها «لها» لمعرفة خبايا هذا العالم وأهميته التجميلية في حياة الإنسان، وكان هذا الحوار.
- ما الذي دفعك الى التخصص في مجال «صناعة العيون»؟
شدّني التخصص في هذا المجال لكونه نادراً في المملكة العربية السعودية، نظراً لأنه يرتكز على مساعدة الآخرين وإعطائهم فرصة لبدء حياة جديدة.
- للعيون الاصطناعية تاريخ طويل، هل استغرقت وقتاً طويلاً لتصل إلينا؟
تصنيع العيون الاصطناعية هو علم قديم، أول من مارسه الرومان والفراعنة في مطلع القرن الخامس قبل الميلاد، وكانت المواد المستعملة تصنَّع من الفخار الملون، وتوضع خارج تجويف العين. في البدء، استغرق صنع العيون الاصطناعية التي توضع خارج تجويف العين قروناً عدة، وفي منتصف القرن التاسع عشر طوّر الألمان أساليب صناعة العيون الزجاجية، وبعد الحرب العالمية الثانية بدأت الولايات المتحدة الأميركية باستخدام مادة «الأكرليك بلاستيك» في صنع العيون الاصطناعية وتطويرها.
- كيف يتم تصنيع العين الاصطناعية؟
تمر العين الاصطناعية بمراحل عدة من التصنيع المتقن، حيث يتم قياس تجويف العين المُصابة بعمل قالب، ونأخذ مقاسات حدقة وقزحية عين المريض، ثم نأخذ لون القزحية ولون الصلبة ونبدأ المرحلة الاولى من التلوين ليتم تلوينها ودمج الألوان بدقة متناهية حتى نصل الى تطابق كامل، وبعد ذلك نرسم الأوعية الدموية لإعطاء البعد الثالث للعين الاصطناعية فتبدو العين طبيعية.
وفي عيادتنا نستخدم أحدث التقنيات ليحصل المريض على أفضل النتائج، وتكون له عين اصطناعية أقرب الى العين الطبيعية.
- ما هي المواد التي تُصنّع منها العين الاصطناعية؟
تُصنّع من أجود أنواع «الأكرليك بلاستيك» الذي يمكن تشكيله وتلوينه وتلميعه بالشكل واللون المناسبين.
- ما المدة التي تستغرقها صناعة العين؟ وهل تكلفتها عالية؟
تستغرق صناعة العين الاصطناعية من 6 إلى 10 أيام، وتختلف مدة التصنيع باختلاف حالة المريض، وتُعتبر تكلفتها معقولة مقارنة بأسعار الأطراف الاصطناعية الأخرى.
- إذا كان المريض لا يملك ثمن العين الاصطناعية، ما الذي يحصل؟
بفضل الله، استطعنا أن نتعاون مع عدد من الجمعيات الخيرية لمساعدة المريض المحتاج.
- هناك معايير لجودة العين الاصطناعية لئلا تؤثر في المريض سلباً، ما هي؟
أول معيار للجودة هو اختيار أفضل أنواع المواد المستخدمة في صناعة العين الاصطناعية، ومن ثم تركيب العين الاصطناعية وأخذ المقاسات بطريقة صحيحة، مع تغيير العدسة كل ثلاث أو أربع سنوات، وتلميعها كل ستة أشهر، واختيار الاختصاصي المعتمَد من الجمعية الأميركية للعيون الاصطناعية، وأخيراً مراجعة طبيب العيون واختصاصي العيون الاصطناعية في حال ملاحظة أي افرازات، أو ألم في تجويف العين.
- هل يحتاج المريض إلى جراحة قبل تركيب العين الاصطناعية؟
في العادة، يكون المريض محوّلاً من جانب طبيب العيون بعد أن يكون قد أجرى له الجراحة اللازمة. وفي بعض الحالات، يقيّم اختصاصي العيون الاصطناعية حالة المريض، ومن ثم يحوله الى طبيب تجميل العيون لتحديد نوع العملية اللازمة.
- متى يتم تركيب العين الاصطناعية؟
يتم تركيب العين الاصطناعية بعد شهر ونصف الشهر إلى شهرين من تاريخ إجراء العملية.
- ما نوع الألوان التي تستخدمينها في تلوين العين الاصطناعية؟
هي ألوان مصنّعة من الطبيعة.
- هل من فارق بين العين الاصطناعية المصنَّعة يدوياً وتلك المُسبقة الصنع؟
هناك فارق كبير من حيث الشكل والنوعية والجودة والنتيجة النهائية بين العين الاصطناعية المصنَّعة يدوياً وتلك المُسبقة الصنع، وفي عيادتنا الخاصة نُصنّع يدوياً عيوناً اصطناعية تناسب كل مريض على حدة من حيث الحجم وتطابق اللون، ونسعى أن تكون قريبة من عين المريض الطبيعية.
أما بالنسبة الى العيون الاصطناعية المُسبقة الصنع، فتكون مصنّعة بكميات كبيرة ومواد رديئة، وعادة ما يقوم شخص غير مختص بتركيب العين الاصطناعية المُسبقة الصنع.
- ما الآثار الجانبية السلبية التي تخلّفها العيون الاصطناعية المُسبقة الصنع؟
يعاني المريض من كثرة الالتهابات وضمور العين.
- ما أهمية تركيب العين الاصطناعية للمريض؟
العين الاصطناعية هي الحل الأمثل لكل من فقد عينه، حيث إن عدم تركيبها قد يسبب ضموراً في العين، ويعرّضها لكثرة الالتهابات، وبالتالي فقدان المريض الثقة في النفس وعدم رغبته في الاختلاط بالمجتمع.
- هل هناك أضرار جانبية تتأتّى من العين الاصطناعية؟
لا أضرار جانبية من العين الاصطناعية، ولكن المهم أن يتعرف المريض على نقاط مهمة وهي: إن العين الاصطناعية لها عمر افتراضي ولا بد من تغييرها كل ثلاث أو أربع سنوات، ولا بد من تلميعها كل ستة أشهر، وعند ملاحظة كثرة الإفرازات لا بد من استشارة طبيب العيون، وعدم استخدام عيون اصطناعية مُسبقة الصنع، أو مصنَّعة لدى اختصاصيين غير مرخصين، أو غير معتمدين دولياً.
- إعادة الأمل تُعد في حد ذاتها عملاً إنسانياً نبيلاً، كيف يشعر المرضى حين يرون النتائج، وما الحلول التي تقدمينها لهم؟
النتائج تختلف من مريض الى آخر وباختلاف درجة الإصابة. وهناك الكثير من الأشخاص الذين يضعون عيوناً اصطناعية ونجحوا في إخفاء ذلك عن عامة الناس. ومن الطبيعي أن يهدف الطبيب واختصاصي العيون الاصطناعية الى أن يكون الشكل العام للمريض طبيعياً جداً، فيبذلون قصارى جهدهم للوصول الى أفضل النتائج، ذلك كي يستطيع المريض ممارسة حياته بشكل طبيعي وتعود إليه ثقته في نفسه.
- هل من قصة إنسانية تذكرينها؟
زارت عيادتي فتاة جميلة جداً، وللأسف كانت قد فقدت بصرها على أثر تشوّه خلقي في العين، وكانت حالتها النفسية سيئة للغاية عند قدومها الى العيادة لاستشارتي، وحالتها كانت تتطلب تدخلاً جراحياً، ولكن والدها ومعظم أهلها عارضوا فكرة استئصال العين بينما هو كان حلّها الوحيد. بعد مرور ثلاث سنوات، تكررت زيارة المريضة للعيادة، وكانت تطرح الأسئلة نفسها، ولكن جوابي لها أنه لا بد من التدخل الجراحي أولاً. ومن ثم اقتنع الأهل بضرورة تركيب العين الاصطناعية لابنتهم، وتم ذلك بالفعل، والنتائج كانت أكثر من رائعة، وقد تزوجت الفتاة وأنجبت، وفي آخر زيارة لي قالت: «أنت بعثت فيّ الحياة من جديد، وأعطيتني الأمل، ومنحتني سعادة من الصعب وصفها».
- ما التحديات التي قد تواجهك؟
الصعوبة في مجال تصنيع العيون الاصطناعية تكمن في التحدي في عمل عين اصطناعية أقرب ما تكون الى العين الطبيعية، وهذا يتطلب مجهوداً من الاختصاصي، وبالتالي يحتاج الى صبر ومتابعة من المريض ورغبة ملحّة في العلاج.
- هل تتابعين كل جديد في مجال صناعة العيون الاصطناعية؟
بالطبع، أنا عضو في الجمعية الأميركية وأسعى للحصول على البورد الأميركي، ولذلك أسافر سنوياً مرتين لحضور مؤتمر في أميركا للاطلاع على كل ما هو جديد في عالم العيون الاصطناعية، كما أشارك في عدد من المؤتمرات التي تُعقد سنوياً في مجال طب العيون.
- ما النصيحة التي تقدّمينها الى الأمهات؟
أنصح الأم بضرورة إجراء الفحص الدوري لطفلها لدى طبيب العيون، لأن هناك الكثير من الأمراض التي يمكن علاجها في سن مبكرة، ولئلا يتعرض الطفل لفقدان البصر، إضافة الى عدم التهاون في استشارة طبيب العيون في حال لاحظت طفلها يشكو من ألم في العين أو كثرة الإفرازات منها، كما أُحذّر من خطورة الألعاب النارية والمفرقعات التي قد تفقد الطفل أحياناً نعمة البصر.-
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024